مدينة المتاحف والشوكولاتة وسجادة الورد
بروكسل.. عاصمة أوروبا غير الـــمعلنة
تختصر العاصمة البلجيكية بروكسل دول أوروبا كلها، بفضل ما تتوافر فيها هيئات ومؤسسات ومنشآت رسمية تحمل علامة الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن وجود حديقة «أوروبا المصغرة» على أراضيها. وهي نموذج يضم أكثر من 350 مجسماً، يتيح لك التجول في أنحاء القارة العجوز كافة، ومشاهدة معالمها المميزة، من دون أن تغادر قدماك حدودها القريبة.
الطفل الأكثر شهرة في العالم نحت تمثال «الطفل المتبول» منيكين من البرونز عام 1619، وهو يعتبر أحد أبرز رموز المدينة. ولهذا فلن تعدم رؤية نماذج منه حيث اتجهت، أو التفت، بوصفه «الطفل الأكثر شهرة في العالم». ويرتبط التمثال بأسطورة شعبية قديمة، إذ يروى أن حريقاً شبّ قبل مئات السنين، كان ليأتي على بلجيكا كلها، لولا أن منيكين قطع الطريق على النار، في اللحظة المناسبة، بتبوله عليها. ومن باب رد الجميل، خصص له البلجيكيون متحفاً قرب ساحة «غراند بلاس»، يقصده مئات من السياح يومياً. مصنع الكاكاو ارتداء المريول البلاستيكي، والوقوف أمام الآلة الحديدية، التي تنبع الشوكولاتة من أعلاها، مطلقة رائحتها المميزة، تجربة استثنائية بكل المعاني. أتيح لنا خوض هذه التجربة في مصنع في الركن الجنوبي لساحة «غراند بلاس»، يديره أربعيني، يشبه تمثالاً أشقر من الكاكاو، بسبب حيويته ومرحه اللافتين. ولكن المدينة تضم متحفاً متخصصاً بهذا المنتج، يتولى تعريف الزوار بالعلاقة التي تجمع البلد به، من خلال استعراض تاريخ تطوّر صُنع الشوكولاتة، وأبرز صناعها. |
ولا يجد كثيرون حرجاً في تسمية هذه المدينة، التي تبلغ مساحتها نحو 32 كيلومتراً مربعاً، ويبلغ عدد سكانها نحو مليون نسمة «العاصمة غير الرسمية» أو «غير المعلنة» للاتحاد الأوروبي، بفضل احتضانها مبنيين رئيسين، هما مبنى الأم (المقر الدائم للمفوضية الأوروبية) ومبنى البرلمان الأوروبي. وتنقسم المدينة التي دشنت «طيران الإمارات» أخيراً خط طيران جديداً إليها، إلى جزأين رئيسين هما «المدينة العليا» و«المدينة السفلى»، أو المدينة الحديثة والمدينة القديمة. لكنك لن تلاحظ فرقاً كبيراً بين المدينتين، ففيما تجذبك حداثة الأولى ونخبوية أسواقها ورفاهة أوتيلاتها وحدائقها وامتدادات شوارعها، التي تبدو كأنها قادمة من القرون الوسطى أو متجهة إليها مباشرة، تنفرد الثانية بعراقة قصورها وكاتدرائياتها ومبانيها الضخمة، ومتاحف الفن التشكيلي والموسيقى والسينما والشوكولاتة الموجودة فيها.
«غراند بالاس»
ستكون هذه المرة الأولى التي نتعرف فيها إلى بروكسل، انطلاقاً من مطار دبي الدولي مباشرة، بعد رحلة استغرقت نحو ست ساعات، فيما كان الوصول الى بروكسل، قبل الإعلان عن خط طيران الإمارات الجديد، يستدعي الهبوط في محطة عبور (ترانزيت)، وركوب أكثر من طائرة.
خلال بضعة أيام، سينطلق بنا عدد من الأدلاء السياحيين، ليفسروا لنا، كل على طريقته، السبب الذي يجعل هذه المدينة الصغيرة مقصداً لما يزيد على سبعة ملايين سائح سنوياً. وسنتعرف إلى الأساليب المختلفة التي اتبعها البلجيكيون لتحويل بلادهم الى مصانع للبهجة، تشتمل على صور وأشكال لا حصر لها من الإمتاع.
تبدأ الجولة في مبنى «غراند بالاس» الذي يعود تاريخ بنائه إلى عام 1865. وهو مبنى ضخم، مصمم على طراز لويس السادس عشر. وسوف تعلم من مرافقك السياحي أنه ليس مقر سكن العائلة الحاكمة، كما يوحي اسمه، بل هو مقر اجتماعات الملك، والمكان الذي يستقبل فيه الوفود والزوار الرسميين. أما وجود العلم مرفرفاً على بابه، فيعني أن الملك موجود داخل البلاد.
«الساحة الأسطورية»
في المنطقة الأمامية لمبنى «غراند بالاس»، تمتد «الساحة الأسطورية»، التي حظيت بهذا اللقب بسبب ما يحيط بها من المباني العريقة، ذات الهندسة الفلامنكية والقوطية المزخرفة، المطلية واجهاتها الأمامية والخلفية بلون الذهب.
تُفرش ساحة «الغراند بالاس» التي تمثل منطلقاً أولياً إلى أبرز معالم المدينة السياحية، بسجادة ضخمة من زهور «الباجونيا» الطبيعية، تتكون مما يزيد على مليون بتلة، في تقليد سنوي يتكرر في منتصف أغسطس، مرة كل عامين، منذ 44 عاماً، احتفاء بالألوان والزوار والفرح والحياة.
وعلى بعد دقائق من الساحة، تقع كاتدرائية سان ميشيل وجودول العريقة، التي تنتمي أساليب بنائها إلى مدارس فنية معمارية متنوعة، بسبب تناوب مصممين مختلفين على إنشائها، على مدى قرنين.
وإلى شمال شرق الساحة، يقع «الرواق الملكي» الذي تمتاز هندسة بنائه باتصال الحديد والزجاج فيه بالأعمدة الرخامية، فضلاً عن انبثاق المصابيح والتماثيل من جدرانه.
ويُعد الرواق، الذي صممه جي بي كلويسنر، وافتتح عام 1847، ليتحول اليوم الى إحدى أشهر الأسواق على امتداد أوروبا، أقدم ممر زجاجي في القارة الخضراء.
«الاتوميوم»
تشمل الجولة الأولى من زوار دبي الى بروكسل، بعد إطلاق «طيران الإمارات» خط الوجهة الجديدة، بناء فولاذيا واسع الشهرة «الاتوميوم»، ويُمثل خلية واحدة من كريستالة فولاذية (نموذج لذرة الحديد) تم تكبيرها 165 مليار مرة. وصممه المهندس أندريه واتركين في عام 1958 احتفاء بتنظيم «معرض اكسبو الدولي» في بروكسل.
ويتكون البناء من تسعة أجسام كروية تضم عروضاً دائمة ومؤقتة، تستهدف موضوعاتها وأنشطتها المختلفة شرائح المجتمع كافة. وتتصل الأجسام ببعضها بعضاً من خلال شبكة من السلالم الكهربائية المتحركة، التي تعج طوال ساعات النهار بزوّار قادمين من مختلف أنحاء العالم، لمشاهدة هذا المعلم البارز.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news