شهد ونهيان بن مبارك إطلاق التقرير العربي التاسع للتنمية الثقافية في أبوظبي

خالد الفيصل: الثقافة طريــق النهضة

نهيان بن مبارك وخالد الفيصل ومي آل خليفة خلال إطلاق التقرير. تصوير: إريك ارازاس

أكد الأمير خالد الفيصل، رئيس مؤسسة الفكر العربي، أن «عصر الزعيم والقائد الأوحد انتهى، كما انتهى العصر الذي تحكمه فكرة ضرورة أن تتوحّد الأمة العربية غصباً تحت قيادة قائد واحد، وأن يعود من جديد»، موضحاً أن العالم العربي يعيش الآن عصر التكامل والوعي، وأصبح في مستوى من الفكر والوعي يستطيع فيه أن يميز بين الشعارات السياسية من جهة، والبرامج التنموية والثقافية والفكرية من جهة أخرى.

الفيصل:

- «مشروع التكامل العربي، الذي أطلقته مؤسسة الفكر العربي منذ عامين، بات مطروحاً بقوة على الساحة العربية».

- «مؤسسة الفكر العربي تحاول أن تسهم في الارتقاء بمستوى الثقافة العربية، لإيمانها بأنه لا تطور من دون فهم صحيح للحضارة والدين».


تركيز على التكامل الثقافي

رحّب الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، بمؤسسة الفكر العربي، وبصدور تقريرها السنوي الذي يتميز بالدراسة الشاملة والبحث الهادف، عبر سنواته المتتالية، ويتتبع كل الجوانب الثقافية والفكرية للحياة في المنطقة العربية، مرحباً بصفة خاصة بتركيز التقرير في هذا العام على الثقافة والتكامل الثقافي في دول مجلس التعاون الخليجي.

اللوحة المتكاملة.. غائبة

قال المدير العام لمؤسسة الفكر العربي، البروفيسور هنري العَويط، إنه رغم أهمية ما كتب وما نشر حتى الآن حول المشهد الثقافي في دول مجلس التعاون، تعتبر المكتبة العربية مازالت تفتقر إلى دراسة جامعة ووافية حول أوضاع هذه الدول الثقافية، من شأنها أن ترسم لوحةً متكاملةً عن مبادراتها وإنجازاتها على هذا الصعيد، وما تثيره من إشكاليات، وما تواجهه من تحديات.

وشدد الفيصل على أنه لا حضارة لأمة من دون ثقافة، معتبراً أن الثقافة طريق النهضة، مضيفاً أن مشروع التكامل العربي، الذي أطلقته مؤسسة الفكر العربي منذ عامين، بات مطروحاً بقوة على الساحة العربية، وتجلى ذلك بوضوح في اجتماعات الدورة الـ37 لقادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الذي عقد في البحرين أخيراً، إذ كان التكامل العربي موضوعاً رئيساً في الاجتماعات. وتابع الفيصل خلال حضوره الحفل الذي أقامته مؤسسة الفكر العربي لإطلاق التقرير العربي التاسع للتنمية الثقافية في فندق سانت ريجيس السعديات بأبوظبي، إن «المؤسسة تحاول أن تسهم في الارتقاء بمستوى الثقافة العربية والفكر العربي لإيمانها بأن لا تطور دون فهم صحيح للحضارة وللدين».

وحول نظرية المؤامرة، قال إن فريقاً من العرب يؤمن بنظرية المؤامرة ولا يتحدث إلا عنها، وفريق آخر يرى أن هذا التفكير سخافة، وكلا الفريقين على خطأ، موضحاً أنه لم تعد هناك مؤمرات في الوقت الحالي، ولكن دراسات تنشر في الإعلام لمن يقرأ، وخرائط التقسيم الجديد للعالم العربي نشرت في العديد من وسائل الإعلام، مضيفًا: «فلنكف عن الحديث عن المؤامرات ونقرأ ونتخذ موقفاً مما ينشر». وأشار الفيصل إلى أن مؤسسة الفكر العربي تمثل نظرة مستقبلية وعملاً يسعى لاستشراف المستقبل العربي، واختارت الثقافة موضوعاً لها لأنها الأساس لأي تحول من مستوى حضاري لمستوى آخر أعلى، ومن دونها لن يكون هناك تحول مهما تم التركيز على الاقتصاد أو السياسة، لافتاً إلى أن كل التقارير التي تصدرها المؤسسة يتم رفعها لأصحاب القرار في جميع الدول العربية. وأضاف: «لا نستطيع أن نفرض تنفيذ ما لدينا من مقترحات، لكن من واجبنا أن تصل هذه المقترحات والتقارير إلى كل مسؤول يمكن أن يفعل شيئاً في مسيرة التنمية».

وأطلقت مؤسسة الفكر العربي، صباح أمس، تحت رعاية وبحضور الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير الثقافة وتنمية المعرفة، التقرير العربي التاسع للتنمية الثقافية في أبوظبي، بعنوان «الثقافة والتكامل الثقافي في دول مجلس التعاون.. السياسات، المؤسسات، التجليات»، بحضور رئيسة هيئة البحرين للثقافة والتراث، الشيخة مي آل خليفة، والنائب في البرلمان اللبناني بهية الحريري، والمدير العام للمؤسسة البروفيسور هنري العَويط، وأعضاء مجلسَي الأمناء والإدارة والأعضاء المشاركين في مؤسسة الفكر العربيّ، ونخبة من كبار المفكرين والمثقفين والأكاديميين والدبلوماسيين والإعلاميين. ويأتي إطلاق التقرير بالتزامن مع المؤتمر السنوي للمؤسسة «فكر 15»، الذي ينطلق صباح اليوم، ويستمر حتى بعد غد تحت رعاية صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، بالشراكة مع الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، بعنوان «التكامل العربي.. مجلس التعاون لدول الخليج العربية، دولة الإمارات العربية المتحدة»، بمناسبة الذكرى الـ35 لإنشاء مجلس التعاون لدول الخليج العربية (1981–2016)، والذكرى الـ45 لقيام دولة الإمارات العربية المتحدة (1971–2016).

وأشار الأمير خالد الفيصل، في كلمته في افتتاح الحفل، إلى أن التقرير هو التاسع ضمن سلسلة التقارير التي تعدها المؤسسة وتصدرها كل عام، وهي تسهم في إيصال المعلومة الصحيحة عن الحالة الثقافية في الوطن العربي إلى كل مهتم بالثقافة من المفكرين والمثقفين العرب، ومن الساسة كذلك والقيادة العربية، معرباً عن أمله في أن يسهم في تطوير العمل الثقافي في الوطن العربي.

وشدد سموه على أنه «لا حضارة لأمة من دون ثقافة، ولذلك لا يمكن أن يتحقق النهوض للأمة والوطن وحتى السياسة والاقتصاد، إلا عن طريق الثقافة، فهي المعيار الحقيقي لتقدم الدول»، لافتاً إلى أن التقرير يقدم نموذجين مهمين في مسيرة التكامل في الوطن العربي، وهما «مجلس التعاون الخليجي ودولة الإمارات العربية المتحدة. هذان النموذجان يشرفان كل عربي، وهذا العمل الذي أنجز ولايزال يجدد نفسه في الخليج، يجب أن يُحتذى في كل أنحاء الوطن العربي». بينما أوضح المدير العام لمؤسسة فكر، الدكتور العويط، أن المؤسسة رأت أن تكرم مجلس التعاون في الذكرى الـ35 لإنشائه، ودولة الإمارات في الذكرى الـ45 لقيامها، بتخصيص تقريرها التاسع للمشهد الثقافي في دول مجلس التعاون بعنوان «الثقافة والتكامل الثقافيّ في دُول مجلس التعاون.. السياسات، المؤسسات، التجليات»، لإيمان المؤسسة بموقع الثقافة الفاعل في مسيرة بناء الأوطان وتنميتها، وإيمانها أيضاً بدور المثقفين الحاسم في تطوير المجتمعات ورقيها، وذلك انطلاقاً من رسالتها وأهدافها واهتماماتها. وذكر العويط أن أغلب ما ينشر من دراسات وأبحاث وتقارير عن دول مجلس التعاون يتم التركيز فيه على ثرواتها النفطية، وازدهارها الاقتصادي، ونهضتها العمرانية، واستقرارها الأمني، وقلما يتم فيها إبراز ما تشهده من نشاط ثقافي وحراك فكري. وأضاف: «على وفرة الزوايا التي يمكننا أن نقارب من خلالها عالم الخليج العربي، اخترنا هنا أن نعيد اكتشافه من خلال بوابة الحياة الثقافية النابضة والموّارة فيه، لاقتناعنا الراسخ بأنها الأصدق تعبيراً عن تاريخه وتراثه وأصالته وهويته، كما عن حاضره وهمومه وتساؤلاته وآماله وتطلعاته». ونوه العويط بأن التقرير تألّف من ثلاثة أبواب، يتوزع كل منها على فصول عدة، فيدور الباب الأول حول السياسات والاستراتيجيات الثقافية في دول مجلس التعاون، ويرمي في جزئه الأول إلى استكشاف السياسات الثقافية المعتمدة في كل دولة من الدول الست، عرضاً وتقييماً لهذه السياسات واستشرافاً لمستقبلها. وجرى التمهيد لفصوله الستة ببحث نظري مسهب، تم فيه التعريف بمفهوم السياسة الثقافية، واستعراض تاريخ نشأته وتطوره، وتعيين الأهداف التي ترسم في العادة لهذا النمط من السياسات. ويرمي الباب في جزئه الثاني إلى تقديم قراءة نقدية في خطة التنمية الثقافية وفي الاستراتيجية الثقافية لدول المجلس. أما الباب الثاني فيُعنى بالتعريف بأبرز المؤسسات والهيئات الثقافية، من حكومية وغير حكومية، وأدوارها، ونشاطاتها، وإنجازاتها، مُستعرضاً مراكز الأبحاث والدراسات، وجمعيات اللغة العربية، والأندية الأدبية، والمراكز الثقافية، وجوائز الإبداع، ومعارض الكتب، والمتاحف، ودور المخطوطات، وبعثات التنقيب عن الآثار، وحركة الترجمة، وإصدارات الطوابع، والإعلام الثقافي الذي تتولاه الدوريات والملاحق والصفحات والقنوات المتخصصة. كما يسلط الضوء أيضاً على مشاركة المرأة في الحياة الثقافية، ورصد عينةً من أصداء هذه الحياة، خارج منطقة الخليج، في المنظمات والمحافل الدولية التي تسعى دوله إلى إثبات انفتاحها عليها وتأكيد حضورها الثقافي فيها.

في حين يقوم الباب الثالث الأخير فالكشف عن المشهد الإبداعي الخليجي من خلال القصة، والرواية، والشعر بنوعيه الفصيح والعامي، والدراسات النقدية، والسينما، والمسرح، والفنون البصرية، وهي المجالات التي تسمح، عِبر النصوص والأعمال، بالتعرف إلى تجليات النهضة الثقافية الخليجية، وإلى أبرز أعلامها، ومناهجها، وتياراتها، ومدارسها، وسماتها، وتحولاتها. ويقدم هذا الباب، بالأخص في فصوله الأخيرة، مباحث تمتاز بجدة موضوعاتها، ومنها تلك التي تعالج سوسيولوجيا الثقافة في الخليج، وأبعادها الأنتروبولوجيّة، وتحدّياتها في الزمن الديجيتالي، بحسب ما أوضح المدير العام للمؤسسة.

تويتر