وجّها دعوة مجتمعية إلى تسليم المقتنيات الشخصية من وثائق تتعلق بتاريخ الإمارات

«جمعة الماجد» و«حمدان بن محمد» معاً لحماية الـتراث

جمعة الماجد وعبدالله حمدان بن دلموك خلال توقيع اتفاقية التعاون. تصوير: أحمد عرديتي

ناشد رئيس مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث، جمعة الماجد، جميع الأفراد ممن يمتلكون وثائق تتعلق بتاريخ وتراث دولة الإمارات، تقديمها إلى المركز، من أجل الحصول على نسخة مصورة منها، مؤكداً أن مهمة صون وحماية التراث لا يمكن أن تكون مهمة مؤسساتية فقط، أو حتى أكاديمية، بل هي مهمة مجتمع بأكمله، وهي الدعوة ذاتها التي أطلقها أيضاً مركز «حمدان بن محمد لإحياء التراث».

وأشار الماجد إلى أن هناك مسؤولية علمية تتعلق بأهمية وصول المادة التراثية إلى الباحثين، من أجل تحقيقها وإجراء البحوث والدراسات التي يحتاجون إليها بسهولة ويسر، وتفادي الجهد الكبير الذي يبذل في إطار الجمع الميداني، وادخاره في نطاق مراحل أخرى تتعلق بالبحث والتوثيق، مشدداً على أن المركز سيحصل فقط على نسخة من الوثيقة التي ستقدم له قبل إعادتها إلى مقدمها.

وأضاف الماجد: «هناك وثائق كثيرة تتعلق بالتاريخ والتراث المحليين بحاجة ماسة إلى إنقاذ وترميم، وتحويلها إلى الحفظ الرقمي الذي يبقى أكثر قابلية للاستفادة البحثية، وأكثر قدرة على تجاوز عوامل التلف والفقدان، وهو ما يستدعي تضافر كل الجهود المخلصة، من أجل تحقيق غاية صون التراث.

جاء ذلك خلال مؤتمر صحافي استضافه مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث، للكشف عن توقيع اتفاقية شراكة بين المركز، ومركز حمدان بن محمد لإحياء التراث، بحضور جمعة الماجد، والرئيس التنفيذي لمركز حمدان بن محمد لإحياء التراث، عبدالله حمدان بن دلموك.

وأكد الماجد عزم الجهتين على أن تتجاوز الاتفاقية الجديدة إطارها البروتوكولي إلى صيغة عملية يستفيد منها المجتمع في المقام الأول، من خلال تضافر جهود مؤسستين متميزتين في هذا المجال، مضيفاً: «لا مجال للتقيد هنا بالإطار التقليدي لاتفاقية شراكة، بل سيتم تفعيل كل ما هو ممكن تفعيله، من أجل خدمة الثقافة والتاريخ والتراث المحلي، من خلال هذه الشراكة الجديدة».

وطالب الماجد كل المراكز البحثية بأن تبدي مزيداً من التعاون مع الباحثين، مضيفاً: «يجب أن يتم الإفراج عن الوثائق التاريخية على نحو يجعلها بين يدي الباحثين، ولا تظل حبيسة الحفظ، لأن الجهد البحثي في الحقيقة هو الوسيلة الوحيدة لتحقيق التراث».

وأكد الماجد أن المركز استلهم رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، بأن تكون الإمارات الرقم واحد على مستوى العالم، مضيفاً أن «هذا بالفعل قد تحقق بعد أن أصبح مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث الأول عالمياً في حفظ الإرث التراثي والثقافي»، مشيراً إلى اقتنائه أكثر من 500 ألف مخطوطة، فيما يتم يومياً طباعة ما يقرب من 10 آلاف مخطوطة منحت للمركز من كل أنحاء العالم، وهذا دليل على الثقة التي يمنحها المركز للباحثين».

وأعرب الماجد عن أمله في أن تسهم الشراكة الجديدة بشكل إيجابي في خدمة الباحثين في كل مكان، مؤكداً أن جهود مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث تبقى ذات أهمية كبيرة في مجال صون التراث، على الرغم من أن المركز لم يمض على تأسيسه الرسمي سوى أقل من عامين.

وقال الرئيس التنفيذي لمركز حمدان بن محمد لإحياء التراث عبدالله حمدان بن دلموك، إن «هذه الاتفاقية تصب بشكل مباشر في إطار تنفيذ توجيهات سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي، من أجل حفظ التراث وتوثيقه ورفده بالأبحاث والدراسات والبحوث، حيث تتيح الاتفاقية إرساء أسس التعاون وتحقيق الاهداف المشتركة، وتبادل وتكامل المعلومات والاستفادة من الخبرات، والتنسيق بين مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث ومركز جمعة الماجد للثقافة والتراث».

وأشار بن دلموك إلى أن مركز حمدان بن محمد سيستفيد من خبرة مركز جمعة الماجد بشكل خاص في مجال تحقيق التراث، لاسيما أن كثيراً من المعلومات المتداولة لايزال بحاجة إلى جهد بحثي، من أجل توثيق محتواها المعلوماتي، محيلاً إلى بعض الأمثلة التي ترتبط بتضارب تواريخ نشأة مؤسسات حديثة في الدولة، منها مدرسة الأحمدية بدبي.

ورأت مديرة إدارة الدراسات والبحوث في مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث، أمينة خميس الظاهري، أن الاتفاقية تأتي بمثابة مرحلة جديدة من مراحل تحقيق التراث المحلي في مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث، في إطار التواصل الإيجابي بين المؤسسات الثقافية في الدولة وتعزيز التكامل بينها، واستكمال جهود توثيق التراث والانتفاع به، والحرص على تبادل وتكامل المعلومات، ومتابعة آخر التطورات وتوفيرها أمام الباحثين. وأشارت الظاهري إلى أنه سيتم وضع آلية عمل محكمة وتعيين لجنة من الجانبين للإشراف على مجالات التعاون وتطويره، للتغلب على كل التحديات المستقبلية، لافتة إلى أن من محاور الاتفاقية تنسيق الجهود بين الطرفين. وكشفت الظاهري عن التوصل إلى آلية يقوم بموجبها المركزان بإحاطة بعضهما بعضاً بالمشروعات وبرامج العمل ذات الاهتمام المشترك، منها إعداد الدراسات والندوات واللقاءات العلمية، إلى جانب تنظيم الدورات التدريبية، والإسهام في إعداد المقترحات والبرامج.


بن دلموك: تخطيط للمستقبل

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2014/10/204715.jpg

ربط الرئيس التنفيذي لمركز حمدان بن محمد لإحياء التراث، عبدالله حمدان بن دلموك بين الأبحاث التراثية وتحقيق المحتوى بشكل علمي ممنهج، وبين توفير المعلومات الصحيحة التي تفيد في بناء المجتمع، ومن ثم التخطيط للمستقبل وبناؤه. وأضاف بن دلموك لـ«الإمارات اليوم»، أن «الكثير من المعلومات التاريخية تتجاوز فائدتها مجرد القيمة المعلوماتية المجردة، وصولاً إلى استشراف آفاق المستقبل، فبعض المعلومات حينما يتم التحقق من صحتها، وتتوافر أمام صانع القرار، تشكل على نحو غير مباشر مفردات صياغة قرارات عصرية ذات صلة وثيقة بواقع المجتمع».

ولفت بن دلموك إلى أهمية إخضاع المحتوى التراثي لأدوات باحثين متخصصين، مضيفاً: «التاريخ ليس سرداً مجرداً، والتراث ليس ثيمات جامدة، وربما وردت معلومة شديدة الأهمية في ثنايا بيت شعري، أو مقولات يستلزم تحقيقها، لذلك فإن الحاجة ماسة لاستدعاء كل الجهود المخلصة».

جمعة الماجد: وفاء للمجتمع

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2014/10/204714.jpg

قال جمعة الماجد إن «المبادرة بتقديم وثيقة ذات محتوى يتعلق بتاريخ أو تراث الدولة هي وفاء للمجتمع، ودليل على الوعي القيمي والحضاري الذي يتمتع به المبادر». وأضاف الماجد: «لا يمكن أن يقوم مركز أو مبادرة بجهود حقيقية في غياب هذا الوعي بأهمية التراث، ومساندة مختلف الشرائح العمرية في صونه»، موضحاً: «رغم آلاف الوثائق التي يعالجها المركز بشكل دوري، إلا أنه لاتزال هناك وثائق عديدة بحاجة ماسة إلى الترميم والصيانة، أو حتى التحقيق». وأكد جمعة الماجد أن الباحثين يبذلون جهوداً مضنية في هذا المجال، في ظل صعوبة الوصول إلى تلك الوثائق، مطالباً المراكز المختلفة بإبداء مرونة أكبر في استيعاب ما يطلبه العمل البحثي، وتوفير ما يمتلكونه أمام الباحثين.

أمينة الظاهري: مبادرة «خلاقة»

وصفت مديرة إدارة البحوث والدراسات في مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث، د.أمينة الظاهري، الشراكة الجديدة مع مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث بـ«المبادرة الخلاقة».

وأضافت: الباع الطويل الذي يتمتع به مركز جمعة الماجد في مجال تحقيق التراث سيثري دراسات وجهود مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث، كاشفة عن امتلاك المركز ذخيرة بشرية هائلة، ممثلة في الباحثين الميدانينن الذين يقومون بجمع المفردات والموروث التراثي من مصادره الأصلية في مختلف إمارات الدولة، فضلاً عن الباحثين الأكاديميين الذين يتعاونون مع المركز من خلال الجامعات المختلفة.

وكشفت الظاهري أن مبادرة «وثيقتي» التي أعلن عنها المركز لاتزال قائمة، وسيتم الكشف عن تفاصيلها قريباً، مشيرة إلى أن أقرب الإصدارات في الوقت الحالي هو جهد بحثي للقاصة مريم جمعة، يتمحور حول فترة الغوص واستقصاء جانب كبير من الموروث الشعبي الذي كان سائداً في تلك الفترة.

تويتر