جلسة حوارية ضمّت مثقفين ومبدعين أعربوا عن ابتهاجهم باختياره «شخصية العام»

محمد المر: البسطاء أيضاً يعشقون المسرح

صورة

لم يهنيء مبدعون ينتمون إلى دوائر مختلفة للإبداع من فنون الحكي والفنون الأدائية والخط والتشكيل والشعر، الأديب محمد المر، على فوزه بجائزة شخصية العام في دورة «تمام العقد» لمهرجان دبي لمسرح الشباب، بقدر ما عبّروا عن ابتهاجهم بذهاب هذه الجائزة له، وذلك على هامش ندوة حوارية، استضافتها بهذه المناسبة، مساء أول من أمس، ندوة الثقافة والعلوم.

سعيد النابودة: بذور المر تثمر

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2016/10/554725.jpg

قال رئيس مجلس إدارة هيئة دبي للثقافة والفنون بالإنابة، سعيد النابودة: «إن أي متابع للحركة الثقافية في الإمارات عموماً، وفي دبي بصفة خاصة، سيجد العديد من التجارب الناضجة، التي مثلت في مرحلة ما، بذوراً سقاها المر بفيض ثرائه المعرفي، ولم يتخل عن دعمها، في أوقات كانت في أمسّ الحاجة فيه للرعاية والاهتمام».

علي عبيد: ثري المعرفة.. عميق الاطلاع

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2016/10/554727.jpg

قال الأديب علي عبيد: «إن الأديب محمد المر شخصية ثرية المعرفة عميقة الاطلاع، من الصعب التقديم لها في جلسة حوارية واحدة، وسيكون مقدم أي ندوة بحاجة إلى ندوات متتالية، للتعريف بالمر وحقيقة تأثيره في المشهد الثقافي المحلي والخليجي والعربي». معتبرا المر شخصية موسوعية في مجالات الثقافة والفنون المختلفة.

عمر غباش: تكريم لكل المثقفين

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2016/10/554726.jpg

قال الفنان عمر غباش: «إن تكريم محمد المر بجائزة شخصية العام، هو بمثابة تكريم لكل المثقفين، وليس أهل المسرح فقط، الذين لامس جراحهم، عبر مطالبته بخطة للنهوض بفنهم». وطالب غباش المر بأن يتولى بنفسه الإشراف على تلك الاستراتيجية، لكن المر أشار الى أن القيام بذلك سيكون أجدى من قبل «أهل الاختصاص بفنون المسرح».

هذه الحالة عبّر عنها أيضاً نائب رئيس مجلس إدارة ندوة الثقافة والعلوم، علي عبيد، الذي تخلى عن فكرة تقديم المحتفى به، مشيراً إلى صعوبة ذلك، بل استحالته، وهو بصدد شخصية موسوعية الفن والعطاء، سواء في مجال القصة، أو المسرح، أو الموسيقى، أو الخط والفنون التشكيلية، تذوقاً واقتناءً، وغير ذلك من الفنون، التي أبحر المر في متونها، رافداً منتميها بغزارة علم، وسعة اطلاع واسعين.

وترك عبيد المجال للأديب محمد المر، ليبدأ حديثه من الوجهة التي يريد، وفضّل المر في هذا السياق، أن يستغرق في بعض القضايا المهمة، وحال (أبوالفنون) محلياً وعربياً.

المسرح للجميع

وأكّد المر حقيقة أن «المسرح للجميع»، ولا يمكن أن يكون للنخبة حصراً، مستشهداً بالتفاف الجماهير في وقت مبكر جداً من بزوغ المسرح العربي في مصر، خصوصاً في القرى والنجوع، بأعمال تعود لشكسبير وبريشت وغيرهما، كان يقدمها جورج أبيض، وسواه، عبر عروض متجوّلة، مضيفاً: «هذه دلالة قاطعة على أن المسرح لا يمكن أن يكون حصراً على النخبة، بل إن الجمهور بما فيهم البسطاء يستمتعون بالمسرح الجاد الملتزم، ويبحثون عنه، في حال تم تقديمه برقي وحرفية وإخلاص وتجويد لأدواته».

واحتضنت قاعة المحاضرات في ندوة الثقافة والعلوم، مساء أول من أمس، جلسة حوارية مع الأديب محمد المر، في إطار تكريمه بـ«شخصية المهرجان» لهذا العام، وأدار علي عبيد الهاملي، عضو مجلس إدارة الندوة، الذي شكر مهرجان دبي لمسرح الشباب على تكريمه لمحمد المر، الذي هو شخصية ثقافية كبيرة متعددة المواهب والاهتمامات الثقافية، مضيفاً أن «مهمة التعريف بشخصيته مهمة صعبة، فهو أديب وكاتب قصة وناقد ومتذوق للفن، وعاشق لفن الخط جامع للمخطوطات، ومحب للمسرح عارف بتاريخه».

تحدث عن المسرح في الإمارات وعوائق تطوره ورؤيته لكيفية النهوض به، وأشار في البداية إلى أنه وأبناء جيله تعرّفوا إلى المسرح من طرق عدة، منها الكتب العربية، خصوصاً المصرية، ومنها المسرح الكويتي، الذي كان ينقل عبر تلفزيون الكويت.

وقال إن «المسرح الخليجي عموماً بدأ بالمسرح المدرسي، ثم مسرح الأندية الثقافية، كانت بداية المسرح في الإمارات والخليج عموماً من المدرسة ثم الأندية الثقافية، فمع بداية انفتاح المنطقة على الحداثة ظهرت وسائل التعبير الحديثة، وكان المسرح من أهمها، وكانت في البداية المسرحيات بسيطة تجمع بين الوعظ والتسلية، وكان الفهم السائد عن المسرح أنه مجرد تمثيليات تحمل ملمحاً درامياً بسيطاً، والبقية للتسلية والوعظ، وهو فهم خاطئ، لأن المسرح فن عظيم عرفه اليونان والرومان، ثم انتقل إلى أوروبا أثناء النهضة، فكان شكسبير ثم موليير، وكل ذلك التاريخ المسرحي الممتد إلى اليوم».

ظواهر درامية

ورأى المر أن «البعض ذهب الى تحميل وقائع ثابتة أكثر مما تحتمل في ما يتعلق بتاريخ نشأة المسرح العربي»، مشيراً إلى أن «العرب عرفوا ظواهر درامية واحتفالية، مثل (الحكواتي) و(القراقوز) وأنواع من التعبير الفلكلوري الدرامي، لكن تلك ليست هي المسرح بمفهومه الذي استقر عليه في الغرب، الذي له تقنيات خاصة في الكتابة والعرض، فذلك المسرح هو من الظواهر الحديثة في الثقافة العربية، جاء إليها عن طريق الغرب».

وأشار المر الى أن «المسرح العربي بدأ في مصر، التي جاءها من فرنسا أثناء وبعد حملة نابليون بونابرت، وظهر أولاً على شكل مسرح غنائي ثم تطور بعد ذلك، وكان يلقى رواجاً وإقبالاً من المجتمع، وبعد ثورة 1952 تبنّت الدولة المسرح، وظهرت تلك الترجمات الممتازة لروائع المسرح الغربي، التي أشرف عليها الدكتور علي الراعي، وغيره، والتي أدت إلى النهضة العظيمة التي عرفها المسرح المصري في الستينات، لكنه في العقود اللاحقة بدأ يتراجع بتأثير من موجة مد العروض التجارية».

وفي ما يتعلق بالمسرح الخليجي، قال المر: «إن إرهاصات المسرح الخليجي بدأت في الكويت»، مضيفاً: «استقدم الكويتيون الفنان زكي طليمات في الستينات، الذي بدأ تدريب الفرق المسرحية ويؤهل المسرحيين على أصول المسرح، قبل أن تشهد الكويت نهضة مسرحية نقلها إلينا التلفزيون الكويتي، وظهرت فيه أعمال رائعة، لكنه بعد ذلك بدأ في التراجع هو الآخر، وساد شكل جديد من المسرح الكوميدي، الذي يسعى إلى الإضحاك والربح المالي باعتبارها أولويتين».

وفي ما يتعلق بالمسرح المحلي أشار المر إلى أن «المسرح الإماراتي بدأ في السبعينات، مع المسرح المدرسي، ومسارح الأندية، ثم جاء الفنان الكويتي صقر الرشود، الذي تولى تدريب مسرحيين عدة، حملوا بعد ذلك لواء المسرح، وظهرت منذ ذلك الوقت تجارب ناضجة، أثرت الساحة الثقافية الوطنية».

عوائق

وحدّد المر ثلاثة عوامل رئيسة لعدم تطور المسرح الإماراتي على النحو المؤمل: أولها غياب الاهتمام الرسمي من قبل الجهة الوصية على المسرح آنذاك، حيث لم يكن هناك تقدير لأهمية المسرح وقيمته الفكرية والفنية، والعامل الثاني هو عدم فهم المسرحيين لمراحل المسيرة التي ينبغي أن يسلكها العمل المسرحي لكي يتجذر في تربة الإمارات، وهي مسيرة كان ينبغي أن تبدأ بتمثيل النص المسرحي العالمي، ثم بالاقتباس والأمرتة للنصوص، ثم نصل إلى مرحلة الكتابة، وهذه الخطوات ضرورية في تتابعها، لكنها لم تراع من قبل المسرحيين الذين ذهبوا مباشرة إلى التأليف، والعامل الثالث هو أن الفرق اكتفت بالمسرحيين من ممثلين ومخرجين وكتّاب، ولم تستوعب في إدارتها نقاداً مسرحيين ومثقفين يمتلكون الوعي النقدي اللازم في مشروعات النهضة الثقافية.

وثمّن المر في هذا الصدد تجربة الفنان ناجي الحاي، قائلاً: «إنه واحد من أولئك الذين يمتلكون الوعي النقدي الضروري للعمل المسرحي».

وأبرز المر أهمية تخصيص ميزانيات مناسبة للأنشطة المسرحية على مستوى الهيئات الحكومية المعنية بالثقافة، وتطوير الكوادر المسرحية في شتى مجالات المسرح، عن طريق ابتعاثها للدراسة الخارجية، وللمهرجانات العالمية لتحتك بالتجارب العالمية.

ولم يفت صاحب جائزة شخصية العام، الإشارة إلى أن «هناك علامات مضيئة في المسرح الإماراتي، خصوصاً تلك التجارب التي رعاها صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، من خلال الأنشطة المسرحية الكثيرة، التي لم تقتصر على الإمارات، بل تجاوزتها إلى المسرح العربي، الذي يوليها اهتماماً ودعماً كبيرين، وهو مستمر في ذلك حتى الآن».

تويتر