افتتح معرضه الشخصي الأول في «ندوة الثقافة والعلوم»

«زنجبار الجميلة».. بعدسة محمد المر

صورة

بوجه إبداعي جديد؛ يطلّ الأديب محمد المر، في معرض «زنجبار الجميلة»، الذي انطلق مساء أول من أمس، في ندوة الثقافة والعلوم بدبي، ليكشف معرض الصور عن ملمح مغاير في تجربة المر، صاحب الشغف الكبير بالثقافة والفنون؛ إبداعاً، كما هي الحال في القصة، أو اقتناء، وهو ما ينطبق على كنوز مقتنياته من روائع الخط العربي.

القادم أجمل

ابدى رئيس مجلس إدارة ندوة الثقافة والعلوم، سلطان صقر السويدي، سعادة غامرة بعودة الأديب محمد المر إلى فضاء النتاج الفني والثقافي، مشيراً إلى أن قدرات المر في مجال التصوير الفوتوغرافي أصيلة، لكنها لم يتح لها أن تتصدر مشهده الإبداعي كفن القص على سبيل المثال.

وتوقع السويدي مزيداً من النتاج الفني والأدبي للمر في المرحلة المقبلة، بعد أن أتم مهمته في رئاسة المجلس الوطني.

في حين رأى الكاتب عبدالغفار حسين أيضاً أن عودة المر إلى مجال الإبداع الفني عموماً مكسب كبير للثقافة الوطنية، وهو ما أشار إليه كذلك الدكتور محمد يوسف والدكتورة نجاة مكي، اللذان أشادا بالملامح الفنية التي حملتها الأعمال الفوتوغرافية للمعرض.

الأمين العام لجائزة حمدان بن محمد للتصوير الضوئي، علي خليفة بن ثالث، رأى من جانبه أن المر اختزل في «زنجبار الجميلة» كل قواعد التصوير البديع، التي ربما نكون بحاجة إلى العديد من الورش التفصيلية للإبحار في ثرائها الفني، مضيفاً: «المعرض خير دليل على أن الصورة حقاً بـ1000 كلمة، لذلك توسم أحد مالكي أسرار القص بالصورة كي يروي تجربة فنية فريدة».


شغف

قال الأديب محمد المر إن «زنجبار ليست جزيرة ككل الجزر لدى أهل الخليج العربي خصوصاً، وثمة شغف، يحيل إلى رومانسية حالمة في مخيلة من عاش ألق الحكايات التي نقلها الآباء عن الأجداد إلينا، عن سحر تلك الجزيرة التي كانت محطة مهمة في مسيرة رحلات تجارية رئيسة تستثمر الرياح الموسمية في الإبحار».

ولم يحسم المر في تصريحاته لـ«الإمارات اليوم» ما إذا كان في الأفق معرضه الشخصي الثاني في مجال التصوير الفوتوغرافي، لكنه أقر بأن ثقافة «الصورة الفوتوغرافية» لاتزال بحاجة إلى إثراء، على الصعيد العربي، سواء على صعيد الإبداع أو التذوق، على الرغم من إشارته إلى أن بعض الدول العربية شهدت في مرحلة تاريخية مبكرة احتكاكاً بمدارس غربية رائدة في هذا المجال.

 المعرض الذي افتتح بحضور وزير شؤون مجلس الوزراء، محمد القرقاوي، وعدد كبير من المسؤولين والمثقفين، جمع أيضاً مهتمين بتذوق الفنون من مختلف إمارات الدولة.

عودة محمد المر للحياة الثقافية «المعلنة» هي المكسب الحقيقي اليوم، حسب العديد من رواد المعرض، بعد سنوات تفرغ فيها لمتطلبات رئاسته السابقة للمجلس الوطني، ليدشن «زنجبار الجميلة» بداية لمرحلة جديدة، فيما يبدو، في مسيرته الثرية.

من هنا جاء المعرض، الذي أعقبه توقيع إصدار «زنجبار الجميلة» بمثابة عرس فني، وحضوره هم مدعووه، الذين ينتمون لاهتمامات مختلفة، تماماً، كهذا الاختلاف والتباعد المكاني الذي يفصل الثقافتين التنزانية التي مثلها القنصل العام لتنزانيا علي محيي الدين، ونظيره الفرنسي مجدي عابد الذي حرص أيضاً على حضور الحدث.

 توثيق

 الطبيعة، البشر، الشواهد التاريخية، الأسواق الشعبية، الصناعات التقليدية، خصوصية البيئة البحرية، والحياة الفطرية في الجزيرة، هي أكثر ما سعى المر إلى التقاطه وتوثيقه بمواصفات جمالية، لكن وفق ظروف خاصة مرتبطة بدقة بعنصر الزمان، سواء في ارتباطه بحركة الشخوص والأشياء، أو في ما يتعلق بحركته الكونية الرتيبة وما يرتبط بها من علاقة الصورة بالظل، وزوايا الإضاءة الطبيعية.

 وإذا كان الزمان هو ناظم أساسي في النتاج الفني الفوتوغرافي لـ«زنجبار الجميلة» الذي يستقبل رواده حتى الـ17 الجاري، فإن المكان يتقاطع مع هذا العنصر على أكثر من مستوى، كمحتوى الصورة نفسه، الذي يمثل بؤرة اهتمام المصور، ومكان المصور نفسه، الذي يحدد زوايا التصوير، وهذا الانسجام بين المحورين الرئيسين سيقودان إلى ظاهرة مهمة في هذا المعرض، وهي أن هناك تبايناً كبيراً بين رواده بشأن الصور الذين يبدون تجاهها احتفاء أكبر من نظيراتها.

«دكاكين في مدينة الحجر»، «قارب تحت شجرة»، «ثلاثة رجال وقارب».. عناوين لصور لا تقول كل شيء على النحو الذي تنبئ به الأعمال، فالعمل الثالث على سبيل المثال يظهر البحر ويصوره على أنه كائن اسطوري يتوسطه تماماً قارب صغير يشق طريقه بهدوء وسكينة، راسماً بحركة شخوصه لوحة جمالية، في لحظة بعينها، هي ذات لحظة التقاط الصورة.

 لقطات

 «شباب من زنجبار في سوق السمك» عنوان آخر قد يبدو أنه للقطة عابرة، وهي بالفعل كذلك، لكن التمعن في تفاصيلها يحيل إلى أسرار في تقنيات التقاط الصورة، أولاً من حيث المساحات والزوايا، والتعامل مع الظلال والإضاءة الطبيعية، لكن الأكثر فنية والمرتبط بإحساس الفنان، هو الإمساك بتلك اللحظة، التي قد تمر، دون أن تعود، ويظهر كل شاب من الشباب الأربعة، وكأنه يمثل أحد اتجاهات البوصلة الرئيسة، دون أن يغيب التناغم بينهم في أكثر من ملمح آخر، خصوصاً في تفاصيل صغيرة قد تبدو غير ملتفت إليها، مثل غطاء الرأس، والأوعية البلاستيكية التي يجلسون عليها.

 ويحفل المعرض بصور أخرى، منها: «رمال الشاطئ»، «السوق الليلي في مدينة الحجر»، «بائع الحبار يتأمل»، «خضروات زنجبار»، «آثار قصر المرهوبي»، «باب جميل في قصر بيت العجائب»، و«الأخضر والبني»، إذ يشير العمل الأخير إلى غرابة مواءمة النباتات المتشبعة بالماء والشمس، لأخرى تبدو وكأنها في حالة عطش، فمع تلقائية الالتقاطات يأتي التأمل الذي يرصد ويحلل، في حين يقترب المر في الأعمال السابقة لصيغة السائح الذي يرى في المشهد اليومي ما لا يراه الآخرون.

 مقدمة الكتاب هي بمثابة بحث مختزل عن فرادة جزيرة زنجبار ومكانتها لدى «عرب الخليج» عموماً، فضلاً عن الارتباط الثقافي والفني الوثيق بين شعبها وشعوب منطقة الخليج والوطن العربي، خصوصاً في ما يتعلق بالتراث الموسيقي، وهي مفردات دعت المر لأن يرشح زيارتها مراراً لطالب الطبيعة الآثرة والأجواء الساحرة.

تويتر