مصرفيان: «الخبرة الدولية» والتسرب الوظيفي يحولان دون تبوؤ مراكز تنفيذية في القطاع

6 مواطنين ضمن 20 رئيساً تنفيذياً في بنوك وطنية

«الإمارات الإسلامي» ضمن 6 بنوك يتقلد منصب الرئيس التنفيذي فيها مواطن. تصوير: أحمد عرديتي

أظهر رصد أجرته «الإمارات اليوم» أن ستة مواطنين فقط يشغلون منصب «رئيس تنفيذي» في ستة بنوك وطنية، يشكلون نسبة 30% من إجمالي 20 رئيساً تنفيذياً في 20 بنكاً.

وقال خبيران مصرفيان إن هناك عوامل عدة تقف وراء عدم تبوؤ المواطنين مراكز تنفيذية بشكل كامل في القطاع المصرفي، أسوة بالعديد من الشركات المساهمة العامة مثلاً، من أهمها ظاهرة تسرب المواطنين وظيفياً، خصوصاً عندما يصلون إلى المستويات العليا في إدارة البنوك، إضافة إلى تطلع مجالس إدارات البنوك إلى الخبرات الدولية، وتركز التوطين في أقسام معينة لا تسمح للمواطن بتراكم الخبرات المطلوبة لمنصب «الرئيس التنفيذي».

تغيير طريقة التفكير

رأى مدير تنفيذي إماراتي في بنك بأبوظبي، فضل عدم نشر اسمه، أن التقصير يكون في أحيان من جانب المواطن نفسه الذي يفضل عدم السفر والعمل في إدارة فروع البنوك الوطنية خارج الدولة.

وقال إن من شأن العمل الخارجي، لاسيما في القطاع المصرفي، أن يسد ثغرة نقص الخبرة الدولية، ويوفر تجارب وخبرات كبيرة.

ولفت إلى أن البنك الذي يعمل به عرض عليه العمل في دولة أوروبية لإدارة أعمال البنك هناك، لكنه فضل العمل داخل الدولة، على الرغم من أنها فرصة لاكتساب خبرة دولية في هذا القطاع الحيوي.

وتابع: «العديد من المواطنين العاملين في البنوك يفكرون بالطريقة نفسها، ولابدّ من تغيير هذه الثقافة التي تصب في غير مصلحة تبوؤ الكادر المواطن مراتب تنفيذية متقدمة في البنوك، مثلما حدث مع شركات مساهمة عامة كبيرة داخل الدولة يديرها مواطنون بخبرات دولية».

يشار إلى أن «الإمارات اليوم» أجرت مسحاً مشابهاً عام 2013، أظهر العدد نفسه للمواطنين في منصب «الرئيس التنفيذي»، إلا أن ما يلفت الانتباه أن عدداً لا يقل عن ستة بنوك من إجمالي 14 بنكاً، استبدل رؤساء تنفيذيين أجانب بآخرين من جنسيات أجنبية أيضاً، من دون اللجوء إلى الكوادر المواطنة.

«رئيس تنفيذي»

وتفصيلاً، أظهر رصد أجرته «الإمارات اليوم» أن ستة مواطنين فقط يشغلون منصب «رئيس تنفيذي» في ستة بنوك وطنية، يشكلون نسبة 30% من إجمالي 20 رئيساً تنفيذياً في 20 بنكاً.

كما أظهرت بيانات الميزانيات المدققة للبنوك الوطنية المدرجة في أسواق المال، وما أكدته الاتصالات التي أجرتها «الإمارات اليوم» بالمقار الرئيسة لهذه البنوك، تفوق الجنسيات غير العربية في منصب «الرئيس التنفيذي» للبنوك الـ14 المتبقية من حيث العدد، بواقع ثمانية رؤساء تنفيذيين أجانب مقابل ستة رؤساء تنفيذيين يحملون جنسيات عربية.

واشتملت الجنسيات العربية للرؤساء التنفيذيين على خليجي واحد يحمل الجنسية القطرية، وأردني، ومصري، فيما استحوذت الجنسية اللبنانية على نسبة 50% بواقع ثلاثة رؤساء تنفيذيين.

أما جنسيات الرؤساء التنفيذيين الأجانب، فتضمنت ثلاثة رؤساء تنفيذيين يحملون الجنسية الأسترالية، ورئيسين تنفيذيين يحملان الجنسية البريطانية، ورئيساً تنفيذياً هولندياً، وآخر هندياً، وثالثاً أميركياً.

ضعف التمثيل

وقال مدير معهد الإمارات للدراسات المالية والمصرفية في أبوظبي، صالح عمر عبدالله، إن هناك عوامل تسهم في ضعف تمثيل العنصر المواطن في أعلى الهرم الإداري للمصارف، منها تسرب المواطنين من القطاع المصرفي عندما يصلون إلى المستويات الإدارية العليا، وتوجههم للعمل الخاص، أو جهات أخرى لا يسمح بوجود صف من التنفيذيين المؤهلين لشغل منصب «الرئيس التنفيذي».

ولفت عبدالله إلى أن البنوك نفسها تتطلع لاستقطاب خبرات دولية يتم التعاقد معها وفقاً لعقود خارجية، فضلاً عن أن هناك تركيزاً على قطاعات معينة للتوطين في البنوك لا تسمح بتراكم الخبرات المطلوبة لمنصب «الرئيس التنفيذي».

وتابع: «غير صحيح ما يقال عن عدم قدرة العنصر المواطن على تحمل ضغوط العمل، أو تحمل المسؤولية والمخاطر في إدارة قطاع حيوي مثل المصارف، بدليل وجود كفاءات مواطنة في عدد كبير من الشركات المساهمة العامة».

برامج أكاديمية

لفت عبدالله إلى أن القرارات التي اتخذها مجلس الوزراء أخيراً، بأن يكون التوطين في القطاع المصرفي نوعياً وليس كمياً، أوجدت خبرات متراكمة لدى المواطنين تؤهلهم لشغل مناصب تنفيذية عليا في البنوك، وأكد أن المعهد يشجع المواطنين العاملين في القطاع المصرفي على الالتحاق ببرامجه الأكاديمية: دبلوم، أو دبلوم عالٍ، أو بكالوريوس، مشيراً إلى وجود تعاون مع جامعة «هارفارد» يتم من خلاله ابتعاث 15 مواطناً في السنة على نفقة المعهد، لتدريبهم وتأهيلهم على الوظائف التنفيذية في البنوك. وقال إن مثل هذه البرامج تؤسس وتوهل كوادر مواطنة تنفيذية يحتاج إليها القطاع المصرفي بشدة.

خبرة دولية

إلى ذلك، أكد الخبير المصرفي، يوسف عبدالله، وجود نقص في عدد المواطنين ذوي الخبرة الدولية، لافتاً إلى أن ذلك عائق مهم في التدرج الوظيفي داخل البنوك، إذ لا يخرج المواطن عن نطاق العمل في الإمارات، وبالتالي لا يمكنه المنافسة مع رؤساء تنفيذيين عملوا في مراكز مالية حول العالم، مثل ماليزيا وهونغ كونغ وغيرهما.

وتابع: «هذه الخبرات مهمة للبنوك، خصوصاً الكبيرة منها، التي لديها أعمال مصرفية خارجية»، مؤكداً أن البنوك الوطنية تحاول المنافسة العالمية، وتبحث عن أفضل الممارسات المعمول بها، وهذه أمور يفهمها ويجيدها المصرفيون الأجانب بفضل تنقلهم الوظيفي في مناطق عدة حول العالم.

لمشاهدة الموضوع بشكل كامل، يرجى الضغط على هذا الرابط.

تويتر