معرض يضم أعمالاً لمجموعة «5» في الفترة من 1988-2008

«لا نراهم لكننا» يقتفي أثر المجموعات الفنية في الإمارات

صورة

تحت عنوان مثير للفضول؛ يأتي معرض «لا نراهم لكننا: تقصي حركة فنية في الإمارات، 1988-2008»، الذي يستضيفه رواق الفن بجامعة نيويورك أبوظبي في جزيرة السعديات، ليقتفي أثر مجموعة من رواد الفن التشكيلي في الإمارات، متوقفاً أمام العلاقات الفنية والإنسانية التي ربطت بينهم، وانعكست في مسيرتهم الفنية عبر أعمال مشتركة أو تأثرهم بأعمال بعضهم بعضاً، وكذلك اشتراكهم في معارض فنية معاً في الفترة من 1988 إلى 2008، وهي الفترة الزمنية التي اختار القيمون على المعرض التركيز عليها.

أعمال تاريخية

يتضمن المعرض أعمالاً تاريخيةً، أنتجت بين العامين 1988-2008، مع التركيز بشكل خاص على أعمال عُرضت مع بعضها بعضاً خلال تلك الحقبة، كما سيشمل مواد أرشيفيةً ولقاءات مصوّرة مع أعضاء تلك الحركة الفنية، إضافة إلى غرفة قراءة خاصة لأعمال الأعضاء البارزين في الحركة.


تجمع ناجح

أشارت رئيسة القيمين الفنيين والمدير المؤسس لـ«رواق الفن بجامعة نيويورك أبوظبي»، مايا أليسون، إلى نجاح التجمع الفني للفنانين المشاركين، في أن يتحول من مجرّد مجموعة من الفنانين إلى شخصيات فنية بارزة، ضمن المشهد الفني في الإمارات. لافتة إلى أن معظم هؤلاء الفنانين شارك في الجناح الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة في بينالي البندقية، كما تحتضن المتاحف الفنية العديد من أعمالهم. ويواصل هؤلاء الفنانون مسيرتهم لتطوير هويتهم الفنية، وإلهام الفنانين الناشئين والمعاصرين في دولة الإمارات.

يظهر المعرض تأثير المجموعات الفنية، التي تكونت في فترة كان الفن الحديث والمفاهيمي فيها جديداً في المجتمع، لتحتضن مختلف مبدعي الفن المرئي والكتّاب وصنّاع الأفلام في دولة الإمارات.

ويركز المعرض، الذي يفتتح ظهر اليوم ويستمر حتى 25 مايو المقبل، على فناني مجموعة «5» الفنية، نسبة إلى أنها كانت تضم خمسة فنانين، ليظهر تأثير المجموعات الفنية التي تكونت في فترة كان الفن الحديث والمفاهيمي فيها جديداً في المجتمع، لتحتضن مختلف مبدعي الفن المرئي والكتّاب وصنّاع الأفلام في دولة الإمارات، وتوفر لهم بيئة محفزة على التجريب والإبداع، وكسر الأطر التقليدية للفن تحت «مفهوم ثقافي جديد»، يحثّ على التجريب الإبداعي الذي قد يلتزم بالمعهود، أو يشكل تغيراً جذرياً على مستوى المفاهيم الفنية. كما يتتبع تطور الفنون في الدولة في تلك الفترة، حيث لعبت هذه المجموعة، وغيرها من المجموعات الفنية، دوراً رئيساً في مسيرة تطور أولئك الفنانين، خصوصاً أثناء سعيهم لتبادل الأفكار النقدية والإبداعيّة، بالاعتماد على إسهام كل واحد منهم كمصدر إلهام للآخر، وذلك خلال فترة لم تكن فيها المؤسسات والمعارض الفنية منتشرة على نطاق واسع. وقام بعض هؤلاء الفنانين بتأسيس «ذي فلاينغ هاوس» (The Flying House)، الذي شكّل منصة مخصصة لعرض أعمال ذلك المجتمع الفني.

قصيدة

ويضم المعرض، الذي استلهم عنوانه من قصيدة للشاعرة والمخرجة الإماراتية نجوم الغانم، التي تعد من أوائل الأعضاء البارزين في هذا المجتمع الفني، أعمال الفنانين: حسن شريف ومحمد أحمد إبراهيم وعبدالله السعدي ومحمد كاظم وحسين شريف وفيفيك فيلاسيني وجوس كليفرس وابتسام عبدالعزيز، إلى جانب إسهامات أخرى من كريستيانا دي ماركي وعادل خُزام ونجوم الغانم وخالد البدور، وقد روعي في تنسيق المعرض الجمع بين الفنانين الذين تعكس أعمالهم تأثراً أو ترابطاً بينهم.

أعمال حسن شريف

يتصدر مدخل المعرض مخططاً لجدول زمني، يبرز تقاطعات لمعارض وأحداث فنية مشتركة جمعت الفنانين المشاركين في الفترة التي حددها المعرض، وكذلك المراحل الانتقالية المهمة في مشوارهم الفني. بينما تتصدر أعمال الفنان الراحل حسن شريف صالة العرض، متضمنة عدداً من الأعمال التركيبية، التي استخدم شريف في تنفيذها مواد بسيطة من البيئة المحيطة به، مثل قطع من الورق المقوى والأقمشة والخشب والبلاستيك، ليشكل منها أعمالاً تعبر عن موقفه من الحياة الاستهلاكية التي تسود المجتمع. وعلى بعد خطوات من أعمال حسن الشريف؛ عرضت أعمال الفنان محمد أحمد إبراهيم، لإبراز العلاقة بينهما، خصوصاً أن أعمال حسن الشريف في المعرض تضمنت لوحة لمنحوتة نفذها إبراهيم وعرضت في القاعة نفسها أيضاً، كما شارك الفنانان في عدد من المعارض المشتركة منذ السبعينات. وتعبر أعمال إبراهيم في المعرض عن التوجه العام له وهو ارتباطه بفن الأرض، مشيراً إلى أن ارتباطه بالأرض وحرصه على العودة إليها جزء أساسي في تجربته، موضحاً أنه لا يسعى من خلال أعماله إلى استحضار الأرض والبيئة إلى قاعات العرض الفني عبر استخدام مواد من البيئة مثل أوراق الأشجار والطين وغيرها، وفي الوقت نفسه هو لا يحاول توجيه المتلقي لفهم محدد للعمل الفني، لكن يترك له حرية قراءة العمل.

تجريد الأشياء

تجريد الأشياء، مثل علاقة الملابس، من وظيفتها الشائعة في الحياة اليومية؛ كان محور أحد أعمال الفنان محمد كاظم في المعرض، وهي فكرة مفاهيمية، حسب ما أوضح، كذلك ضم المعرض أعمالاً لكاظم تعبر عن شغفه بتحديد الاتجاهات واستخدام جهاز «جي بي إس» الذي ظهر في أعماله منذ عام 1999. في حين عكست أعمال الفنان عبدالله السعدي تأثره بفترة إقامته في اليابان في الفترة من 1994 إلى 1996، مشيراً إلى أنه عندما يسافر أو يقوم برحلة لا يتعامل معها باعتبارها نزهة فقط، ويجب أن ينتج منها عملاً فنياً، لافتاً إلى أن وجوده في اليابان أثر في أعماله، فقدم أعمالاً تعبر عن هذه التجربة منها عمل على شريط طويل من القماش الملفوف رسم عليه المنطقة التي كان يقيم فيها، كما قدم أعمالاً رسم فيها علب المياه الغازية والمأكولات وغيرها. كما ضم المعرض أعمالاً للسعدي أخرى، منها مجموعة علب تضم حشرات محنطة جمعها في فترة التسعينات أيضاً.

ازدهار سريع

الازدهار السريع للحياة المدنية لدولة الإمارات، في فترة الثمانينات والتسعينات؛ كان محور عمل الفنان حسين شريف، الذي عبر من خلاله عن التطور العمراني السريع رأسياً وأفقياً أيضاً مستخدماً التكرار، حيث يجسد العمل مجموعة من المكعبات الإسمنتية بعضها خالٍ والبعض الآخر دمجه بمواد من البيئة مثل قطع بلاستيكية وأوراق وأغطية زجاجات وغيرها، مضفياً لمحة مسرحية على العمل بحيث تبدو القطع التي يتكون منها مثل شخوص تشارك في رواية على المسرح. وقام القيمون على المعرض بالجمع بين محمد كاظم وعبدالله السعدي وحسين الشريف في مساحات مكانية ومتقاربة، نظراً لتقاطع الممارسات والخبرات الفنية لهم في سعيها نحو تصوير البيئة المحيطة من خلال جمع مقتطفات منها.

كذلك ضمن المعرض الذي يقام بإشراف وتقييم فني من مايا أليسون، بالتعاون مع القيّمة الفنية بانه قطّان، والفنانة الإماراتية والقيمة الفنية لبرامج رواق الفن آلاء إدريس، أعمالاً للفنانة ابتسام عبدالعزيز تضم لوحات باللونين الأبيض والأسود تعكس صوراً من جلسات فنية كانت الفنانة جزءاً منها، وعمل آخر يقوم على تجميع صور لأيدي أشخاص مختلفين. في حين قدم الفنان الهندي فيفيك فلاسيني أعمالاً من أبرزها عمل بعنوان «عرائس من 7 مناخات» جسد أسلوب الفنان الذي اعتمد بشكل كبير على دمج مواد من الهند وأخرى من الخليج، وتقديم منحوتات كبيرة الحجم. وشارك الفنان جوس كليفرس بعدد من اللوحات الإكريلك بالإضافة إلى عمل بعنوان المعلقة استخدم في صناعته المعدن.

تويتر