حاكم الشارقة طالب الصحافة المحلية بالابتعاد عـــن الإثارة في تناول الأخبار والموضوعات
«النشر الصحـافي في الإمارات».. كلام عن تاريـــخ ومستقبل المهنة
أكد صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، أن قانون النشر في دولة الإمارات العربية المتحدة صدر في وقت كانت الدولة تتعرض فيه لتيارات غريبة، لا نقول إنها تدخلت في الصحافة، بل كانت في جميع الجمعيات الأهلية، واستولت عليها استيلاء تاماً. وأكد سموه: «نعد عندما تهدأ الأمور وتستقيم الساحة، بأن نفتح الباب على مصراعيه».
تاريخ يستحق القراءة
لفت محمد الحمادي، رئيس تحرير «الاتحاد»، إلى أن تاريخ الصحافة في الإمارات يستحق القراءة والبحث، مشيراً إلى أن الصحافة كانت موجودة بشكل ما بالإمارات في الأربعينات والخمسينات من القرن الماضي، وبدأت كصحافة احترافية مع صحيفة الاتحاد عام 1969. ولفت إلى أهمية استخدام وتوظيف الوسائل والأدوات التقنية الحديثة في عالم الصحافة والنشر، ودورها في تقدم وتطور الصحافة وأدائها، موضحاً أن صحيفة الاتحاد هي أول صحيفة في الإمارات أطلقت موقعها الإلكتروني، وذلك عام 1996، وهي من أولى الصحف بالمنطقة التي تسعى دائماً إلى التطور التكنولوجي، لافتاً إلى الشكل الجديد للصحيفة، الذي أطلق قبل نحو أسبوعين، وأشار إلى أن أرقام التوزيع للنسخة الورقية من صحيفة الاتحاد مازالت بالمستوى نفسه، حيث لايزال القارئ المحلي ينتظر الصحيفة الورقية كل صباح، لكنه يتجه إلى الإلكتروني أيضاً. |
جاء ذلك لدى حضور سموه ندوة النشر الصحافي التي أقيمت أول من أمس، في معرض الشارقة الدولي للكتاب بنسخته الـ33، وناقشت ماضي وحاضر ومستقبل النشر الصحافي في الإمارات، شارك في الندوة المدير التنفيذي لقطاع النشر في مؤسسة دبي للإعلام رئيس تحرير صحيفة «البيان»، ظاعن شاهين، ورئيس تحرير صحيفة «الإمارات اليوم»، سامي الريامي، والمدير التنفيذي لشركة أبوظبي للإعلام رئيس تحرير صحيفة «الاتحاد»، محمد الحمادي، ورئيس التحرير المسؤول في صحيفة «الخليج»، حبيب الصايغ، وأدار الندوة رئيس جمعية الصحافيين محمد يوسف.
وأضاف صاحب السمو حاكم الشارقة، في مداخلة له، أنه اعتاد منذ زمن بعيد أن يقرأ صحيفة «الخليج» قبل الفجر، ويجول في صفحاتها أكثر من ساعة ونصف الساعة، يطلع خلالها على ما يجري في عالم الثقافة والفن، مبتعداً قدر الإمكان عن عالم المعارك والتدمير، لأنه لا يريد أن يلوث دماغه بهذه الأفكار.
وطالب صاحب السمو حاكم الشارقة بالابتعاد عن الإثارة في عالم الصحافة في دولة الإمارات، فهي لن تزيد الربح ولا التوزيع، ولابد من التواصل مع الجهة المسؤولة، كي تحصل على المعلومة الدقيقة والمفيدة. موضحاً أن استخدام الإثارة في الصحافة لا يؤدي إلا إلى التشويه، وتمنى ألا نصل إلى المحاكم والمشاحنات، لافتاً سموه إلى تجربة الخط المباشر على إذاعة الشارقة، ومدى أهميتها وشفافيتها، ومستوى الصدقية العالية التي تتميّز بها.
وأكد حاكم الشارقة أهمية أن يقوم رئيس التحرير بدوره بالكامل، ويقرأ كل ما يكتب قبل النشر، ويكون على دراية كاملة بكل شيء، وأن يجلس في مكتبه ويقرأ، فرئيس التحرير لديه ثماني ساعات عمل لابد أن يؤديها على أكمل وجه، وليجلس كل رئيس تحرير سويعات كي يقرأ ويتأكد ما الذي سينشر في اليوم التالي. ولفت سموه إلى استعماvل الكلمات الأجنبية في الندوة من قبل أناس يعول عليهم أن يساهموا في التأكيد على استخدام لغتنا العربية.
واستعرض حبيب الصايغ بعض أهم محطات تاريخ النشر الصحافي في دولة الإمارات، بدءاً من تجربة صحيفة «الاتحاد» منذ عام 1969، وتجربة صحيفة «الخليج» منذ عام 1970، وميزات كل منهما، وأهميتهما، ولفت إلى أن صحيفة الاتحاد تعتبر ثمرة وعي القائد المؤسس لأهمية الصحافة، مؤكداً أن تجربة الصحافة الحكومية وشبه الحكومية، تستحق الدرس والبحث، لافتاً إلى أن تجربة صحيفتي «الاتحاد» و«البيان» شاهدة على دور الصحافة في البناء والتنمية على الصعيدين الاتحادي والمحلي، مشيراً إلى أن الصحافة أسهمت في حركة التنمية، وتعزيز مكتسبات الاتحاد، وتقوية مؤسساته.
وفي مجال التشريع المتعلّق بالنشر الصحافي، أشار الصايغ إلى أهمية الحرص على سد كل الثغرات في القانون الحالي، حيث هناك إشكالية منذ سنوات ترتبط بقانون الأنشطة الإعلامية، لافتاً إلى أن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، أمر بمنع حبس الصحافيين في القضايا التي تتصل بالنشر. واعتبر الصايغ أن القانون الحالي لم يعد ملائماً، وأن الحاجة ماسة إلى تشريع جديد، وإلى قانون جديد كلياً في الصحافة، يتلاءم مع طموح دولة الإمارات.
وطالب الصايغ بفتح باب الترخيص لصحف يومية للأفراد، مع شروط مهمة، حيث إن المنع مطلقاً لا يستقيم. ولفت إلى أن تجربة المتحدث الرسمي لم تحقق المطلوب، فالصحافي يسأل ويريد إجابات.
وبخصوص إشكالية الصحافة الورقية والصحافة الإلكترونية، أكد الصايغ أهمية طرحها بموضوعية، لافتاً إلى أن التيار العام يتجه نحو الصحافة الإلكترونية. وأشار إلى بعض القصور والعثرات في الصحافة الثقافية بالإمارات، فالتخصص نادر، مشيراً إلى أن المثقف هو الأهم في عالم الصحافة الثقافية، وليس المسؤول أو الشخصية التي حضرت الحدث الثقافي.
وتناول ظاعن شاهين تاريخ النشر الصحافي في الإمارات، مؤكداً أن المطبعة هي الأساس الذي تدور حوله الصحافة، لافتاً إلى أنه قبل عام 1973 لم تكن هناك مطابع صحافية في الإمارات، وفي عام 1974 دخلت أول مطبعة صحافية إلى الإمارات وتعود إلى محمد بن دسمان، وبدأت صحيفة «الاتحاد» تطبع من خلالها، ومن حينها بدأت حركة النشر الصحافي الحقيقية في الدولة.
وعرج في حديثه على محطات أخرى من المطابع الصحافية والتقنيات الجديدة، التي دخلت عالم النشر الصحافي من خلال «البيان» عام 1980، حيث تم إدخال تقنيات جديدة سهلت عمليات الطباعة التي كانت في السابق مضنية ومتعبة.
وأضاف شاهين: دخل «الماكنتوش» عام 1986 إلى عالم النشر الصحافي في دولة الإمارات، ما أسهم في المزيد من التسهيلات، وتبعه الناشر المكتبي فالناشر الصحافي، وصولاً إلى مستوى متقدم جداً في الوسائل والأدوات التقنية التي دخلت عالم النشر الصحافي وسهلت الأمور كثيراً، حيث وجود صالة التحرير التي تتوافر فيها كل التقنيات الحديثة. وأكد أن هذا التطور الكبير في عالم النشر الصحافي ما كان ليتحقق لولا توافر المناخ العام في الدولة، الذي يسعى باستمرار إلى استخدام أحدث الوسائل والأدوات التقنية في مختلف المجالات، ومن بينها بالتأكيد النشر الصحافي، الأمر الذي أسهم في أن نقطع شوطاً كبيراً ومتقدماً في النشر الصحافي.
ولفت إلى أن هناك تحديات أساسية في النشر الصحافي بدولة الإمارات، من أهمها «المحتوى الجيد، وكيفية إيجاد صحافي جيد، في ظل تركيبة سكانية تتميز بعدم الإقبال على مهنة الصحافة، كما أن مخرجات التعليم لم تتح لنا أن نخرج بصحافيين جيدين».
وقال سامي الريامي إن «التقنيات الحديثة أسهمت في تطوير العمل الصحافي، بنسبة تصل إلى ما هو أكثر من 90%، وعرض أول تجربة له عام 1996 لتغطية فعالية خارج الدولة، والصعوبات التي واجهته كصحافي في الحصول على الصور وإرسالها وكم تطلبت من الوقت، حيث تعدى موضوع إرسال صور للصحيفة في الإمارات أكثر من أربع ساعات، عدا عن الكلفة المالية والجهد، بينما اليوم لا يتطلب الأمر كل هذا العناء والوقت والجهد والتعب، بفضل التقدم التقني في عالم النشر الصحافي».
وأوضح أنه بسبب هذه التكنولوجيا المتقدمة، أصبح لدينا الإعلامي الشامل والصحافي الشامل، بحيث تصل المادة الخبرية والصور إلى الموقع الإلكتروني ومختلف وسائل التواصل الاجتماعي بسرعة هائلة، وبالتأكيد قبل النشر في اليوم التالي بالصحيفة الورقية، ما يؤشر إلى سرعة الإنجاز والنشر واختصار الوقت والجهد ودقة الإنجاز أيضاً.
وتساءل: كيف سيكون شكل الصحافة بعد خمس سنوات مثلاً، في ظل التقدم المتواصل للتكنولوجيا واستخداماتها، وهل ستبقى الصحافة الورقية حاضرة، أم لا، لافتاً إلى أنها في الأغلب ستنقرض، لكن مهنة الصحافة لن تنقرض، مشيراً إلى أن قراء الموقع الإلكتروني لصحيفة «الإمارات اليوم» مثلاً، أكبر بثلاثة أضعاف من قراء النسخة الورقية.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news