رئيس جمعية الإمارات لفن الخط ينتمي إلى جيل شُغف بالقراءة

خالد الجلاف: كتاب «إسبانيا العربية» أثرى ذاكرتي المعرفية

صورة

غالباً ما يقرأ الإنسان العديد من الكتب في مراحل حياته المختلفة، لكنّ هناك كتباً يتوقف عندها، ويشعر أن ثمة تغييراً أحدثته في فكره ورؤيته لنفسه والحياة من حوله.


لا يُنكر الخطاط الإماراتي ورئيس جمعية الإمارات لفن الخط العربي، خالد الجلاف، انتماءه إلى جيل متعطش إلى المعرفة، مدرك لمقتضياتها التي جسدها مبكراً بشغفه الجامح بالقصص والروايات التي كان يستعيرها كل خميس من مكتبة المدرسة، ليسافر إلى فنتازيا عوالمها الخلابة وخيالاتها الجامحة التي ظلت معه منذ الطفولة، وأثمرت في شمولية معرفته بصنوف مختلفة من الفنون والعلوم والمعارف.

مرجع مهم

قال رئيس جمعية الإمارات لفن الخط العربي، خالد الجلاف: «يعتبر هذا الكتاب مرجعاً مهماً للمهتمين بالتاريخ، خصوصاً أن الشهادات التي يوردها الكاتبان كانت ثمرة مشاهدات وبحوث واستنتاجات منصفة لأهم الوقائع التاريخية وخالية من المبالغات والانحياز، إضافة إلى استمتاعي بالمعلومات التي أضافها الى ذاكرتي المعرفية».

اليوم ترتبط القراءة مع الجلاف باهتماماته الواسعة المنعكسة على حجم مقتنياته من الكتب التي حجزت مكاناً واسعاً في تقسيمات مكتبته المنتصبة في أحد أهم أركان المنزل والشاهدة على تنامي هذا الشغف الذي وزعه الجلاف ما بين الكتب الدينية والقانونية، التي واكبت مرحلة المراهقة وسنوات الدراسة الجامعية والكتب الإدارية المتخصصة في إدارة الخدمات الطبية المتزامنة مع انضمامه إلى القطاع الصحي، ومن ثم الكتب الإدارية المرتبطة بالجودة والتميز الحكومي وتنمية الذات، ومن ثم كتب التاريخ التي لاتزال أحد أهم اهتماماته في مجال القراءة، وفي فترات ليست بالقليلة، التفت الجلاف إلى كتب الفنون التشكيلية وتقنيات الرسم، لينتقل من بعدها إلى كتب الخط العربي والعمارة الاسلامية التي وجدها شاهدة على حضارة الأجداد ومحفزة للأولاد والأحفاد.

«الإمارات اليوم» استعرضت معه أواخر التجارب القرائية التي شغلته وتوقف عندها فقال «من عاداتي الغريبة، ربما، أنني أقرأ أكثر من كتاب في الوقت نفسه، فأجد أن هناك ما يصلح منها لفترة العصر وبعضها لفترات الظهيرة، أما بعضها الآخر فيتناسب لدي مع أواخر الليل، مثل كتب الأدب الساخر أو في أدب الرحلات».

آخر الكتب التي قرأتها كتاب إسبانيا العربية «الأندلس»- إضاءات على تاريخها وفنونها، للمؤلفين الزوجين برنهارد وآلن ويشو، حيث كانت الزوجة آلن تعمل في صباها كاتبة وصحافية، كما انهمكت في تأليف الروايات، أما الزوج برنهارد فقد بدأ العمل كاتباً ومصلحاً تربوياً، إلى أن انتقل الزوجان بعدها إلى اشبيلية سنة 1900، وهناك بدآ بدراسة ثقافة الأندلس وعمرانها، ليمضيا ثماني سنوات في البحث الذي أثمر لاحقاً عدداً من الكتب والدراسات المتخصصة، منها هذا الكتاب «إسبانيا العربية» الذي شهد النور أول مرة سنة 1912، ويقدم المؤلفان في كتابهما سرداً زمنياً حول تاريخ إسبانيا منذ الفتح الإسلامي وحتى خروج العرب منها في القرن الخامس عشر الميلادي.

ويتابع «في الفصل الأول من الكتاب يتناول المؤلفان بعض تفاصيل المجتمع المسيحي في ظل الدولة الأندلسية المسلمة وعلاقتهم بالدولة، التي كانت مرتبطة آنذاك بشرط دفع الجزية وعدم ازدراء الدين الاسلامي الحنيف، أما الفصل الثاني من الكتاب فأنصف فيه الكاتبان الملك القوطي غيطشة، آخر الملوك الشرعيين في إسبانيا القوطية قبل الفتح الاسلامي، الذي كان محل اتهامات تاريخية عدة، رغم أنه أرسى مبادئ المساواة والحب بين أفراد المجتمع الاسباني. ثم استمرت التهم لتطال أبناءه بعد مدهم يد العون لموسى بن نصير وطارق بن زياد لمساعدته على فتح الأندلس نكاية بلوذريق الذي استولى على الحكم بعد وفاة أبيهم مقابل استعادتهم لأملاك والدهم المغتصبة.تتوالى من ثم الأحداث التاريخية في الكتاب لتتناول قصة سلالة المولدين الملكية، وتفاصيل الحياة في الأندلس في القرن التاسع ميلادي، مروراً بدور الأقباط في الحياة العامة وتفاصيل فترة حكم عبدالرحمن الثالث والمسيحيين والمولدين في عهده، ثم مرحلة خلفاء عبدالرحمن الثالث وخلفاء بني أمية والحاجب المنصور، وصولاً إلى الفترة الزمنية التي استعان فيها أهل الأندلس بابن تاشفين، أيام دولة المرابطين في شمال إفريقيا وضم الأندلس لحكم المرابطين فالموحدين، ثم سقوط الأندلس في آخر المطاف بيد المسيحيين، وبيان مفصل للظروف الاجتماعية التي عاشها المسلمون تحت وطأة الحكم المسيحي، بالإضافة إلى هذا السرد التاريخي الواسع للحقائق التاريخية، لم يغفل المؤلفان التمعّن في أهم الجوانب الفنية والاجتماعية التي اتسمت بها تلك الحقبة الزمنية الذهبية في تاريخ البشرية».

تويتر