أكد أنه لم يستورد نموذجاً سابقاً ولم يضع العربة أمام الحصان
محمد بن راشد: اتحاد الإمارات نــــــجح لأنه نموذج وطني بامتياز
أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، أن اتحاد الإمارات نجح لأنه نموذج وطني إماراتي بامتياز، لم يستورد نموذجاً سابقاً، ولم يضع العربة أمام الحصان، ولم يكن إطاراً نظرياً يتم حشر الواقع فيه حشراً، ولم تتحكم به العواطف الجياشة، على الرغم من أهميتها ووجودها، ولا الرغبات المجردة، على الرغم من مشروعيتها.
وأوضح سموه في كلمته بمناسبة اليوم الوطني الـ41، أن روح الاتحاد امتزجت مع حسابات العقل فكان النجاح.
وقال في تفاصيل كلمة سموه «أيها المواطنون الكرام، أحييكم في يومنا الوطني الـ41، وأتوجه بالشكر والعرفان إلى المولى، عزّ وجلّ، على هديه ونعمه التي لا تعد ولا تُحصى، وأسأله أن يبارك أعمالنا، ويسدد خُطانا، ويوفقنا في أداء واجباتنا، كما يحب ويرضى».
وأحمد الله أننا نسير في العشرية الخامسة من عمر دولتنا الفتية ونحن أكثر ثقة بنهجنا، وأكثر تمسكاً بثوابتنا، واعتزازاً بإنجازاتنا، وأكثر تفاؤلاً بقدرتنا على تحقيق أهداف رؤية الإمارات 2021 للوصول بوطننا وشعبنا إلى المكانة اللائقة بهما بين شعوب الأرض السعيدة ودول العالم المعتبرة.
وأكد سموه «أنني أرى الأهداف السامية التي نتطلع إليها قريبة المنال، فروح الاتحاد التي تسري فينا تتقد اليوم وتتوهج في ذكرى تأسيسه، وتمنحنا قوة وعزماً وتفاؤلاً إضافياً للمضي قدماً بخطى ثابتة إلى الأمام».
واليوم إذ يحضر منجزنا الوطني كله ونحن نحتفل بهذه المناسبة المباركة حري بنا أن نتمعن في أعماق هذا المنجز الكبير لنستخلص دروس وعبر مسيرتنا ونستفيد منها في تالي أيامنا، فالخبرة الذاتية للشعوب لا تقدر بثمن، فهي المعلم الأهم والمرشد الذي يثري الرؤى والخطط ويعين على اتخاذ القرار الصحيح، ويضمن حسن ترتيب الأولويات.
إن الدرس الأهم، بل السر في مسيرتنا الظافرة، يكمن في مفهوم الحكم الذي ورثناه عن آبائنا ومارسناه وعملنا على ترسيخه منهجاً في العمل ومعياراً للجدارة.
لقد تعلمنا من الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وأخيه الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيّب الله ثراهما، أن الحكم ليس سلطة ولا وظيفة ولا استحقاقاً تلقائياً، إنما هو رسالة إيمانية ومسؤولية ثقيلة موضوعها تأمين مصالح الوطن، وتحقيق سعادة المواطنين. وتعلمنا من معايشتنا عن قرب لعمل الشيخين الجليلين في تأسيس دولتنا ورعايتها وتوطيد أركانها، أن القائد الناجح طموح ومتفائل ويقود من الأمام ولا يخشى الصعاب، ويبادر ويواجه التحديات ويتطلع دائماً إلى الأمام ويتخذ القرار المناسب في الوقت المناسب ويتحمل مسؤوليته.
كانت الأوضاع كلها في نهاية ستينات القرن الماضي تشير إلى صعوبة إقامة اتحاد بين الإمارات، وكانت المباحثات والاتصالات والوساطات والجهود تصطدم بجدران داخلية وخارجية، وكان اليأس من نجاح المشروع قد بلغ مداه، لكن الشيخين المؤسسين قهرا الصعاب ونجحا وخيبا آمال المتربصين والمعترضين، فأينعت روح الاتحاد، وسرت في نفوس أبناء الإمارات، وأخذتهم إلى الاندماج الاجتماعي والسياسي والاقتصادي.
روح الاتحاد
لاشك في أن روح الاتحاد قوة دافعة في بناء الدول، بيد أنها وحدها ليست كافية لبقاء البناء واشتداد عوده واستقامته، وتجاوزه نقطة اللاعودة إلى الوراء، وقد رأينا نماذج وحدوية عربية تتهاوى واحداً تلو الآخر، على الرغم من أن روح الاتحاد تجلت في بداياتها بأعلى الدرجات، فلماذا نجح اتحادنا وترسخ وتجذر وتقدم وتألق؟
وتابع سموه «نجح لأنه نموذج وطني إماراتي بامتياز، لم يستورد نموذجاً سابقاً، ولم يضع العربة أمام الحصان، ولم يكن إطاراً نظرياً يتم حشر الواقع فيه حشراً، ولم تتحكم به العواطف الجياشة، على الرغم من أهميتها ووجودها، ولا الرغبات المجردة، على الرغم من مشروعيتها، كان اتحادنا ابن واقعنا يشبهه ويحمل جيناته، لقد امتزجت روح الاتحاد مع حسابات العقل فكان النجاح».
استلهم نموذجنا الإماراتي، ومازال، واقعنا بكل أوضاعه السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وبكل ما يتفاعل فيه من قيم وأعراف وعادات وتقاليد تنهل من معين ديننا الحنيف وتراثنا العربي الأصيل، وأرسى هذا النموذج قواعد وآليات تحقيق التوافق والانسجام بين واقعنا المتحرك والمتطور ومتطلبات النهضة والتقدم، وهي القواعد التي باتت منهجاً ثابتاً نسير عليه ونتمسك به ضابطاً للتغيير والتطوير والتحديث في مسار يعزز التنمية ويحث على الإنجاز ويراكم الإيجابيات ويضمن الأمن والاستقرار، ويفتح أوسع الأبواب أمام أبناء الإمارات للتمتع بثمار التنمية وتحقيق الذات والمشاركة الفعالة في كل ميادين العمل الوطني.
خبرة تتعمق
وذكر سموه «كلما مرّ عام على تأسيس دولتنا في الثاني من ديسمبر 1971، تتسع رؤيتنا وتتعمق خبرتنا ويزداد وضوح ثوابت نهجنا وأولويات عملنا الوطني، ويتأكد لنا من جديد جدارة نموذجنا الإماراتي وقدرته على توفير متطلبات الحفاظ على شخصيتنا الوطنية وتراثنا وتقاليدنا، وفي الوقت نفسه قدرته على استيعاب افضل الممارسات العالمية في الاقتصاد والخدمات والبنى التحتية، وأحدث ما أبدعه العقل البشري من منتجات واختراعات وأساليب عمل، وما راكمته الخبرة الإنسانية في مجالات الحكم الرشيد والإدارة العامة والتنمية».
إن قدرة نموذجنا الإماراتي على تحقيق التكيف بين خصوصياتنا الاجتماعية والثقافية، ومواكبة العصر ومنجزاته، هي التي عصمتنا من الجمود، وحمتنا من القفز في المجهول، وهي التي مكنتنا من مواجهة التحديات وتحقيق النهضة وإرساء قواعد الأمن والاستقرار.
ونحن حريصون بنموذجنا الإماراتي نحمله في قلوبنا ونسير به وفي ظلاله في دروب الخير والمجد والتقدم، ونطوره على ايقاع تطور واقعنا مهتدين بتعاليم ديننا الحنيف ومصالح وطننا وشعبنا.
وأكمل سوه «نخطو في عام اتحادي جديد مطمئنين إلى انتظام عمل حكومتكم وسعيها الدائم لتطوير الأداء وتحسين الخدمات بأعلى جودة وكفاءة لمناطق بلادنا كافة، وأبناء شعبنا مصممين على أن تصير مدارس وجامعات أبنائنا الأفضل في العالم، وأن تضاهي الخدمات الصحية في كل أرجاء الدولة الأفضل في العالم، وتكون في متناول كل مواطن وكل انسان يعيش على أرضنا، ونمضي قدماً في تعزيز برنامج الإسكان الاتحادي وتنسيق عمله مع البرامج المحلية وصولاً إلى اختصار الزمن بين طلب المسكن وتلبيته».
وأحمد الله، سبحانه وتعالى، على إنجازات مسيرة التمكين ومضيها قدماً إلى الأمام، فقاعدة انتخاب أعضاء المجلس الوطني الاتحادي تضاعفت واتسعت مرات عدة، وعمل المجلس يتطور ويثري مختلف ميادين العمل الوطني.
والمرأة الإماراتية تؤكد كل يوم حضورها الفعال، ومشاركتها الإيجابية في مسيرة التنمية ومواقع المسؤولية، وجهود الارتقاء بالتعليم لا تتوقف، بينما تتواصل جهود تطوير مواردنا البشرية وقياداتنا الشابة.
إن هذا الحصاد الوفير جزء من ثمرات غرس آبائنا المؤسسين، ونتاج برنامج العمل الوطني الذي أطلقه أخي صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة عام 2005، وخطة الحكومة الاستراتيجية التي أطلقناها في عام 2007.
أمامنا مهام
وخاطب سموه المواطنين قائلاً «أيها المواطنون الكرام، إن كل نجاحاتنا وإنجازاتنا هي مقدمة تمهد طريقنا نحو أهداف رؤيتنا للإمارات 2021، ولكي يكون احتفالنا في ذلك العام باليوم الوطني الـ50 أيضاً احتفالاً بانضمام الإمارات إلى الصف الأول من الدول المتقدمة، فإن أمامنا في السنوات التسع المقبلة جملة من المهام التي لا تحتمل التأجيل أو التأخير».
ويأتي في مقدمة هذه المهام تعزيز الاستثمار في مواردنا البشرية، وتطوير برامج تأهيلها وتدريبها وتزويدها بالمهارات الأساسية بكيفية تمكننا من إعادة تنظيم سوق العمل على أسس جديدة محورها قوة العمل الوطنية ويزيل أية عوائق تحول دون حصول أبنائنا على وظائف لائقة في شركات ومؤسسات القطاع الخاص كافة، ونحن نتطلع إلى مشاركة القطاع الخاص في هذا الجهد، ونريده أن يصل في فترة قريبة إلى وضع التوطين محوراً في سياسته الخاصة بالتوظيف والموارد البشرية، وإذا كنا في الماضي نعاني ندرة مواردنا البشرية المؤهلة، فإن أفواج شبابنا وشـاباتنا تتدفق اليوم مسلحة بالعلـم والمعـرفة والثقـة بالنـفس.
وعلى شركات ومؤسسات القطاع الخاص أن تستوعب حقيقة أنها المستفيد الأول من توظيف المواطنين، وأن مسؤوليتها الاجتماعية تفرض عليها المبادرة إلى جذب المواطنين، وإعداد برامج كفوءة لتدريبهم وتحفيزهم.
وإضافة إلى تعزيز الاستثمار في مواردنا البشرية، فإن علينا أن نحث إجراءات تسريع الانتقال إلى اقتصاد المعلومات، لقد دخلت وحدات عدة من قطاعات اقتصادنا في مسار اقتصاد المعلومات، لكننا مازلنا في بداية الطريق، إن الارتقاء بالإنتاجية إلى المستويات العالمية وضمان أعلى درجات الجودة، وتعزيز التنافسية، تتطلب تطبيق نظم وأدوات وآليات اقتصاد المعلومات في قطاعات ومنشآت الإنتاج والخدمات كافة، وهذا الموضوع توليه الحكومة اهتماماً فائقاً، وستتابع الوزارات والجهات الحكومية المختصة الإجراءات الكفيلة بوضعه موضع التطبيق التام.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news