شهدت نقاشات حول احتضان الإبداع وإثراء المشهد الثقافي المحلي

«الثقافة والصحافة».. مناقشات على طاولة «الندوة»

عقدت ندوة الثقافة والعلوم، مساء أول من أمس، ندوة حوارية حول دور وسائل الإعلام المحلية في المشهد الثقافي بالإمارات، وما يمكن أن تقدمه خلال المرحلة المقبلة، لاسيما في ظل إعلان عام 2016 عاماً للقراءة في الدولة.

سلطان السويدي: تحريك الساكن

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2015/12/8ae6c6c5502ee51c0151b0a1bcf1503b.jpg

قال رئيس مجلس إدارة ندوة الثقافة والعلوم، سلطان السويدي، إن «(الندوة) سعت من خلال هذا الفعل الحواري، الذي يمثله إقامة هذه الفعالية، إلى تحريك الساكن، دون أن يكون الطموح هو حل كل المعضلات التي تعتري المشهد الثقافي المشترك بين المؤسسات الثقافية من جهة، والأقسام المتخصصة في الثقافة في الإعلام المحلي من جهة أخرى».

وتابع: «نعول كثيراً على إعلامنا المحلي، من أجل إيصال النشاط الثقافي إلى المتلقي، لذلك فإن العلاقة الإيجابية بين المؤسسات الثقافية من جهة، وبين الإعلام المحلي من جهة أخرى، هي أكبر ضمانة لأن يصل المشهد الثقافي الثري والمتنوع إلى القطاع الأوسع من الجمهور المستهدف».

وتوقع السويدي أن «تلعب الصحافة المحلية دوراً كبيراً وحاسماً في تنفيذ توجيهات القيادة الرشيدة، بإعلان عام 2016، عاماً للقراءة في الدولة».

وتحدث في الندوة كل من الزملاء: حسين درويش رئيس قسم الثقافة والمنوعات في جريدة «البيان»، وعلي العامري رئيس قسم الثقافة والمنوعات في جريدة «الإمارات اليوم»، ومحمد إسماعيل زاهر رئيس القسم الثقافي في جريدة «الخليج»، ونواف يونس مدير تحرير مجلة «دبي الثقافية»، والدكتور عمر عبدالعزيز رئيس تحرير مجلة «الرافد».

وتطرّقت الندوة، التي أدارتها الكاتبة الصحافية عائشة إبراهيم سلطان، إلى العديد من الموضوعات والمحاور، منها العوائق التي تحول دون قيام الصحافة الثقافية بما تتوقعه شرائح المثقفين منها، وتغير هذا الدور في ظل التقدم التقني الهائل، ومتغيرات سهولة النشر، وما ارتبط به من انحسار دورها منفذاً لإطلالة الأعمال الشابة عبر صفحاتها، فضلاً عما يمكن أن تقدمه في المرحلة المقبلة شريكاً أساسياً في التحفيز على الاستفادة من الحراك الثقافي الثري في الدولة.

الزميل حسين درويش توقف عند حقيقة الدور المنوط بالصفحات الثقافية خصوصاً، وآليات تعامل الصحافة الثقافية اليومية عموماً مع الشأن الثقافي، معتبراً الكرة بالأساس في ملعب المؤسسات الثقافية نفسها.

وتابع: «الصفحات الثقافية عموماً تعدّ صدى للفعل الثقافي الذي تنشئه المؤسسات الثقافية المختلفة في الدولة، وبإيقاع هذا الفعل الرئيس يرتبط الإيقاع الآخر الراصد، لذلك فإن الثراء والتعددية الكبيرة التي تحيط بالحياة الثقافية في الدولة تبقى مساحة هذا الرصد أيضاً متنوعة وثرية».

ورد درويش غياب الكتابة النقدية في الصحف المحلية، إلى غياب المساحة التي يمكن استثمارها في ما قد يبادر به الصحافي المتخصص في الشأن الثقافي، سواء كان الأمر متعلقاً بقراءات في نصوص أو تحقيقات متنوعة أو خلاف ذلك، حيث تمنح الأولوية دوماً للتغطيات ذات الطابع الحدثي.

ورداً على سؤال لمديرة الندوة عائشة سلطان، حول غياب الصحافي الإماراتي في الصحافة الثقافية المحلية، أشار الزميل علي العامري، إلى أن «هذا المشهد الحالي من الغياب لم يكن كذلك في فترة الثمانينات، على سبيل المثال، مستدلاً من ذلك بأن ثمة متغيرات أدت إلى نفور الصحافي الإماراتي من مواصلة وجوده بالنسق ذاته في هذا المجال المهم».

ورأى العامري أن «جاذبية المؤسسات الثقافية باتت أقوى قدرة من المؤسسات الصحافية في هذا الإطار، لعوامل كثيرة ومتعددة».

وتوقف العامري عند إشكالية صناعة فعاليات لا تلقى الاهتمام المنتظر من إقامتها من قبل الجمهور المستهدف، مضيفاً: «هناك خلل في تنظيم الفعاليات من قبل كثير من المؤسسات التي تنظم الفعاليات، وتنتظر أن يبادر الجمهور بالتفاعل معها، ومن الأجدى أن تكون تلك المؤسسات صاحبة المبادرة بأخذ مسار مختلف، تكون فيه هي السباقة في الذهاب إلى الجمهور، بعيداً عن النمطية فتورط الجمهور توريطاً إيجابياً بالتواصل مع تلك الفعاليات».

من جانبه، توقف رئيس القسم الثقافي بجريدة «الخليج» محمد إسماعيل زاهر، عند أبرز المتغيرات المؤثرة في تقليص مساحة الكتابات الإبداعية المختلفة في الصفحات الثقافية، مشيراً إلى أن «حالة (اللاالتزام) من قبل كُتّاب ناشئين وشباب هي السبب الرئيس وراء هذا التقلص»، مضيفاً: «الدافعية والحماسة لدى الأجيال الجديدة تختلف تماماً عن كامل الالتزام الذي كان يبديه نظراؤهم من الأجيال السابقة».

وأوضح: «هذا العامل يبقى مضنياً ومؤرقاً جداً حينما يتعلق الأمر بالجريدة اليومية، والتزامات النشر، وما يرتبط بذلك من أمور فنية عديدة، وهو أمر يعود إلى أن الأجيال الجديدة لا ترى الثقافة أولوية بسبب حضور أولويات أخرى عديدة لديها».

في هذا الإطار، تحدث نواف يونس، عن الاختلاف الكبير الذي طال المشهد الثقافي مقارنة بالحقب السابقة، بسبب انفتاح المشهد المعاصر على حياة ثقافية أكثر تنوعاً، لافتاً في هذا الإطار إلى «وجود فوارق جوهرية بين هموم وتحديات الصحافة الثقافية في الصحف اليومية من جهة، والمجلات الثقافية من جهة أخرى، فضلاً عن أن الأخيرة بدورها ليست أيضاً نمطاً واحداً، مفرقاً في هذا الإطار بين المجلات الثقافية المتخصصة، والأخرى الأكثر تنوعاً، حيث في الإطار الثاني تنضوي (دبي الثقافية)، حسب إشارته».

ورأى نواف أن «الدور الرئيس للصحافة الثقافية هو تحويل القراءة إلى فعل وسلوك ممارس لدى قطاع وشرائح واسعة في المجتمع»، لافتاً إلى أن «دبي الثقافية» قامت منذ تأسيسها بطباعة وتوزيع أكثر من 130 كتاباً بشكل مجاني مع إصداراتها الدورية.

وشدّد الدكتور عمر عبدالعزيز، على أن «الساحة الثقافية بحاجة ماسة إلى رؤية ثقافية شاملة أكثر تصالحاً مع الواقع، بحيث تكون هناك مواءمة بين الفكر المجرد والحقائق الموضوعية التي تسود الواقع المعاش».

وأشار إلى أن «مجلة (الرافد) نجحت في استثمار الفضاء الإلكتروني على نحو يدعم حضورها المطبوع»، مضيفاً: «أصبحنا أكثر تقارباً وتفاعلاً مع القارئ».

ورأى عبدالعزيز أن «هذا التواصل الإيجابي مع القارئ بمثابة الضمانة الكبرى لاكتشاف المواهب الأدبية الجديدة»، معتبراً هذه المهمة واحدة من أولويات الصحافة الثقافية عموماً، دون أن يقتصر هذا الأمر على السياق المحلي فقط.

 


محمد المر: غياب الموجّه

قال الأديب محمد المر: «إن أحد أهم إشكاليات الصحافة الثقافية هي ندرة وجود الصحافي المتخصص المطلع على الشأن الثقافي، على نحو تبقى من خلاله أدواته قادرة على التفاعل مع حركة ثقافية نشطة ومتنوعة».

وتابع: «يجب أن يحظى الصحافيون المبتدئون الذين يمارسون مهامهم في تلك الأقسام باحتضان أولي من قبل مختصين مخضرمين، يكونون لهم بمثابة المرشد والموجّه، لاسيما في ظل التشعبات الكثيرة التي يشهدها الفعل الثقافي في حقوله المختلفة».

من هنا رأى المر أن «كثيراً من الطاقات الصحافية الواعدة، خصوصاً الإماراتية منها، تنسحب من الساحة بسبب غياب هذا الدور الحاضن والداعم لخطواتها الأولى».

تويتر