استطلاع أظهر أن «البيئة» و«الفقر» لا يستأثـران باهتـمامهم في منطقة الشرق الأوسط

90٪ من قادة الأعمـال يرون أن المسؤولية الاجتماعية تعزّز سمــعة شركاتهم

38٪ من قادة الأعمال في المنطقة لا يؤمنون بأهمية «الحد من الفقر». أ.ف.ب

كشف استطلاع أجرته «المجموعة الاستشارية للاستدامة»، التحالف الدولي الذي يضم مجموعة من الخبراء والاستراتيجيين المتخصصين في الاستدامة، عن تنامي إدراك قادة الأعمال في منطقة الشرق الأوسط بضرورة اعتماد المسؤولية الاجتماعية للشركات في صُلب أعمالهم التجارية.

وأجمع 90٪ منهم على أن التطبيق الملائم للمسؤولية الاجتماعية يمكنه الإسهام في تعزيز السمعة التجارية والابتكار والنمو.

وشمل الاستطلاع السنوي الثاني للمجموعة، الــذي شاركت فيه 151 مؤسسة وأجري على مدار أكثر من ستة أسابيــع خلال شهري مايو ويونيو الماضيين، عدداً كبيراً من مؤسسات الأعمال في ثماني دول في المنطقة، ويتخذ 60٪ من المشاركين من الإمارات مقراً لهم، في حين يتوزع الباقون على دول أخرى في المنطقة هي السعودية والبحرين وسلطنــة عمان وقطــر واليمن والأردن ومصر؛ وشاركت مؤسسات الأعمال من القطاعين العام والخاص بشكلٍ متســاوٍ في هذا الاستطلاع، وجاءت نسبة الاستجابــة الأكبر من المؤسسات العاملة في قطاع الطاقة، يليها قطاعا الخدمات والزراعة على التوالي.

المسؤولية الاجتماعية

وأعرب 90٪ من المشاركين عن اعتقادهم بأن برامج المسؤولية الاجتماعية ذات الصدقية تمكّن من بناء سمعة جيدة للشركة والحفاظ عليها، وأكد 80٪ منهم قدرة المسؤولية الاجتماعية للشركات على استقطاب عملاء جدد وتعزيز الابتكار، في حين رأى 70٪ منهم أنها تساعد على دخول أسواق جديدة، فضلاً عن تعزيز حصتهم الحالية في الأسواق.

وقالت المديرة المؤسسة لـ«المجموعة الاستشارية للاستدامة»، ماريا سيلانبا «نلمس بوضوح تزايد اهتمام مؤسسات الأعمال في المنطقة بالمسؤولية الاجتماعية للشركات، بعد أن كانت في السابق من الموضوعات الهامشية التي لا تعتمد إلا من قبيل فعــل الخير، وعنــد توافر الوقت والموارد؛ بينما يتفق عدد متزايد من المديرين التنفيذيين، اليوم، على اعتماد المسؤولية الاجتماعية للشركات في صلب استراتيجياتهم للأعمال، الأمر الذي يعكس نضج قطاعات الأعمال في المنطقة وحرصها على مواكبة الممارسات العالمية».

مؤشرات مقلقة

وعلى الرغم من هذه النتائج الإيجابية، أظهر الاستطلاع أيضاً بعض المؤشرات المقلقة تجاه مجموعة من القضايا المهمة التي تواجه المنطقة، فعلى سبيل المثال، لايزال عدد كبير نسبياً من قادة الأعمال لا يعيرون أهمية للقضايا البيئية مثل ترشيد استهلاك الماء، التغير المناخي، وإدارة النفايات.

وقالت سيلانبا «كما أشرنا في تقريرنا للعام الماضي، ونظراً للتوقعات الحالية للمنطقة المتعلقة بشح المياه والتغير المناخي، تعد هذه النتائج مقلقة إلى حد ما، لأنها تشير إلى أن عدداً من الشركات في المنطقة غير مهيأ للتأقلم مع التحولات في واقع الأعمال التجارية».

وجاءت الأرقام المتعلقة بالحد من الفقر مقلقة أكثر في تقرير هذا العام، بارتفاع عدد المشاركين الذين لا يؤمنون بأهمية هذه القضايا في استراتيجيات الأعمال بنسبة 10٪ مقارنة مع نتائج العام الماضي، إذ ارتفعت من 28 إلى 38٪.

 توجهات قادة الأعمال في المنطقة


خَلُص الاستطلاع الذي أجرته «المجموعة الاستشارية للاستدامة» إلى خمسة توجهات أساسية، يتوافق معظمها مع الاتجاهات العالمية السائدة في هذا المجال، وهي:

مواجهة المديرين التنفيذيين في المنطقة صعوبات في ربط القضايا البيئية بالربحية وتحسين الأعمال على المدى البعيد.

تزايد أهمية المسؤولية الاجتماعية للشركات.

نضوج الموقف من المسؤولية الاجتماعية للشركات.

ضرورة المبادرة الذاتية في اعتماد مبادرات فعالة للمسؤولية الاجتماعية للشركات عوضاً عن فرضها من قبل الحكومات والهيئات التنظيمية.

الاعتراف المتزايد بالمسؤولية الاجتماعية للشركات كإطار لنمو الأعمال في المستقبل.

الموارد البشرية

وقالت سيلانبا، وهي تمتلك سمعة دولية رفيعة كونها تعد واحدة من أبرز القادة في مجال المسؤولية الاجتماعية والاستدامة، إذ احتلت أخيراً المرتبة الثالثة عالمياً في قائمة أفضل 100 استشاري قيادي في هذا المجال: «يتواصل الاهتمام بالقضايا المتعلقة بالموارد البشرية مثل رفاهية وصحة وسلامة الموظفين، التوظيف واستمرارية الموظفين، الممارسات الأخلاقية، الحوكمة والشفافية، باعتبارها أحد أهم جوانب المسؤولية الاجتماعية التي يتحتم على قطاعات الأعمال في المنطقة معالجتها؛ في حين يقل الاهتمام بالقضايا البيئية مثل ترشيد استهلاك الماء، التغير المناخي، والوصول إلى الموارد، على الرغم من أن هذه القضايا استحوذت على اهتمام كبير من قبل وسائل الإعلام في الفترة الأخيرة، وكانت أحد الدروس المهمة التي توّصلنا إليها من خلال الاستطلاع».

وأضافت سيلانبا «لمسنا جهوداً حثيثة من قبل الحكومات والمجتمع المدني في المنطقة بهدف تعزيز الوعي حول القضايا البيئية وربطها بالمخاطر العملية التجارية التي يمكن لها أن تؤثر في مستويات الأداء والربحية، ونظراً للإطار الجغرافي السياسي والبيئي الذي نعيش فيه، تؤكد (المجموعة الاستشارية للاستدامة) إضافة إلى العديد من المشاركين في هذا الاستطلاع، أن هذه القضايا تستلزم اهتماماً عاجلاً في السنوات المقبلة».

تعزيز الإدراك

ومقارنة مع نتائج استطلاع العام الماضي، ارتفع عدد المشاركين الذين أكدوا أن للمسؤولية الاجتماعية للشركات أهمية أكبر في المناخ الاقتصادي الصعب من 50٪ في العام الماضي إلى 60٪.

وأشارت نتائج الاستطلاع إلى تطوّر مفهوم المسؤولية الاجتماعية للشركات من النهج التقليدي المقتصر على المبادرات الخيرية والإنسانية، ليصبح اليوم أكثر نضجاً وشمولية، وباتت شركات الأعمال في الوقت الحالي تدرك الفوائد التي يمكن أن تقدمها المسؤولية الاجتماعية للشركات متى ما اعتمدت في صلب الاستراتيجية العامة للأعمال.

وعرّف أقل من 8٪ المسؤولية الاجتماعية للشركات على أنها الاستثمار المجتمعي، مقارنة مع 17٪ في استطلاع العام الماضي.

وأشارت سيلانبا إلى أنه «ينعكس هذا النضج أيضاً في نظرة الشركات إلى دور حكومات في قضايا المسؤولية الاجتماعية للشركات، وخلافاً لنتائج العام الماضي، شهدنا ارتفاعاً ملحوظاً في عدد الشركات التي تعد المسؤولية الاجتماعية ليست مجرد برامج حكومية يتحتم عليها اعتمادها، بل بوجوب اعتمادها بمبادرة ذاتية، ما يضمن الاستدامة ونجاح أعمالها التجارية على المدى البعيد».

الإدارات المنظّمة

وعلى الرغم من أن نصف المشاركين في الاستطلاع أشاروا إلى وجود استراتيجية واضحة ومحددة للمسؤولية الاجتماعية في أعلى مستويات الإدارة، إلا أن العدد ينخفض بشكل ملحوظ عندما يتعلق الأمر بالإدارة المنّظمة لهذه البرامج، فعلى سبيل المثال، يعتمد 14٪ فقط من المؤسسات المشاركة معايير تقييم للمسؤولية الاجتماعية للشركات، كما يعد 11٪ منهم أن هذه المعايير جزء من المكافآت المالية.

ومن اللافت شبه تضاعف عدد المشاركين الذين صنّفوا وظيفتهم ودورهم ضمن المسؤولية الاجتماعية للشركات أو الاستدامة، حيث وصل هذا العام إلى 37٪ مقارنة مع 19٪ في العام الماضي؛ ويندرج 36٪ ضمن فئة الإدارة العامة، مقابل 14٪ في الاستطلاع السابق، ووصف 30٪ منهم دورهم الوظيفي كمتخصصين في الاستراتيجية وتطوير الأعمال، وهو ما يشكل تقريباً ثلاثة أضعاف نتائج العام الماضي.

وقالت سيلانبا «تظهر هذه الأرقام جديّة قطاعات الأعمال في المنطقة في التعاطي مع المسؤولية الاجتماعية للشركات، إضافة إلى سعيها المتزايد لاستحداث وظائف متخصصة في هذا المجال في شركاتها».

يشار إلى أن «المجموعة الاستشارية للاستدامة» حرصت منذ أكثر من ثلاث سنوات على لعب دور فاعل في مساعدة قطاعات الأعمال في منطقة الشرق الاوسط على وضع برامج مبتكرة للمسؤولية الاجتماعية للشركات والاستدامة.

 

تويتر