تقدِّم الأمل كعلاج.. والمرح كمُسكّن للموجوعين

المُهرّجة نصار.. جرعة ضحك لأطفال مرضى بالسرطان

مع إطلالة صباح كل يوم جديد، ترتدي الفتاة الفلسطينية دينا نصار ملابس المهرجين الملونة، وقبعة أرجوانية اللون، وتضع أنفاً أحمر، وتتوجه صوب مستشفى الرنتيسي للأطفال في حي النصر غرب مدينة غزة، لتتنقل بين غرف المصابين بمرض السرطان، مصطحبة العديد من الألعاب والهدايا المختلفة لهم.

حب وألفة

الطفلة ميس بدر ترى في المهرجة نصار الأمل، الذي يجري في عروقها لتجاوز محنتها، والشفاء من أجل تحقيق طموحها في العيش بسلام كبقية أطفال العالم.

وتقول إن «الحركات البسيطة، والألعاب المضحكة، التي تقدمها لنا المهرجة هي الحياة بأكملها بالنسبة لي، فقضاء ساعات عدة بصحبتها يسعدني، كأنها جرعة علاج».

وتضيف: «المهرجة نصار لا تتعامل معنا كأنها عارضة سيرك تقدم عروضاً مضحكة فحسب، بل هي بمثابة صديقة لنا، تشعر بآلامنا، وترافقنا في كل مراحل علاجنا، كما تداوم على زيارتنا طوال الوقت».

وتقول والدة الطفل أحمد الهسي، المصاب بسرطان الدم، إن «ما تقدمه دينا نصار أسهم بشكل كبير في تحسين الحالة النفسية لطفلي، وبقية الأطفال المرضى، فقد خففت آلامهم عبر الألعاب والأنشطة، بالإضافة إلى إزالة إحساس الرهبة والخوف الملازم للأطفال».

وما أن تلتقي الفتاة نصار مع الأطفال المصابين بالسرطان، وتمارس ألعاب المهرجين أمامهم، حتى يتلاشى الخوف من قلوبهم، وتعم أجواء المرح في الغرف، ما يخفف آلامهم المكتومة داخل أعضائهم.

وتحاول المهرجة دينا نصار (24 عاماً)، من خلال ألعاب البهلوان والهدايا المتنوعة، إدخال الفرحة إلى قلوب الأطفال الذين يشعرون بالعزلة داخل أروقة المستشفى، وهم ينتظرون مصيرهم بعد حرمانهم من السفر للعلاج في الخارج، حيث يشعرون بالعزلة.

تقول نصار، لـ«الإمارات اليوم»، وهي تتوسط أطفالاً مصابين بالسرطان في مستشفى الرنتيسي، إنني «أدرك جيداً معاناة مرضى السرطان من الأطفال في غزة، وأشعر بحجم الأوجاع التي تعتصر قلوبهم لحرمانهم من الحياة الطبيعية كبقية الأطفال، وما يتبع ذلك من تأثيرات نفسية حادة، تلازمهم طوال الوقت».

وتضيف: «والدي توفي قبل عامين بعد صراع طويل مع مرض السرطان، وقد عانى منه على مدار سنوات عدة، لذلك قررت تقديم ما يستحقه الأطفال المصابون بهذا المرض، ليخفف حدة آلامهم، ويزيل الآثار النفسية المرافقة لتلك الأوجاع». من أجل ذلك، التحقت الفتاة نصار بمؤسسة «بسمة أمل» لرعاية مرضى السرطان في غزة منذ عامين، لتقدم العديد من المبادرات الإنسانية، التي من شأنها مساعدة أولئك الأطفال في التغلب على المرض، وتجاوز مراحله الخطرة.

وتقول: «حاولت، من خلال مبادرتي، تغيير الروتين العام داخل المستشفيات في غزة، وتقديم الدعم النفسي لأطفال السرطان، ونشر أجواء الفرح داخل غرف العلاج، ما يساعدهم في كسر حاجز الخوف من الأطباء، والأدوية والحقن، وكذلك الأجهزة الطبية». وتضيف: «لم يقتصر دوري على تنفيذ ألعاب المهرجين للأطفال، وتقديم الهدايا لهم، بل أوجد دائماً بجانبهم أثناء إجراء الفحوص الطبية، وسحب عينات من دمائهم، وكذلك خلال عملية غسل الكلى للأطفال للمصابين بالفشل الكلوي، بفعل خوفهم الشديد وآلامهم الكبيرة الناتجة عن تلك العملية». وتقدم الفتاة المهرجة داخل مستشفى الرنتيسي للأطفال عروض سيرك مختلفة، ومضحكة، منها قذف الكرات والحلقات البلاستيكية في الهواء، ومبارزتهم ببالونات طويلة تشبه السيوف.

تويتر