يحلّق غالباً في عوالم مختلفة
سلطان فيصل يطلّ روائياً بـ «قميص يوسف»
بين مقدمة سريعة، ومذكرات ممتدة الصفحات لصوت وحيد، وملحق إفادات لثلاث شاهدات، وهوامش توضيحية.. تتوزع رواية «قميص يوسف» للكاتب الإماراتي سلطان فيصل الرميثي، الذي أبى إلا أن تكون إطلالته الروائية الأولى مثيرة للجدل؛ تحلّق غالباً فتنثر الكثير من الشجون.
عن الكاتب • سلطان فيصل، صاحب عمود أسبوعي في «الإمارات اليوم». • «قميص يوسف» أولى إطلالاته الروائية المنشورة. • «بين الراوي والكاتب» هو مقدمة الرواية. |
يمتلك صاحب «قميص يوسف»، التي صدرت عن دار كتّاب الإماراتية، أدواته، يعرف كيف يصنع عالماً تشويقياً، يجعل المتلقي مشدوداً - في الأغلب - إلى عوالمه السردية، يحاور اللغة ويناورها، يجعل من المذكرات مساحة للفضفضة؛ لكن بناء «القميص» الروائي أفلت في بعض الزوايا التي كانت بحاجة إلى إعادة نظر.
رواية «قميص يوسف» التي تقع في 297 صفحة؛ يستولي على حيزها الأكبر صوت وحيد، أو بالأحرى قلم سطّر حكاية صاحبه على قميص، بعدما ضنّ عليه السجّان بأوراق وأقلام، واضطر السجين «يوسف سالم» إلى البحث عن وسيلة مختلفة، حينما اشتدت الرغبة بداخله كي يروي حكايته، ويدعها لكي يتلقفها الكاتب بعد ذلك، إذ عثر على القميص، وحقق رغبة صاحبه في نشر قصته، مضيفاً إليها مقدمة وهوامش وإفادات.
قد تبدو حيلة القميص، الذي تحوّل إلى أوراق تسجل سيرة حياة «يوسف» لدى البعض مقبولة، وعند آخرين غير ذلك؛ لكن هكذا ارتأى الكاتب، وله مطلق الحرية في فرض حيله الفنية، وفي المقابل يمتلك القارئ هو الثاني حقه في الاقتناع وعدمه، حتى إن كان يطالع عملاً عماده الخيال المشيد على ما يمكن تصوره، خصوصاً إذ تعلقت الحال بركن ما ينطلق منه المبدع، وليس مجرد هامش يمكن التغاضي عنه.
ولا تعد حكاية «القميص» وحدها هي التي تستوقف القارئ في الرواية، فثمة أيضاً «نسوة يوسف»، وحكاياته معهن، ونظرته إليهن؛ بداية من «علياء» التي تمت خطبتها ليوسف وهو جنين؛ وتزوجها بعد ذلك؛ مروراً بمي (الزوجة الثانية)، وكذلك زينة أو زينب (الوسيط بين يوسف والزوجة الثانية، التي ستوضح إفادتها في نهاية الرواية أدواراً أخرى حسب ما ذكرت في الصفحات الأخيرة من العمل).
موقف الراوي من مدينته، التي لا يحدد لها اسماً، محطة مهمة في «قميص يوسف»؛ إذ لا تصفو العلاقة بينهما، تبدو المدينة «امرأة أخرى» يبحث يوسف عن وجه مختلف لها كيما يحبها، أو حتى تشعره هي بذلك، بعيداً عن مؤثرات والده القاضي، وأمه الغريبة عن المكان، فالمدينة وأهلها موزعو النظرة إلى الابن، يتحكم في ذلك احترام الأب، وعدم قبول الأم التي حاولت التمازج معهم، فيما لم يسمح لها بذلك، وهذا ما عمّق الفجوة بين المدينة ويوسف، وجعله يبحث عن فضاء آخر، إذ يلقي بذاته وهمومه إلى العاصمة، مع أول فرصة يجدها هناك، وفي براح العاصمة يعثر على جانب آخر من شخصيته، كما يقترن بأنثى، ويدخل في تفاصيل حكاية مركبة جديدة ذات نهاية تعيسة.
ومن أجواء الرواية، والجزء الخاص بمذكرات يوسف: «هكذا نشأت في مدينتي؛ بسيط التفكير، أدور مع أفراد مدينتي في محيطهم نفسه، أخفي الكثير عنهم خشية أن أعرض عائلتي ونفسي لحرج ملامتهم وتجريحهم، خرجت من باب سيارة الدي العتيقة إلى باب المدرسة صباحاً، ومن باب المنزل إلى باب المسجد مساء. مرّ عليَّ الوقت وتتابعت بسرعة الأحداث في حياتي لتتنوع تلك الأبواب: باب السينما، باب المقهى، باب المصرف.. كل حياتنا أبواب تفتح وتغلق؛ تبدأ الرحلة بخروجنا من أبواب المشافي أطفالاً، نلهث خلف أبواب الرزق، نطرق أبواب الخير والشر، وتنتهي بدخولنا من باب الخروج نفسه جثثاً باردة. نفسي قد مضى بي العمر نحو 30 عاماً، وها أنا أحمل مؤهلاً جامعياً، وأعمل كاتب حسابات في مصرف إسلامي، وأعيش تحت سقف واحد مع ابنة الجيران التي تزوجتها قبل ثماني سنوات وزقت منها ثلاث بنات».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news