الفيلم المصري نجا من فخ «ليلة في المتحف»
«الحرب العالمية الثالثة».. ضد «التابــــوهات»
«هذا الفيلم ليس مسروقاً من فيلم ليلة في المتحف.. لكنه شبهه أوي».. جملة بدأ بها الفيلم المصري الجديد «الحرب العالمية الثالثة» كي لا يعطي فرصة للمقارنة بينه وبين الفيلم الأجنبي «ليلة في المتحف» الذي أخرجه شون ليفي، ونجح الفيلم المصري فعلاً في هذه المهمة.
«الحرب العالمية الثالثة»، الذي يعرض في دور السينما المحلية، من إخراج أحمد الجندي، وبطولة الثلاثي شيكو وهشام ماجد وأحمد فهمي، كسر مفهوم تقديس الشخصيات، وأكد أن فكرة الحب والسلام هي الباقية، معتبراً العنف والقتل والإجرام منظومة عابرة، ضمن قالب كوميدي، انتقل فيها المشاهد إلى أروقة متحف يضم تماثيل لشخصيات عالمية أثّرت في مجريات التاريخ، بداية من توت عنخ آمون، مروراً بمحمد علي باشا وبوب مارلي، وليس انتهاء بهتلر وغيرهم، حيث اعتمدت الحكاية على شقين من هذه التماثيل، الشق الخيّر، والآخر الشرير.
وتبدأ الحكاية مع خميس الولد العاق الذي يدخل والده دائماً في مشكلات مع أبناء حارته، يدعي خميس أنه يتقن كرة القدم، وفي إحدى المباريات يفقد الكرة التي تخترق زجاج قصر كبير، تجعله يدخل هذا القصر ليكتشف مجموعة كبيرة من التماثيل الشمعية، لشخصيات عالمية تقف شاخصة وثابتة في مكانها، وفي الوقت الذي تؤشر فيه الساعة على تمام الخامسة، تتحرك التماثيل وتتحول إلى بشر، ويتفقون على إعدام خميس الدخيل على حياتهم، لكن مع ظهور الشخصية الأسطورية الكرتونية علاء الدين تتغير مجريات الأحداث، ويدخل خميس في عقد صفقات كي ينجو.
شخصية خميس التي ظهرت في الفيلم كانت عبارة عن الشاب المستهتر الذي لا يفكر إلا في مصلحته، لكن مجريات الأحداث تؤكد أن هذا المستهتر كان ينتظر فرصة ليعبر عن كمية الغضب التي في داخله، وهذا فعلاً الذي حدث.
سيناريو الفيلم مميز، وفيه الكثير من الإسقاطات، الغريب أنك كمشاهد قد تغضب حيناً عندما ترى شخصية محببة إليك وقد تم تصويرها بشكل ساخر، كغاندي على سبيل المثال لا الحصر، الذي ظهر في المشهد الأول الذي قررت فيه التماثيل معاقبة خميس وأضافت إلى التهم الموجهة إليه: تهمة محاولة التحرش بالزعيم غاندي.
ينقل الفيلم بشكل عاطفي شخصيات التماثيل إلى العصر الحديث، يظهرهم وكأنهم يريدون مواكبة العصر، لكنهم لا يتنازلون يوماً عن الحق، وهذا الذي جمعهم، وجعلهم يقررون طرد هتلر من بينهم، ما شكل حقداً داخل نفس الزعيم النازي الذي ساعدته مديرة المتحف يوماً ما بإعادة الحياة إليه من خلال تعويذة مخبأة في أحد التوابيت التي يحتفظ بمفتاحها توت عنخ آمون، الذي هو الآخر ظهر بشخصية لا تتناسب مع ما قدمه إلى مصر.
يحلم علاء الدين بالسفر إلى أميركا، وتحديداً إلى ديزني لاند، وهذا كان بداية الاتفاق بينه وبين خميس الذي وعده بإخراجه من المتحف إذا ساعده على السفر، ويضع عليه علامة تؤكد أنه صلاح الدين الأيوبي، الذي يستطيع حسب قانون والدة توت عنخ آمون، أن يسيطر على المتحف ويصبح الملك، لكن خميس يغدر بعلاء الدين، في المقابل تظهر شخصية هويدا مديرة المتحف التي تستغل خميس للحصول على الكتاب الذي يحمل كل التعويذات القديمة الفرعونية، فتُحضر هي وهتلر جيشاً من الشخصيات الشريرة، مثل أبولهب، وريتشارد قلب الأسد، وريا وسكينة، وغيرهم، كي يسيطروا على مصر، وتقوم هي بتهريب الآثار، وتستفيد من ذلك مادياً، بينما يعيد هتلر مجده النازي لأنه قرر العودة لينتقم.
يقع خميس في الفخ، خصوصاً بعد حصوله بمساعدة علاء الدين، الذي اقتنع بجواز السفر الذي قدمه إليه خميس على أنه يستطيع الرحيل به، مع أنه يدرك خطورة وقوع الكتاب في يد هويدا، إلا أن حلم كليهما تخطى مصلحة الوطن، فقد نبه علاء الدين خميس إلى أن ما يحمله يشكل ثروة، ونصحه بمساومة هويدا، لكن الأخيرة وتمثال هتلر كانا أقوى من خميس.
تتكشف الحيل والخيانات التي حدثت، ويعود توت عنخ آمون، بعد أن ألقوا به في البحر، إلى المتحف، ليؤكد أنه رأى مطعماً سورياً في القاهرة، في إشارة إلى حال السوريين وتشتتهم في كل مكان، فخيّم الحزن على التماثيل، لكنها اتحدت فجأة ، حتى إن علاء الدين قرر أن يكون له دور في إنقاذ ما يستطيع إنقاذه، بعد دخول جيش هتلر من الشخصيات الشريرة عبر التاريخ إلى المتحف، وبدأ في قراءة تعويذات جعلت أحد الأهرامات تختفي من قلب القاهرة.
علاء الدين رغم محاولته الهرب لشعوره بالدونية، لأنه في النهاية شخصية كرتونية أسطورية وليست حقيقة، ما جعله مضطهداً طوال وجوده في المتحف، حسب ما قاله، قرر أن يتحول إلى شخصية تاريخية من خلال إنقاذ من كان بينه وبينهم عشرة عمر، فينجح في العثور على خميس المعتقل في بيت هويدا، والذي سبق وتكلم مع رأس صلاح الدين الأيوبي محرر القدس، الحوار بينهما كان عميقاً وفيه رسالة: أن من يريد أن يتحرر ليس من الضروري انتظار صلاح الدين، والإشارة كانت واضحة في ذوبان رأس صلاح الدين أمام شمعة، فيقرر علاء الدين وخميس التصدي لجيش هتلر، مستعينين ببغاء هويدا الذي حفظ تعويذة إخفاء التماثيل.
الكوميديا في الفيلم التي تخللتها حوارات من الممكن أن تمر مرور الكرام على من لا شأن له بمجريات السياسة وألاعيبها، استطاعت أن تختصر مفهوم الحب والسلام الذي يجمع بين الأشخاص الذين تهمهم المصلحة الإنسانية على وجه الخصوص، وعلاء الدين، تلك الشخصية الكرتونية، ضحى بحياته مقابل إنقاذ تلك الشخصيات التاريخية.
الفيلم فيه حكايات كثيرة، وأهميته تكمن في عناصر عدة، فالتمثيل للثلاثي شيكو وأحمد فهمي وهشام ماجد، يعيد إلى السينما ذكرياتها مع الثلاثي سمير غانم وجورج سيدهم والضيف أحمد، فثمة كيمياء واضحة تجمع الثلاثي، وتجعل الفنانين الشباب يصرون على استمرار مسيرتهم معاً، متحدين نجوم الصف الأول في تقديم المختلف. ومن المنصف أيضاً الإشارة إلى أن أهم دور تمثيلي كان من نصيب الفنان الراحل يوسف عيد، الذي أدى دور المطرب العالمي بوب مارلي، إذ قدمه كمطرب يغني الأغاني الشعبية المصرية والمواويل. فالفيلم رغم أنه استوحى فكرة من فيلم «ليلة في المتحف»، إلا أنه قدم فكرة جديدة على السينما العربية، تحدت المحظور في ما يتعلق بالمساس بالشخصيات التاريخية التي لديها معجبوها، ويعتبرونها مقدسة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news