مسؤولون وخبراء يطالبون بقرار يوقف المركبات أثناء الاضطرابات الجوية

حوادث الضباب.. تهور في القيادة ومطالب بتفعيل الدوام المرن

صورة

سجلت مناطق عدة في الدولة، أخيراً، حوادث مرورية بليغة وقت الضباب الكثيف، وشهدت دبي وحدها 400 حادث، على مدار أربعة أيام في أوقات ضبابية ليلاً، وخلال الساعات الأولى من الصباح.

وعزا مسؤولون وخبراء هذه الحوادث إلى التهور في القيادة، أثناء انخفاض الرؤية الأفقية، وقلة الوعي بكيفية التعامل مع الضباب، خلال قيادة المركبات على الطرق الداخلية والخارجية.ودعوا إلى إطلاع السائقين على نشرات حالة الطقس، لمعرفة الأحوال الجوية، قبل تحركهم إلى أعمالهم أو السفر إلى إمارات أخرى، مؤكدين أهمية إلمام السائقين بالاستعدادات الخاصة بالقيادة الآمنة في الأجواء الضبابية.وطالبوا بقرار اتحادي، يلزم بوقف حركة المركبات أثناء الأحوال الجوية السيئة، وإلزام مؤسسات خاصة بالسماح لموظفيها بالتأخر عن العمل لساعات معينة عند اضطرابات الطقس، وتفعيل الدوام المرن في القطاعات الحكومية وقت الضباب.وأوصوا باستخدام الإضاءة الصفراء لإنارة الطرق، والحرص على صيانة المركبات، مؤكدين أهمية ترك السائق مسافة أمان إضافية بين مركبته والمركبة التي أمامه في الأجواء الضبابية والممطرة، حتى يكون مستعداً للتعامل مع الحوادث المفاجئة.


قال رئيس مجلس المرور الاتحادي، مساعد القائد العام لشرطة دبي لشؤون العمليات اللواء محمد سيف الزفين، إن مؤشر الحوادث، التي تقع أثناء الضباب يعكس قلة وعي سائقي مركبات، وسعيهم للوصول إلى أعمالهم مبكراً، مشيراً إلى هذه الإشكالية متكررة على الرغم من أن فترة انتشار الضباب في الدولة ليست كبيرة، مقارنة بما يحدث في دول أخرى.

نظام لرصد كثافة الضباب والتنبؤ به

يقوم معهد مصدر، بالتعاون مع شركة الاتحاد للطيران، بتطوير نظام لرصد كثافة الضباب والتنبؤ به، ما يساعد في إدارة عمليات الطيران بكفاءة أكبر، حيث يقوم فريق بحثي تحت قيادة الأستاذ المشارك في الهندسة الكيميائية والبيئية، الدكتور مروان تميمي، برصد حالة الضباب والتنبؤ به في أبوظبي، من خلال نظام رصد، يشمل تقنية المراقبة عبر الأقمار الاصطناعية.

ثقافة منعدمة

قال العميد عمر عبدالعزيز الشامسي إن هناك فئات من السائقين تنعدم لديها ثقافة القيادة الآمنة، في ظل وجود أكثر من 200 جنسية في الدولة، لافتاً إلى أن السائقين في بعض الدول يذهبون إلى أكثر من الالتزام بالقانون في بعض المواقف لحماية الآخرين، مثل صنع مسار ثالث يتحرك فيه مسنون أو ذوو الإعاقة، وأصحاب الحالات الطارئة.

عناصر تشكل الضباب

كشف المركز الوطني للأرصاد الجوية والزلازل أن العام الماضي شهد 181 يوماً، تكون فيها الضباب الخفيف والكثيف، مشيراً إلى أن هناك ستة عناصر مجتمعة تشكل الضباب، هي: استقرار الحالة الجوية، وارتفاع الرطوبة النسبية إلى أكثر من 95%، وهدوء الرياح، ووجود مرتفع جوي، سواءً في طبقات الجو العليا أو السطحية، وأن تكون طبقة الانقلاب الحراري قريبة من الأرض، بالإضافة إلى صفاء الجو بشكل عام، وعدم وجود سحب سميكة.

وأشار المركز إلى أنه يصدر نشرات تحذيرية مستمرة بالحالة الجوية، ونصائح في حالات الضباب الكثيف، تتضمن نصائح للسائقين على الطرق، بضرورة أخذ الحيطة والحذر، وتخفيض السرعات، وترك مسافة أمان، واستخدام كشافات الضباب.

الدوام المرن

تتبنى الحكومة الاتحادية نظام الدوام المرن، لدى موظفي وزارات وهيئات، إذ تسمح لهم بالتأخر في حدود ساعة واحدة، بعد السابعة والنصف صباحاً، في أوقات الاضطرابات الجوية والأمطار، أو الظروف الاستثنائية الأخرى، فيما يخلو القطاع الخاص في الدولة من قرارات ملزمة مشابهة.

سلوكيات خاطئة أثناء الضباب

1 استخدام أضواء المصابيح العالية Full Beam، حيث تنعكس في الأجواء الضبابية، ما يتسبب في انعدام الرؤية لك وللمركبات القادمة من الاتجاه المعاكس.

2 الوقوف على الطريق أو بالقرب من خط السير، كي لا تكون أول المشاركين في حادث متتالٍ مع المركبات القادمة من الخلف.

3 السرعة حتى إن بدا لك انقشاع الضباب، فقد تجد نفسك فجأة وسط الضباب مرة أخرى، والطرق المبتلة تسهم في انزلاق المركبة، وتقلل كفاءة المكابح.

4 استخدام إشارات الضوء الرباعية في موقف غير طارئ سلوك خاطئ، لأن استخدامها لا يسمح لك بتنبيه السائقين، عندما تتعرض لموقف طارئ.

وأضاف: «لا تجب الاستهانة إطلاقاً بهذه المشكلة، لأن الضباب في بعض الحالات يكون كثيفاً، وتكون القيادة فيه أشبه بالسماح لأعمى بقيادة سيارة، لذا ينبغي على سائقي المركبات الوقوف فوراً عند انتشار الضباب، حتى لا يتحول استمرارهم في القيادة إلى انتحار».

وأوضح أن القيادة في جو صحو، بمثابة القدرة على التحرك بنظر سليم مكتمل، وكلما انتشر الضباب يقل النظر، ويجب التصرف بطريقة مناسبة عند كل مرحلة حسب نسبة الضباب في الطريق. وأوصى باستخدام الإضاءة الصفراء لإنارة أعمدة الطرق، لأنها أكثر قدرة على اختراق الضباب، وتسهيل الرؤية على مستخدمي الطرق، بدليل استخدامها في إشارات الطوارئ بالسيارة، والسماح للموظفين في هذه الحالات بالتأخر من ساعتين إلى أربع ساعات، حسب ظروف الطقس في ذلك اليوم.

إهمال واضح

من جهته، اعتبر نائب مدير الإدارة العامة للعمليات بشرطة دبي، العميد عمر عبدالعزيز الشامسي، أن هناك إهمالاً واضحاً من قبل فئة من السائقين في التعامل مع الضباب، وهناك من ينشغل في تلك الظروف بالهواتف النقالة ما يشكل خطراً إضافياً، لافتاً إلى أن هناك تحديثاً مستمراً لحالة الطقس على وسائل التواصل الاجتماعي، ومن المفترض أن يطلع عليها كل السائق قبل تحركه، خصوصاً أن الدراسات تؤكد إطلاع الإنسان العادي على هاتفه كل أربع دقائق، الأمر الذي يضمن لاحقاً سلامته في الطريق.

وذكر الشامسي أن هناك أربعة أسباب رئيسة لوقوع الحوادث في أوقات الضباب، تشمل: عدم الاطلاع على أحوال الطقس من قبل السائقين قبل الخروج، والتهور في القيادة دون مراعاة تدني مستوى الرؤية، وضعف الثقافة المرورية من قبل بعض مستخدمي الطريق، وعدم صيانة المركبة وصلاحية أجهزة ضرورية في هذه الظروف، مثل المصابيح والإشارات.

وقال إن غرفة القيادة والسيطرة، بالإدارة العامة للعمليات في شرطة دبي، سجلت ما لا يقل عن 400 حادث على مدار الأيام الأربعة الماضية، معظمها وقع في فترة انتشار الضباب، فيما تلقت الغرفة أكثر من 3000 مكالمة، عبر خط الطوارئ (999)، في تلك الأيام.

من جانبها، تقوم وزارة الداخلية ممثلة في الإدارة العامة للتنسيق المروري، بإصدار العديد من التعليمات بخصوص القيادة في الأحوال الجوية المضطربة وتشكل الضباب، للحفاظ على سلامة الأرواح، وتجنيبها خطر الحوادث التي تكثر بشكل خاص خلال الأحوال الجوية المضطربة، وتشكل الضباب.

وأكدت شرطة أبوظبي أن السلامة المرورية، خلال الضباب، تتطلب التعاون الكامل من السائقين على كل الطرق، والالتزام بقانون السير والمرور، والاستجابة للنصائح التي توجه إليهم بشأن إجراءات السلامة، خلال نزول الضباب وانخفاض مستوى الرؤية الأفقية، إلى الحد الذي لا يمكّن السائقين من تبين معالم الطريق ورؤية المركبات التي تسير عليه بصورة واضحة، ما يتسبب في صدمهم المركبات التي تسير أمامهم في حالة عدم الالتزام بزيادة مسافة التتابع، أو الالتزام بعدم التجاوز، ما يؤدي إلى صدم المركبات التي تسير في المسارات الأخرى.

ضوابط سلامة الموظفين

وكشف مدير عام مركز أبوظبي للسلامة والصحة المهنية، الدكتور جابر عيضة الجابري، أن المركز يسعى إلى استحداث أنظمة وضوابط وإجراءات، لضمان سلامة الموظفين، وتفادي الحوادث المرورية في الأحوال الجوية السيئة وتعذر الرؤية، مؤكداً أن الخطوة تتم بتعاون مع جهات حكومية محلية واتحادية، أبرزها وزارة الموارد البشرية والتوطين.

وقال الجابري إنه بناءً على التعميم رقم (1) لسنة 2016، بشأن السلامة المرورية للموظفين في الأحوال الجوية السيئة، وتعذر الرؤية الصادر من المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، فإن تحمل مسؤولية حماية الموظفين من الأخطار المهنية، بما فيها الحوادث المرورية، وضمان وجود الموظفين في عملهم، يعد قاعدة أساسية نحو توفير أماكن عمل منتجة وآمنة.

وقال إن المركز أصدر كتيباً تعريفياً، يهدف إلى توعية الجهات والموظفين بالأدوار المطلوبة من كل فئة، وأبرم اتفاقات تعاون مشترك مع العديد من الجهات الحكومية والاتحادية، في إطار مساعي ضمان السلامة المرورية للعاملين على مستوى الإمارة، وهو يعمل على تطوير الأنظمة والضوابط التي تحقق سلامة الموظفين بشكل متواصل، عبر التطبيق الإلكتروني «أداء»، الذي يسهم في إدارة العمليات المتعلقة بنظام إمارة أبوظبي للسلامة والصحة المهنية، ويشارك في إصدار التقارير الدورية والسنوية حول أداء السلامة والصحة المهنية، موضحاً أن عدد الجهات والشركات الحكومية المسجلة في التطبيق بلغ 68 جهة حكومية، و2106 مؤسسات من القطاع الخاص.

القيادة الآمنة

وأكدت المدير التنفيذي لمؤسسة المرور والطرق في هيئة الطرق والمواصلات في دبي، المهندسة ميثاء بن عدي، أهمية إدراك السائقين للاستعدادات الخاصة بالقيادة الآمنة في الأجواء الضبابية، داعية السائقين إلى ضرورة توخي الحيطة والحذر في هذه الأجواء، التي تزيد فيها احتمالية ارتفاع الحوادث المرورية، بسبب الطرقات الرطبة والمبللة.

وقالت بن عدي إن الوعي لدى السائقين يمثل أهم العوامل المساعدة على كيفية تحقيق التعامل الأمثل مع حالات الضباب، لافتة إلى أن الهيئة استعدت لموسم تقلب الأحوال المناخية وزيادة الضباب، بحملة توعوية نفذتها في أكتوبر الماضي، واستمرت حتى نهاية الشهر الماضي.

وأشارت بن عدي إلى أهمية ترك السائق مسافة أمان إضافية بين مركبته والمركبة التي أمامه في الأجواء الضبابية والممطرة، حتى يكون مستعداً للتعامل مع الحوادث المفاجئة، مشددةً على ضرورة تجنب الانشغال بأي شيء آخر غير القيادة، مثل استخدام الهاتف المتحرك، والحرص على نظافة نوافذ ومرآة المركبة، وأن يكون في سرعة محددة أقل من المقررة في الطريق الذي يسير فيه، وأن يتجنب السائق تشغيل إشارات التنبيه البرتقالية الأربع إلا في حالات الطوارئ فقط.

وتابعت أن السرعة الزائدة تؤدي إلى مفاجآت على الطرقات المبتلة، لا يمكن للسائق تفاديها في الوقت المناسب، بسبب ضعف التحكم بالمركبة، حيث تسهم هذه الطرق في انزلاق المركبة، عند استخدام الفرامل بصورة مفاجئة.

تأخير دوام الموظفين

وأكدت خبيرة الموارد البشرية، والمسؤولة في شركة خاصة، عزة المرزوقي، أنه «لا يوجد نص ملزم للشركات العاملة في القطاع الخاص، يجيز للموظفين والعمال التأخر عن العمل لساعات معينة، عند حدوث اضطرابات في الطقس، مثل الضباب وغيره، بينما هذه المسألة متروكة حالياً لتقديرات إدارات الشركات».

وقالت المرزوقي إن «الدولة تشهد في بعض الأحيان موجات ضباب أو رياح أو أمطار، وهو أمر يشكل تحدياً أمام من يقودون مركباتهم على الطرق الخارجية، ومنهم من يقضي ساعات متواصلة من القيادة، فلدينا شركات كثيرة في أطراف إمارة دبي على سبيل المثال، ومنها شركات تمنح الموظفين حتى أربع ساعات إذناً بالتأخر عن الحضور إلى العمل، تفهماً منها لأوضاع التقلبات الجوية».

وتابعت: «نحن في بعض الظروف المماثلة، نطلب من موظفينا القريبين من مكان العمل أن يأتوا متأخرين، وألا يتعجلوا الحضور إلى الدوام، ونطلب من الذين يبعدون عن العمل العودة ومتابعة الدوام من منازلهم»، وأكدت أن الموظف الذي يحاول أن يبدي حرصاً على الحضور إلى الدوام في موعده، قد يتسبب في حادث سير، وتتعرض حياته أو يعرض حياة الآخرين للخطر.

تفهم المؤسسات

من جهته، اعتبر مقرر لجنة شؤون التعليم والشباب في المجلس الوطني الاتحادي، حمد أحمد الرحومي، أن «قيادة السيارة أثناء الضباب تشكل خطراً على الناس والممتلكات، وينبغي أن نتفهم هذا الأمر، فإما أن يصدر قرار بوقف السير في تلك الأثناء، أو تحذو شركات القطاع الخاص حذو الحكومة في اعتماد منظومة للدوام المرن، أثناء الاضطرابات الجوية».

وتابع: «يمكننا أن نتجنب كل ذلك بقرار اتحادي، يلزم الشركات بوقف سير المركبات أثناء الضباب، أو الأحوال الجوية السيئة، فليس هناك ما هو أكثر أهمية من تأخير إقلاع طائرة، وتعطل جميع الركاب على متنها، عند سوء الأحوال الجوية، فحياة الإنسان أغلى بكثير من أي أمور أخرى».

ودعا الرحومي إلى «إعطاء الفرصة الكافية للتأخر عن العمل، في أوقات الطوارئ والاضطرابات الجوية، وتعويضها لاحقاً».

فيما أكد عضو المجلس الوطني الاتحادي، أحمد يوسف النعيمي، أن «الضباب يسبب - في كثير من الأحيان - خطراً على مستخدمي الطرق»، مطالباً بأن يكون هناك قرار بوقف السير في تلك الأثناء، أو دوام مرن تتبناه شركات القطاع الخاص بلا استثناء.

وأضاف: «لا توجد مشكلة إذا ذهب موظف أو عامل إلى موقع عمله عند العاشرة صباحاً في الظروف الصعبة، على أن يعوض العامل ساعات الدوام في اليوم نفسه، أو في أيام أخرى من الشهر ذاته»، داعياً مسؤولي الشركات إلى تفهم مسألة الظروف الاستثنائية والطارئة، مؤكداً الحاجة إلى مزيد من المرونة في التعاطي مع مثل هذه الإشكاليات الطارئة.

للإطلاع على الموضوع كاملا يرجى الضغط على هذا الرابط.

تويتر