ذكرى وفاته الـ 12 تصادف 19 رمضان الجاري
زايد.. رمز العطاء والــتعايش والإنسانية
منذ البدايات اقترن اسم المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بالعطاء، وتقديم العون لكل محتاج، بصرف النظر عن الدين أو العرق، ما جعل منه رمزاً من رموز العطاء والإحسان على مستوى العالم، وجعل من الإمارات مساهِمة رئيسة في العمل الإنساني والإغاثي على مستوى العالم. والآن؛ وبينما تمر الذكرى الـ12 على رحيل الوالد الشيخ زايد، طيب الله ثراه، في 19 رمضان الجاري، سيبقى الشيخ زايد يلهم العالم أجمع في العطاء والتسامح والتعايش والعمل الإنساني والاجتماعي.
التاريخ هو الهوية الحقيقية للأمم والشعوب، وهناك علامات فارقة في تاريخ الشعوب والدول لا يتشابه ما قبلها مع ما بعدها، كما في تاريخ الثاني من ديسمبر 1971، الذي يمثل في حقيقته جوهر تاريخ دولة الإمارات، واللبنة الأساسية التي بُنيت عليها أسس قيام الدولة وتطورها ونموها، واستناداً إلى أهمية هذا التاريخ، وإلى حقيقة أن «تاريخ الإمارات المشرق لا يقل أهمية عن حاضرها الزاهي»، جاءت مبادرة «1971»، التي أطلقها سموّ الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي، بهدف الإسهام في توثيق تاريخ الدولة في جميع المجالات. جوائز عالمية تقديراً لأعمال المغفور له الشيخ زايد، الإنسانية والخيرية؛ حصل على العديد من الأوسمة والجوائز التكريمية والتقديرية على مستوى العالم، ومن هذه الجوائز والأوسمة: الوثيقة الذهبية من المنظمة الدولية للأجانب في جنيف، بوصفه أهم شخصية في عام 1985. ولدوره البارز في المجالات الإنسانية والحضارية، وفي عام 1998 اختير أبرز شخصية عالمية من قبل هيئة رجل العام الفرنسية لجهوده في مكافحة التصحر والاهتمام بالبيئة والمشروعات الإنمائية المختلفة. كما اختير الشيخ زايد، طيب الله ثراه، شخصية عام 1999 الإسلامية، من قبل المسؤولين عن جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم؛ لما يوليه من رعاية كبيرة لبرنامج الرعاية الاجتماعية والإنسانية، ولما يقدمه من دعم للتعاون الإسلامي في كل الميادين، ولإنشائه برامج المشروعات الخاصة، وبرامج الأنشطة الإسلامية الخيرية والثقافية والتعليمية، وتقديم المساعدات لمتضرري الكوارث. مواقف لا تُنسى خلال حرب أكتوبر 1973؛ عانت سورية ومصر نفاد مخزون الطعام والأدوية، فأمر الشيخ زايد، رحمه الله، وكان وقتها في لندن، سفير الإمارات في لندن، مهدي التاجر، بالتحرك ورصد 10 ملايين جنيه إسترليني لشراء كميات كبيرة من المأكولات المعلبة والأدوية، وتم نقل هذه المواد إلى مطار هيثرو، وشحنت على طائرة مستأجرة إلى القاهرة ودمشق. ولم يتم الإعلان عن هذه الجهود الكبيرة. عطاء قبل أن يمتد عطاء الشيخ زايد، رحمه الله، إلى الخارج، كان لأبناء الإمارات نصيب وافر منه، فعند توليه حكم أبوظبي تسلم الشيخ زايد أول تقرير شامل عن الأوضاع المالية لأبوظبي، فأرسل موظفي القصر إلى المناطق الفقيرة لدعوة الأهالي إلى مجلس الحاكم، وهي دعوة لم يسبق أن وجهت إلى هذه الفئة. وقام الشيخ زايد بتقديم مبلغ من المال لكل واحد منهم، وكان المبلغ يوازي ما يحصله بعضهم طوال سنة. كما استقبل الشيخ زايد، رحمه الله، الأهالي من مناطق البدو، تم تنظيمهم صفوفاً متتالية بحيث كان كل منهم يمر بالشيخ زايد ليتسلم هديته المالية مع توجيه من الحاكم بعدم التبذير. وتواصلت هذه العملية أسبوعاً كاملاً، وبلغ ما وزعه الشيخ زايد ما يقارب 20 مليون دولار. «الأفعى النارية» عندما انتشر مرض «الدودة الغينية» أو ما عرف بـ«الأفعى النارية» في أواسط تسعينات القرن الماضي، على مستوى الوباء في باكستان والهند واليمن، وضربت الدودة مناطق واسعة جداً من إفريقيا، لاسيما المناطق الصحراوية، قام الشيخ زايد بالتبرع بالمال دعماً للجهود التي تكافح هذا الوباء، فبدأت مصادر الماء العذبة بالانتشار، ما أبعد الناس عن المياه الموبوءة التي كانت سبباً في انتشار المرض. كما أمر الشيخ زايد بتقديم العون إلى سيريلانكا، حين طلبت حكومتها من الصندوق مساعدة مالية لتحديث عمليات صيد الأسماك، التي يعتمد عليها قرابة 72 ألف نسمة من السكان. |
كان الشيخ زايد يؤمن بأن الثروة التي تتمتع بها أبوظبي جعلت من واجبه تقديم المساعدة حيثما استطاع، في الداخل أو في الخارج؛ فكان يبادر بعمل الخير على الدوام، وسيرة عطائه مشهود لها منذ أوائل عقد السبعينات من القرن الماضي، وبقي يفعل ذلك طوال 35 سنة بعيداً عن عدسات الكاميرات ووسائل الإعلام.
وبحسب التقديرات، فقد أنفقت الإمارات على المساعدات الخارجية بين عامي 1971 و1996 ما يزيد على 17.4 مليار دولار، واستفاد منها أكثر من 40 بلداً في ثلاث قارات. وكان، رحمه الله، يتعاطف كثيراً مع الناس العاديين في أوقات المحنة والمعاناة، كما يذكر الكاتب، غريم ويسلون، في كتابه «رجل بنى أمة»، الصادر عن الأرشيف الوطني، ويتناول مواقف شاهده على إنسانية الشيخ زايد وعطائه غير المحدود.
ويشير ويلسون في كتابه إلى أن الشيخ زايد، في منتصف السبعينات من القرن الماضي، كان يضع مليارات الدولارات بتصرف المنظمات الخيرية العالمية المعنية بالمساعدات الإنسانية، الأمر الذي وضع دولة الإمارات العربية المتحدة في طليعة الدول المساهمة في ميزانيات هذه المنظمات الدولية.
وإلى جانب ذلك؛ كانت الإمارات عضواً قيادياً في «صندوق أبوظبي للتنمية الاقتصادية العربية»، الذي أنشئ لتمويل مشروعات التنمية في البلدان العربية عام 1973، برأسمال 1.5 مليار دولار، وكان المؤسسة الإماراتية الرئيسة المعلن عنها لتقديم المساعدات، وتوسع عمل الصندوق بعد تأسيسه، فتبنى مشروعات في إفريقيا وآسيا، وقد رفع الشيخ زايد رأسمال الصندوق ليصل 4.4 مليارات دولار، وبذلك تمكن الصندوق من رفع وتيرة نشاطه، فقدم الهبات والقروض الميسرة التي توزعت على أكثر من 50 مشروعاً بين عامي 1974 و1975، منها 31 مشروعاً في الوطن العربي، و10 مشروعات في إفريقيا، وتسعة في آسيا، وكان الشيخ زايد حريصاً على حسن إدارة الصندوق، وكثيراً ما كان يلغي بعض الديون المترتبة شريطة عدم الإعلان عن ذلك، وكان الاهتمام يتركز على مشروعات البنى التحتية التي من شأنها الارتقاء بحياة الإنسان.
وكان الشيخ زايد يدرك أنه لا يستطيع مساعدة كل الناس، لكنه كان مؤمناً بأن أموال المساعدات إذا تم إنفاقها في وجهتها الصحيحة تتسع فائدتها، ويمكن أن يكون لها تأثير إيجابي في المجتمعات المستفيدة وفي بلاد بأسرها، حتى إن إنشاء مدرسة يمكن أن يغير مجرى حياة منطقة.
وتفرد الشيخ زايد بحرصه الشديد، من خلال مساعديه، على متابعة برامج المساعدات خطوة بخطوة، وهو ما ساعد كثيراً في نجاح المساعدات الخيرية التي قادها.
وطالما احتلت قضية فلسطين صدارة اهتمام المغفور له الشيخ زايد بن سلطان، حيث أدرك المعاناة التي كابدها الشعب الفلسطيني، وكان نصيراً لقضيتهم؛ إذ قدم الشيخ زايد الكثير من المعونات لتمويل الإغاثة والإسعافات الطبية في المخيمات، وحيثما ذهبت في الأراضي الفلسطينية تجد المدارس والمستشفيات التي تحمل اسمه، والكثير سواها مما لا يحمل اسمه، وإنما يعود الفضل في إنشائها إلى أياديه البيضاء.
إلى جانب فلسطين؛ استفاد كثير من دول العالم من مساعدات دولة الإمارات، مثل السودان التي زارها الشيخ زايد عام 1972، وقدم صندوق أبوظبي العون لتخفيف معاناة أبنائه من الحرب والجفاف، عبر دعم مشروعات زراعية، ومشروعات البنى التحتية. وفي عام 1973 أمر الشيخ زايد المسؤولين في حكومته بنقل مساعدات إلى سورية ومصر، من دون إعلانها في وسائل الإعلام، وتم نقل مئات الجرحى بالطائرات من سورية، ولا سيما الأطفال، إلى مستشفيات أبوظبي وإلى مستشفيات أوروبية، ليحصلوا على العناية الطبية اللازمة. ووقفت دولة الإمارات بقيادة الشيخ زايد إلى جانب دولة الكويت الشقيقة حين تعرضت للغزو، فساندتها بأشكال الدعم كافة، ولاسيما الدعم الإنساني؛ إذ أمر الشيخ زايد، بعد تحريرها، بإرسال الفرق الطبية إليها، ووجه بشحن ما أمكن من مياه الشرب إليها، وبتحميل الشاحنات بالمولدات الكهربائية وتوزيعها على السكان والمقيمين في الكويت، فضلاً عما قدمته الإمارات لضيوفها الكويتيين على أرضها.
وتلقت الصومال في بدايات تسعينات القرن الماضي المساعدات ومواد الإغاثة من الإمارات لتوزعها على ذوي الحاجة، وفي اليمن كانت الأيادي البيضاء للشيخ زايد في هذا البلد حاضرة دوماً. كذلك وضع الشيخ زايد، طيب الله ثراه، وحكومته ملايين الدولارات بتصرف الحكومة البوسنية، وضخت الحكومة الإماراتية المساعدات المالية لإنعاش مشروعات الطوارئ الاجتماعية والمستشفيات في العاصمة سراييفو خلال حصارها.
أرقام وأحداث
1993
منحت جامعة الدول العربية «وشاح رجل الإنماء والتنمية» للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، تعبيراً عن اعتزاز كل الشعوب العربية والإسلامية بجهوده المقدرة في مكافحة التصحر والاهتمام بالبيئة والمشروعات الإنمائية على مستوى دولة الإمارات وأيضاً الدول العربية والإسلامية الشقيقة.
4.4
مليارات، عام 1974 أمر الشيخ زايد بمضاعفة رأسمال «صندوق أبوظبي للتنمية الاقتصادية العربية» إلى 4.4 مليارات دولار.
50
بين عامي 1974 و1978 قدم «صندوق أبوظبي للتنمية الاقتصادية العربية» 587 مليون دولار من الهبات والقروض الميسرة توزعت على أكثر من 50 مشروعاً، منها 31 في الوطن العربي، و10 في إفريقيا، وتسعة في آسيا.
1975
في 1975 تبنى «صندوق أبوظبي للتنمية الاقتصادية العربية» أول مشروعاته في إفريقيا، وفي 1977 احتضن المشروع الأول في آسيا.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news