أنشطة جاذبة للأطفال وحضور مميز للبيئة البدوية

«سفينة البغلة» تحفة فنية في «الشارقة التراثية»

صورة

مازالت فعاليات افتتاح أيام الشارقة التراثية في مدن ومناطق إمارة الشارقة مستمرة، حيث تم أول من أمس افتتاح الأيام في منطقة مليحة، لتضاف إلى نسخ الأيام في الذيد والمدام وشيص، لتتبعها لاحقاً في خورفكان والحمرية ومناطق أخرى من الإمارة. ومازالت فعاليات الأيام في منطقة التراث بقلب الشارقة تستقطب عشاق التراث وجمهوراً كبيراً من داخل الدولة وخارجها، في ظل حالة من التفاعل والتكامل وتبادل المعلومات والخبرات والتجارب، من أجل التأكيد على أهمية وضرورة صون التراث وحفظه وحمايته ونقله للأجيال.

«القهوة» في المقهى الثقافي

تناول الباحث عبدالله خلفان اليماحي، آداب صب القهوة قديماً في المجتمع الإماراتي، وذلك في المقهى الثقافي في البيت الغربي، حيث ألقى الضوء على كيفية صب القهوة في الماضي والحاضر، مركّزاً على ضرورة التقيد بالعادات والتقاليد الإماراتية عند صبها.

وقال إن من العادات الإماراتية البدوية القديمة صب القهوة والشخص حافي القدمين، وأن يمسك الدلة باليد اليسرى والفنجان باليمنى، سارداً بعض القصص عن القهوة وحساسيتها في المناسبات والفعاليات، مستذكراً أهمية تقديم القهوة وهي ساخنة، وإذا كانت باردة كان الزوار يطلقون عليها «محمومة»، خوفاً من إحراج أهل البيت أو أصحاب المناسبة. وبين أن شرب الضيف لأول فنجان قهوة عند البدو يعطي الاطمئنان لصاحب البيت، وأن عملية صب القهوة مستمدة من الأصول والعادات المجتمعية في كل دولة، ولها العديد من الطرق لصبها.

شهادة «أنا ألتزم بتراثي»

قالت الدكتورة عائشة الحصان: «طرحنا فكرة شهادة (أنا ألتزم بتراثي)، وهي شهادة تؤكد أنني أنا فلان الفلاني، ألتزم بتراثي، والمحافظة عليه، وأروج له، وشهد اليوم الأول من أيام الشارقة التراثية توقيع أكثر من 300 شهادة، وكانت الشهادة الأولى أو الشاهد الأول هو معهد الشارقة للتراث، ومن ثم مركز التراث العربي».

إلى ذلك، فمركز التراث العربي هو مركز متخصص في عرض التراث العربي، وأحد أقسام معهد الشارقة للتراث، ويضم أربع قاعات مقسمة بحسب الأقاليم في الوطن العربي، ويتم في كل قاعة عرض للأزياء التقليدية لتلك الأقاليم، إضافة إلى أدوات الزينة والحُلي وبعض الأدوات المنزلية، وهذه الأقسام الأربعة هي قسم دولة الإمارات العربية المتحدة، الذي يحتوي على الأزياء الإماراتية التقليدية، وقسم شبه الجزيرة العربية، الذي يضم عدداً من الأزياء وأدوات التراث المرتبطة بهذه المنطقة، والتي تأثرت بالعديد من الحضارات، وشكلت تراثها، وقسم وادي النيل والمغرب العربي، الذي يحتوي على الأزياء والأدوات التي تأثرت بمختلف الحضارات والديانات في المنطقة، واستمر أهلها في المحافظة على هذه التقاليد والأزياء المتنوعة، وحرص سكانها على اقتنائها إلى الآن، وقسم بلاد الشام والرافدين، الذي يحتوي على أدوات التراث المتعلقة بالمنطقة والمرتبطة بالديانات والحضارتين الكنعانية والسومرية، وانعكست هذه الحضارات على الأزياء والأدوات التراثية.

سفينة البغلة

تحتفظ «سفينة البغلة» بقصص وحكايات تاريخية عريقة، ففي كل زاوية منها هناك حكاية، وهي اليوم حاضرة في أيام الشارقة التراثية، وتعتبر تحفة فنية بحرية وتراثية ضاربة جذورها في التاريخ، وتقف اليوم في خور الشارقة قبالة ساحة التراث، لتحتفل مع العالم بأيام الشارقة التراثية، وهي واحدة من بين 600 سفينة استخدمت ضمن قوة القواسم البحرية في الماضي، لذلك اهتمت أيام الشارقة التراثية بإبرازها وتعريف جمهور الأيام بهذه الأيقونة التراثية والثقافية، والتحفة الفنية والبحرية الضاربة جذورها في التاريخ.

والسفينة معروفة أيضاً باسم القاسمية، وقد شارك في تصنيعها فنيون مهرة من الإمارات وعُمان والهند، أخذوا في الحسبان الملامح التقليدية لهذا النوع من السفن، وقد بلغ طولها 29 متراً (95 قدماً)، وطول البيص 20 متراً (65 قدماً)، وعرضها سبعة أمتار (22 قدماً)، والارتفاع بلغ خمسة أمتار (16 قدماً)، في حين بلغ ارتفاع الشراع تسعة أمتار (29 قدماً). واستغرق بناء السفينة نحو عام تقريباً، وتم استخدام أنواع عديدة من الخشب، من بينها الساج والسدر والفرط، وقام الفنيون بتزيين البغلة بالنقوش والزخارف التقليدية، كما كتب عليها مسمى القاسمية، ونقشت على ألواحها آية قرآنية كريمة.

وضمن فعاليات الأيام، تم تنظيم بعض البرامج والندوات والمحاضرات، على ظهر السفينة، كما كانت حاضرة يوم الافتتاح، حيث قدمت الفرق الفنية الشعبية الإماراتية عروضاً جذابة من على متنها، لاقت استحسان وإعجاب الحضور، الذي أخذ يسأل عن قصتها وحكايتها وتاريخها. «سفينة البغلة» تستوعب نحو 20 من البحارة، إضافة إلى طاقمها، وكانت رحلاتها إلى الهند وإفريقيا والبصرة، وتبلغ حمولتها نحو 700 طن، وقد كانت من أكثر أنواع السفن استخداماً في الخليج العربي، كما استخدمت في الغوص بحثاً عن اللؤلؤ.

البيئة البدوية

حضور بيئات الإمارات الأساسية في أيام الشارقة التراثية عنوان كبير، ومحطة لا يمكن الاستغناء عن زيارتها في ساحات الأيام، فتلك البيئات الجبلية والبدوية والزراعية والبحرية، تشهد يومياً إقبالاً كبيراً من المواطنين والزوار والضيوف منذ اليوم الأول لانطلاقة الأيام، والكل يسأل عن تفاصيل تلك الحياة، وتفاصيل المنتجات والأدوات المستخدمة.

البيئة البدوية التي جهزها سالم آل علي من أم القيوين، ويقيم فيها كما هي حاله في كل عام منذ نحو 10 سنوات، يشرح للزوار والضيوف مختلف تفاصيل البيئة البدوية، ويقول: «نريد أن نُعرّف الزوار وأبناءنا عن مختلف تفاصيل حياتنا في البيئة البدوية، ونريد لهم أن يتعلموا الكثير، وأن يتمسكوا بتراثهم، حيث نحرص على الحفاظ عليه ونقله إلى الجيل الجديد، وهي حاضرة دوماً في الأيام، وتجد عشاقاً كثراً من الزوار ومن الجيل الجديد، وتقدم صورة شاملة عن حياة الإماراتيين في مراحل سابقة».

مركز التراث العربي

قالت مدير مركز التراث العربي، الدكتورة عائشة الحصان: «هذه أول مشاركة للمركز في الأيام، من خلال لجنة التراث العربي المنبثقة عن اللجنة العليا لأيام الشارقة التراثية، ويكمن دورها في تسليط الضوء على بعض الأماكن والمباني التراثية في المدن العربية».

وتابعت: «لدينا جدارية تحتوي على بعض المعالم التراثية في العالم العربي، وصور قديمة من الأحياء والمدن العربية، والقصد منها هو أن التراث مبنى، وهو ماثل أمامنا، ومعنى، وهو تلك المعاني التي تتجلى من خلال تلك العدسات التي يستخدمها الزائر لمشاهدة الصور القديمة في الأحياء العربية».

تويتر