معرض في أبوظبي لـ 9 تشكيليين ينتمون إلى «فنان»
«عن قرب» يوحّد أطيافاً مختلفة
فرقتهم الجنسيات واللغات، وجمعهم الفن وأرض الإمارات التي شكلت عنصراً موحياً ظهر جلياً في لوحاتهم التي ضمها معرض «عن قرب»، الذي جمع أعمال تسعة فنانين شكلوا معاً مجموعة فنية باسم «فنان»، وافتتح مساء أول من أمس في المسرح الوطني بأبوظبي، بتنظيم من هيئة أبوظبي للثقافة والتراث.
شهد المعرض الذي افتتحه مدير إدارة الثقافة والفنون بالهيئة عبدالله العامري، والفنان الإماراتي عبدالقادر الريس تنوعاً واضحاً، فاختلفت المدارس الفنية التي انتمت إليها أعمال الفنانين التسعة، وهم: جنين عبيني، ونينا راي، واميلي غوردن، وداكشا بولسارا، والوين بوشل، وليندا استيفانان، إلى جانب جنيفر سايمون، وكريتش، وجوليا عبيني. كما اختلفت الموضوعات التي تطرقت إليها.
عكست أعمال الفنانة داكشا بولسارا تأثرها الواضح في مجال تخصصها طبيبةً، فمزجت بين الفن والطب في أعمال فنية ذات شفافية وصفاء لافتين، بدت فيها الشرايين والأوردة والصفائح الدموية مثل زهرات تتفتح على بياض اللوحات التي رسمتها عقب قدومها إلى الإمارات، واكتشافها النسب المرتفعة لمرض السكري بين المقيمين فيها، وتأثرها بسجل مرض الشريان التاجي في العائلة، إلى جانب نجاة زوج داكاشا من إصابة خطرة في الشريان الرئوي في عام ،2007 ما دفعها إلى العمل على تطوير أدوية للوقاية من التجلط.
ومن هدوء أعمال داكشا، إلى إبهار لوحات اميلي غوردن التي اعتمدت فيها على «ميكس ميديا» لتقدم أعمالاً ذات بريق لافت، استخدمت فيه ثيمات ومفردات من التراث العربي والشرقي، كقطع من الحلي وأدوات الزينة، لتضفي على اللوحات أجواء شرقية، مع التركيز على العمارة القديمة كالمنازل والأبواب وغيرها.
سطوة التجريد
شكلت مجموعة أعمال الفنانة المصرية ـ الفرنسية كريتش، واحدة من المجموعات اللافتة في «عن قرب»؛ فهي غنية بالكثير من العناصر الفنية التي تتداخل في ظاهر اللوحة، وفي ما تحمله من معان مبطنة، بذوق ورقي من دون جلبة أو تزاحم. فجمعت أعمال كريتش بين الرمزية والتكعيبية والتجريديـة. كما شكلت لوحاتها مساحات للاحتفال بالحياة والطبيعة واكتشاف الجوهر الروحي الكامن في أعماق كلّ منا. وساعدها على ذلك اتجاهها لتقسيم اللوحة إلى أجزاء تكعيبية صغيرة، لتخلق من خلالها قراءات ووجهات نظر متعددة للموضوع الواحد، مستفيدة في ذلك من تخصصها في الفسيفساء أو الموزاييك. ومع عمق مضمون لوحاتها، اتجهت الفنانة إلى وضع عناوين لها استمدتها من الحكم والأمثال الشعبية، وكتبتها باللهجة العامية مثل «القناعة كنز لا يفنى»، و«عين الحسود فيها عود» وغيرهما.
التنوع الواضح في استخدام الأدوات والألوان، كان السمة الأبرز لأعمال الفنانة البريطانية ذات الأصول الأردنية جوليا عبيني، إذ تمزج الفحم والحبر والمعجون والطلاء والتصوير الفوتوغرافي، مستخدمة التقنية الرقمية في تكوين لوحة فنية فريدة. وبنظرة ذات خصوصية، عمدت عبيني إلى تحويل لوحاتها إلى ما يشبه السجل لذكرياتها حول الأماكن والوجوه التي مرت بها في رحلاتها بين دول الشرق الأوسط، بعد ان اكتسبت أبعاداً مغايرة من انطباعات الفنانة الشخصية، والتي أمضت 25 سنة في الإمارات جعلتها متأثرة بحضارتها وأماكنها التاريخية وتراثها بشكل خاص.
توليفة لونية غير بعيد عن التجريدية، جاءت أعمال الفنانة الهندية نينا راي، التي شكلت لوحاتها مساحات لتوليفات لونية مبدعة، إذ تسعى من خلالها إلى إشباع الحاجة الإنسانية الداخلية للغموض والسكينة والجمال، فكل لون، بحسب راي، يحمل مع توليفاته فلسفة خاصة، وليس هناك ما يأتي عبثاً أو من دون معنى. وفي النهايــة تشكل اللوحة مدخـلاً إلى عــالم من الخيــال والأفكــار التي تتسم بالغرابــة والألفــة في آن واحد. |
عوالم متباينة
يحمل الفنان والطبيب إلوين بوشل الجنوب إفريقي، المشاهد عبر لوحاته الضخمة إلى عوالم تفيض بالحرية والانطلاق والتلقائية، تشبه مدينة متسعة زاهية الألوان يتقافز الأطفال في شوارعها بسعادة ومرح، مستخدماً في ذلك تقنيات الرسم بالاكريليك، والوسائل المختلطة بالحبر.
في حين اتجهت الفنانة جانين عبيني إلى التطريز والقماش في تكوين لوحاتها التي عبرت فيها عن ارتباطها بالإمارات، ومدى تأثرها بالطبيعة والمجتمع الإماراتي، كانت أيضاً محور أعمال الفنانة البريطانية جنيفير سايمون، التي جسدت من خلال لوحاتها المشهد العمراني في الدولة، والسكان الذين يقيمون فيها، كما عبرت لوحاتها عن المكانة التي يحتلها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، لدى سكان الدولة والعالم أجمع، وأيضاً عن إنجازاته في تطوير الإمارات، ورفع اسمها بين دول العالم. وتفردت الفنانة الأرمينية ليندا ستيفانيان بين الفنانين المشاركين في معرض «عن قرب» الذي يستمر حتى السادس من أكتوبر المقبل باتجاهها إلى النحت، وعلى الرغم من ان مشاركتها اقتصرت على تمثالين، إلا أنهما كانا محط أنظار الحضور، لما تميزا به من انسيابية وخفة لافتة، وحمل العمل الأول ملامح أم بدوية إماراتية، وهو ما بدا واضحاً من البرقع التراثي الذي غطى وجهها، والذي لم يمنع الفنانة من إضفاء لمسات عصرية على العمل، في دلالة لى التواصل الثقافي والحضاري بين القديم والحديث، لتهدي هذا العمل إلى كل أم في الإمارات. بينما حمل التمثال الأنثوي الآخر أماً أرمينية بوضع تأملي، بشعرها المجدول وربطة «الكود» أو التاج التي تشكل جزءاً من الملابس التقليدية للنساء الأرمينيات تزين شعرها.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news