مطعم إيطالي في أبوظبي قرر أن يعرض فيلماً كل أسبوع

«تسعة».. السينما تتحدث عــــــــن الناس

أسماء كبيرة في الفيلم الذي يدور حول محاولة مخرج سينمائي صناعة فيلم. أرشيفية

من الجميل أن تتلقى دعوة لمشاهدة فيلم في المطعم الإيطالي «كيبيريني» في جزيرة ياس أبوظبي، الذي قرر أن يدخل الثقافة كنوع من أنواع الجذب، لكن من المحبط أن تصل إلى المكان ــ وهو مجهز بشكل كامل لاستقبال محبي السينما ــ وترى المقاعد خالية إلا من بضعة أشخاص لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة، مع أن الفيلم الذي تم عرضه يعتبر من أجمل الأفلام التي تم صنعها في الـ10 سنوات الماضية المأخوذة من رائعة فيلليني، وحمل عنوان «تسعة»، وأنتج عام 2009 للمخرج بوب مارشال، الذي صنع سابقاً فيلم «شيكاغو»، وبطولة كوكبة من الفنانين دانيل دي لويس، بينلوبي كروز، جودي دانيش، نيكول كيدمان، كايت هادسون، وصوفيا لورين.

لمشاهدة الموضوع بشكل كامل، يرجى الضغط على هذا الرابط.

ومع شح نوعية الأفلام التي تعرض في دور السينما المحلية، بسبب الموسم المرتبط بفصل الصيف، والخيارات المحدودة، بسبب الإجازات الصيفية، وغيرها من العوامل، ترى في هذا المكان أو غيره من الأماكن التي تقدم الخدمات نفسها مخرجاً يقدم إليك عرضاً من الممكن أنك شاهدته سابقاً، وليس سيئاً أن تشاهده مرة أخرى لتثبيت ذائقتك البصرية في جل ما يعرض من أفلام، معظمها يعتمد على الآكشن، ولو فترة بسيطة.

الفيلم بدأ مع أجواء سينمائية جميلة من حيث الإضاءة والصوت وفرها المكان، وحالة الاسترخاء كانت حاضرة، خصوصاً مع المشاهد الأولى منه التي تنذر بأهمية ما سيقدم لاحقاً، وبسبب الجو الحميمي في المطعم، فمن السهل لمس أحاديث جانبية لها علاقة بالفيلم من حيث إبداء الإعجاب اللحظي في لقطة معينة أو جملة.

أسماء كبيرة في الفيلم الذي يدور حول محاولة مخرج سينمائي صناعة فيلم، لا تتبلور فكرة السيناريو برأسه أبداً، حالة يأس وضياع لها علاقة بتاريخ من صناعة الأفلام تحتاج إلى الجديد، وهذا الجديد على ما يبدو لن يكن إلا بثورة مع النفس، ارتآها جويد وكونتينبي، وهو اسم بطل الفيلم، أن يبحث عن معنى الالهام، من خلال النساء بحياته.

يقول محمد أحمد (40 عاما): «وجدت في الفيلم العديد من الخيوط الجذابة، التي من شأنها أن تشد عين المتلقي إلى النهاية دون ملل، من خلال لوحات فنية تدور في خيال المخرج، يريد أن يطبقها في الواقع، هذا الواقع الذي وضعه في مواجهة مع نفسه في كثير من المطارح»، مؤكداً أن «وجود هذه النوعية من الأفلام التي من الممكن أن تكون غابت عن المشاهدين، وإعادة عرضها بهذه الطريقة الحميمة من شأنه نشر ثقافة سينمائية في المجتمع».

في المقابل، قالت هلا البارودي (33 عاماً): «الفيلم رائع، ومليء بالحكايات التي تتصادم مع النفس البشرية، وتجسيد كل هذه المشاعر عبر لوحات فنية راقصة وحوارات غاية في الأهمية يعطي إحساساً بأنك جزء من الفيلم».

كل امرأة في الفيلم كانت حاضرة بقوة، قوة دورها، وقوة تاريخها الفني، صوفيا لورين التي تؤدي دور الأم، والتي تظهر على شكل أحلام لابنها المخرج، هي قصة الضمير المرتبط بعلاقة دينية حيناً، وأخلاقية حيناً، بينيلوبي كروز، في دور العشيقة المشاكسة التي عندما تظهر وكأنها بركان يفجر كل من حوله، طريقة أدائها في الفيلم، وخفة ظلها، وجمالها، ورشاقتها، أضف الكثير من عناصر الجذب في الحكاية، أما نيكول كيدمان، وهي الممثلة الملهمة للمخرج التي تظهر بدور الهادئة المشاغبة أحياناً، الذكية، أما كيت هيدسون التي جسدت دور صحافية متخصصة في عالم الأزياء، فكان حضورها مربكاً لشخصية المخرج الذي اعتقد أنه قادر على ترويضها، ومن النساء في حياته أيضاً جودي دينيش التي لن تتوقع كمشاهد أن تراها ترقص على المسرح، وقد فعلت، وأخيراً زوجته لويزا، التي تشكل مرحلة عودة دائمة للمخرج الذي يلقب بالمايسترو في الفيلم، النساء في حياته كثيرات، وهو قرر بنرجسية ما أنهن تحت امرته، لكن الموازين تنقلب جميعها أثناء الفيلم، والثورة على النفس لن تكون معه فقط، بل في حياة كل امرأة ارتبط بها، مهما كان شكل هذا الرابط.

وجدت نينوى محمد (30 عاماً) أن «الفيلم وضع يده على جرح منتصف العمر المرتبط بالإبداع، مع كل هذا الصخب حول المايسترو، الذي تعتقد لوهلة أنه يعيش حياة كاملة»، مؤكدة أن «نهاية الفيلم عبقرية في طرحها، واختصر حياة كاملة يعيشها الجميع».

فمن ضمن مشاهد الفيلم عبارة تقولها مصممة الملابس التي تعمل معه، وهي التي تظل تسانده حتى بعد أن أصبح وحيداً «مشكلتك ليست صناعة الفيلم، مشكلتك هي أنت»، وكأنها تريد أن تؤكد على ضرورة التحرر من كل القيود التي تربطه بذكريات الماضي، خصوصاً علاقته مع الطفل في داخله الذي يتصالح معه في نهاية الفيلم، بعد غياب سنين، ويعود في مشهد حالم وهو يحمل الطفل ويجلس على كرسي الإخراج ويصرخ «آكشن».

من المفيد، الذي يعمل على تغيير ثقافة المشاهدة السينمائية، أن تتم متابعة اين تعرض مثل هذه الأفلام، فالسينما ليست «آكشن» فقط، بل هي عالم من الأجوبة لكثير من الأسئلة التي قد تكون عالقة في ذهنك.

تويتر