يقدم الخط العربي في شعلة الأولمبياد للرياضات الجوية ومجموعة من تصاميم الجوائز التكريمية

مطر بن لاحج.. أشكال أخرى للإبداع

صورة

المنحوتات الضخمة؛ ليست الإنتاج الوحيد الذي يميز مسيرة الفنان الإماراتي مطر بن لاحج، إذ قدم مجموعة من القطع البارزة في الجوائز التكريمية؛ وصمم دروعاً يمكن تسميتها منحوتات صغيرة؛ كونها تشتمل على أبعاد فنية سواء من حيث التنفيذ أو حتى المضمون الفكري، والتي تمثل جانباً إبداعياً آخر في مسيرته، وكان آخر هذه الأعمال التي قدمها بن لاحج، الشعلة الخاصة بأولمبياد الرياضات الجوية، والذي سينطلق في نوفمبر المقبل، وحرص الفنان الإماراتي على تضمينها الحرف العربي، مساهمة منه في تعزيز مكانة اللغة العربية وإيصالها للخارج.

سيرة فنية

يعتبر الفنان مطر بن لاحج من الجيل الثاني من الفنانين الإماراتيين، وقد تميزت تجربته بتعدد اختلاف الوسائط الفنية وتنوعها، فقدم أعمالاً في الرسم والنحت والتصوير. تدرج في تعلم أنواع الفنون بصفة فردية، فكان له أسلوبه الخاص في كل أعماله الفنية. كوّن مدرسة خاصة في تنفيذ الأعمال الفنية، خصوصاً أنه تعمد اخراج أعماله بشكل يحتضن المعدن بأسلوب متمرس. أسّس مرسم مطر عام 1992، والذي افتتح للجمهور عام 2003، وقدم من خلاله المعارض الجماعية لجميع فئات الفنانين فيدعم الشباب بشكل بارز. وتميزت مسيرته بالمنحوتات الضخمة التي عرضت في الأماكن العامة، ومنها أقمار الغفران، الموسوعة، انبعاث، لغة تنعى نفسها، الى جانب منحوتات مهمة ومنها، انصهار، أيقونة افتتاح ترام دبي (اتزان)، وأيقونة الطيران المدني (جذور عربية)، مطويات الأمثال. يذكر أن بن لاحج شارك في العديد من المعارض الدولية، في فرنسا وتركيا وكندا والولايات المتحدة الأميركية وألمانيا ودار بونهام.

تحدث مطر بن لاحج عن هذا الجانب الابداعي في حياته، والذي تكرس من خلال تصميمه مجموعة من الجوائز قائلاً: «لدي شغف في انتاج القطع الفنية البارزة والمهمة، وعندما قررت أن أخوض هذا المجال قررت أن أخوضه بقناعة كوني سأقدم أشياء مميزة، وكانت أولى الجوائز التي قدمتها الجائزة التقديرية التي قدمت من سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي، إلى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وكان ذلك في حفل التكريم الخاص بجوائز الأداء الحكومي، والتصميم كان عبارة عن لؤلؤة، تفتح من الداخل، ويدخل عليها نوع من التكنولوجيا، وفيها دوائر وبيت شعر قيل في سموّه، وكتبته على شكل حلقة حين تُلمس، تعمل التكنولوجيا داخل الحلقة وتظهر الخيل التي تركض. ولفت الى أن هذه القطع الفنية فيها فرصة لإظهار نوع مختلف من الإبداع، مشيراً الى أن القطعة الثانية، كانت الدرع الخاصة بجائزة حمدان بن محمد للتصوير الضوئي، التي وضع فيها قيمة الديمومة والبروز، منوهاً بكونها تعتبر من أغلى الجوائز. وأشار بن لاحج الى أن هذه الدرع تحمل قيمة إضافية إلى جانب التصميم، كونها تشتمل على المعلومات التي ترتبط بدورات الجائزة، كأسماء الفائزين وأسماء الدورات. وأضاف «كما كانت هناك جائزة الشيخ ماجد لألعاب اللياقة، حيث إن الكأس الرئيسة من تصميمي، في حين أن الجائزة التقديرية التي قدمت لسمو الشيخة هند بنت مكتوم بن جمعة آل مكتوم، التي منحت عن طريق هيئة الصحة، كانت من تصميمي، وكذلك صممت منحوتة الجائزة التقديرية لسمو الشيخ أحمد بن سعيد في حفل تميز السيدة العربية ليوم المرأة».

أما المنحوتة الخاصة بشعلة الأولمبياد للرياضات الجوية، فلفت الى أنه حرص على جعلها تنتمي إلى العالم العربي، فتصميمها يحمل حروف اللغة العربية المكتوبة بخط الثلث، ومطوية بشكل بسيط. وأشار الى كون هذه القطعة تعتبر مهمة جداً بالنسبة اليه، منوهاً بأن أسلوبه في استخدام اللغة العربية في المنحوتات، لا بد أن يكون حاضراً من خلال الأعمال الخاصة بالجوائز. واعتبر هذا النوع من العمل مميزاً بكونه يبرز مراحل الإبداع، فالموهبة تنتقل الى مرحلة أهم وهو الابداع، وبعدها التوهج والابهار، مؤكداً تقليد هذا النوع من التصاميم من قبل كثيرين.

ولفت الى أن الحرف في اللغة العربية يعني له الكثير، وقال إن «الإنسان العربي مدين للغة، فهي كالأم التي يجب أن يقدسها الإنسان، فهي لا يجب أن تكتب على أوراق البردي وتعلق على الجدران فقط، فهذا ظلم لها، فيجب أن تنتشر، ويجب أن يحاورها الناس، لذا أقدمها في المعدن الغالي الثمن، لأنها غالية أيضاً، فأنا كفنان استخدم اللغة وقوتها كي تكون الأعمال بقوتها». وحول تفاصيل العمل على المنحوتات المتعلقة بالجوائز، قال بن لاحج، إن «العمل على هذه التصاميم هو عبارة عن تصميم منحوتة صغيرة، وأتعامل معها كما الممثل الذي يتعايش مع الدور، فأقرأ رواية الحدث وأتفاعل معه، فالعين هي الأساس بالنسبة لي». أما الوقت الذي يستغرقه في انتاج القطعة الخاصة بالجوائز، فتأخذ الكثير من الوقت إن احتوت على التفاصيل، بينما البسيطة لا تحتاج الى وقت، مشيراً إلى أنه يعتبر 25 يوماً الفترة المثالية لحياة الشيء.

وحول المادة التي تصنع منها الجوائز والدروع، شدد على أنه لا يستغني عن الـ«ستانلس ستيل»، لأنه من أثمن المعادن وأفضلها. وأشار الى أنه يجب ان يكون الفنان فاعل أكثر في مجتمعه، متسائلاً عن الوقت الذي يحتاجه الفنان في العالم العربي كي يكون فاعلاً أكثر، ومنوهاً الى ان كل ما قدمه ينتج عن الرسم الذي يعد الركيزة الأولى لأعماله، والعمود الفقري لكل ما يقدم، مشيراً الى كونه ترجم تدريبه الخاص من خلال المنحوتات الضخمة، وهو قادر على تقديم ما هو أكثر من ذلك، مشيراً إلى كون قسم من هذه المنحوتات بيع، وجزء مازال يمتلكه، ولكن سيأتي الوقت الذي يعرض ويباع فيه.

أما حالياً فيحضر بن لاحج لبحث مرتبط في الفن، والذي يريده بحثاً ومرجعاً أساسياً حول الفن في الأماكن العامة في دبي، ويحمل عنوان، «جماليات العمل الفني في فضاءات مدينة دبي»، وهو بحث الماجستير الخاص به وسيصدر بكتاب. ونوه بأنه يتناول جماليات المساحات الفنية في دبي، الى جانب دراسة كاملة لتاريخ الفن، والانظمة المعدة لتنظيم القطع الفنية في الأماكن العامة، وفي حال كانت العشوائية سيطرت.

وشدد على أن أكثر ما يهدف الى القيام به من خلال الفن، هو طرح الأسئلة حول تقييم الفن والفنانين في البلد، فمن المسؤول عنه، ومن الذي يضع الفنان في المكان الصحيح، منوهاً بأن إبحار الفنان في الفن يشبه هيجان البحر الذي يخرج أثمن ما لديه، والشاهد على ذلك الوصول الى مراحل الاحتراف، فالنوعية هي التي تطغى على الكثرة، مشدداً على أنه أمام خطة كاملة للإنتاج، تقوم على تقديم سلسلة من الأعمال الضخمة.

تويتر