مختارات من قصص لصنّاع الأمل في العالم العربي
فلسطيني يقطِّر المياه بالتبن والعـــشب.. وأم تطلق جمعية لرعاية أطفال «الشلل الدمـــــــاغي»
منذ إطلاقها مطلع الشهر الجاري، نجحت مبادرة «صنّاع الأمل» في اجتذاب عدد كبير من المشاركات من شباب وشابات من مختلف أنحاء العالم العربي، يتطلعون إلى الإسهام في نشر الأمل وصنع تغيير إيجابي. وتلقت المبادرة أكثر من 50 ألف قصة أمل من أفراد ومجموعات، يسعون من خلالها إلى مساعدة الناس، وتحسين نوعية الحياة أو الإسهام في حل بعض التحديات التي تواجهها مجتمعاتهم.
سعياً لمشاركة الناس هذه القصص كي تكون مصدر إلهام للآخرين الذين يتطلعون إلى تغيير مجتمعاتهم نحو الأفضل، نستعرض بعض قصص صنّاع الأمل، التي تفتح نافذة أمل وتفاؤل وإيجابية في عالمنا العربي من المحيط إلى الخليج.
طوّر نظاماً مبتكراً يعمل بالطاقة الشمسية
خالد بشير يقطّر الماء لأهالي دير البلح
استفاد خالد بشير من دراسته وتعاونه في مجال الأبحاث مع جامعات في الولايات المتحدة الأميركية وجامعة ماكغيل في كندا ليطور نظاماً مبتكراً لتقطير المياه باستخدام الطاقة الشمسية، معتمداً على أدوات ومواد بسيطة متوافرة محلياً، كالخشب، سواء أكان جديداً أم مستعملاً، والمواد العازلة (مثل التبن أو العشب الجاف) والبلاستيك، وذلك للحصول على ماء عذب صالح للشرب، أياً كان المصدر الأصلي للمياه، وبصرف النظر عن درجة تلوثه، بحيث يسهل تصنيع هذا الجهاز وتركيبه في البيت. كما أن طاقة الجهاز الإنتاجية من المياه ودرجة حرارة المياه التي يمكن الحصول عليها تجعلانه عملياً لدى أي أسرة.
• البيئة التي يعيش فيها خالد تعاني شحاً في المياه النظيفة. |
ولأن الخير لا قيمة له إلا إذا شاع بين الناس وانتفع به أكبر عدد من المحتاجين، حرص خالد على أن يشارك أهله وجيرانه في دير البلح في فلسطين، هذه الفكرة، عارضاً عليهم مساعدتهم في بناء «مقطر شمسي» لبيوتهم.
واتسعت دائرة الخير، فعلّم خالد الناس في المناطق المجاورة كيفية بناء المقطِّر واستخدامه للحصول على ماء صالح للشرب، في بيئة تعاني تحديات جمة، خصوصاً لجهة توفير مياه نظيفة وبكلفة بسيطة، وسط عدم توافر السخانات الشمسية العادية جرّاء الظروف الصعبة، كما أنها غالية الثمن وثقيلة الوزن.
ولم يكتف بتعميم الفكرة، أو بتعليم الناس كيفية بناء المقطر الشمسي، بل أشرف بنفسه على بناء العديد من المقطرات، مقدماً خدماته مجاناً لهم، خصوصاً الفقراء والمحتاجين.
لكن خالد لم يشأ أن يظل اختراعه محاصراً في منطقته، والخير يجب أن يكون أوسع وأشمل، فكسر الحصار المفروض على القطاع، وشارك عبر الإنترنت في بناء مشروع ضخم للمقطرات الشمسية في جزر هايتي من خلال معهد أبحاث تابع لجامعة ماكغيل الكندية.
الاحتلال والفقر عوامل قد تسحق المرء وتدفعه إلى حافة اليأس والاستسلام، أو قد تجعله يجتهد ويبتكر ويقاوم، بطريقته، كي يغير مصيره، باحثاً عن أي شعاع أمل لتحسين حياته أو حياة الناس من حوله.
خالد علّم جيرانه كيفية بناء المقطِّر واستخدامه للحصول على ماء صالح للشرب. من المصدر
ثقّفت نفسها بكيفية التعامل مع المرض لرعاية ابنتها
خديجة العلوي: «وليداتنا» مدّت يد العون لأطفال الشلل الدماغي
بعدما رزقها الله طفلة، اكتشفت خديجة العلوي، من مدينة أزرو بالمغرب، أن مولودتها مصابة بالشلل الدماغي، وهو نوع من أنواع الإعاقة التي تحدث نتيجة لتلف في مراكز التحكم في الحركة داخل الدماغ في مرحلة النمو، الأمر الذي يؤثر في المصاب ذهنياً، ويسبب عجزاً في أجزاء مختلفة من الجسم، مرتبطة بأداء الوظائف الحركية، حيث يحتاج الطفل إلى رعاية طبية خاصة.
لم تكن خديجة تعرف أي شيء عن المرض، أو كيفية التعامل معه، كما لم تكن لديها الإمكانات المالية الكافية للاهتمام بابنتها.
ومع ذلك، لم تشأ أن تتخذ موقف المراقب وهي تراها شبه عاجزة، فعمدت إلى تثقيف نفسها حول المرض، وقرأت كل ما وقع في يدها عنه.
أدركت خديجة أنها تستطيع أن تقوم بشيء، فبعد ثلاث سنوات من البحث والاستقصاء، ومن خلال إمكانات متواضعة، أسست جمعية متخصصة لاستقبال الأطفال المصابين بالشلل الدماغي. وشكّلت الجمعية، التي حملت اسم «وليداتنا»، حبل نجاة للعديد من العائلات التي لديها أطفال يعانون المشكلة ذاتها، فاستغلت خديجة الدعم المجتمعي والمعنوي الذي تلقته لاستقطاب سيدات يشاركنها إدارة الجمعية ورعاية الأطفال، بعدما درّبتهن على ذلك.
كانت البداية مع ستة أطفال، ثم ارتفع العدد إلى 28، وهو ما استدعى البحث عن دعم من أفراد أو جهات خيرية، وهو أمر لم يكن متاحاً كفاية أو طول الوقت.
وفي خضم انشغال خديجة بالجمعية، والسعي إلى توسيع نطاق خدماتها لتشمل أكبر عدد من المحتاجين من عائلات الأطفال المصابين بالشلل الدماغي، توفيت ابنتها التي لم تتم عامها السادس. كانت خسارتها فادحة بالتأكيد، ومع ذلك لم تسمح لحزنها على رحيل صغيرتها بأن يثنيها عن مواصلة رسالتها الإنسانية.
باتت جمعية «وليداتنا» مفتوحة لكل طفل في المدينة سُدت في وجهه أبواب الأمل والرجاء. في الأثناء، ظلت خديجة تجاهد لتطوير نشاط الجمعية من خلال تضمينها حضانة للأطفال تحت سن ست سنوات، وقاعة لتنمية مهارات الأطفال فوق ست سنوات، ممن تسمح لهم إعاقتهم بالتواصل، إلى جانب تخصيص حصص أسبوعية للتدريبات الحركية للأطفال، تقوم بها معالجة مختصة.
وأخيراً، اضطرت خديجة إلى إيقاف عمل الجمعية مؤقتاً، بسبب نقص الحد الأدنى من الدعم المادي، الأمر الذي سبب حزناً كبيراً للأهالي. أمهات كُثر بكين بحرقة، معبِّرات عن خشيتهن على مستقبل صغارهن، خصوصاً أن معظمهن ينحدر من بيئات فقيرة.
تقول خديجة: «قرأت الإعلان عن مبادرة صناع الأمل مصادفة، وقلت في نفسي: لعل هذه هي الفرصة التي نبحث عنها كطوق نجاة لإنقاذ الجمعية».. فهل يطرق الأمل باب خديجة؟ وهل يطرق أيضاً أبواب عشرات الأطفال الذين وجدوا في جمعيتها ملاذاً؟
جمعية «وليداتنا» مفتوحة لكل طفل سُدّت في وجهه أبواب الأمل والرجاء. من المصدر
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news