«صناع الأمل» تنجح في اجتذاب آلاف قصص النجاح في نشر التفاؤل

شباب وشابات عرب يتطلعون إلى المساهمة في نشر الأمل وصنع تغيير إيجابي

«صناع الأمل» تلقت أكثر من 50 ألف قصة أمل من أفراد ومجموعات لديهم مشاريع ومبادرات لمساعدة الناس. من المصدر

نجحت مبادرة «صناع الأمل» منذ إطلاقها مطلع الشهر الجاري في اجتذاب عدد كبير من المشاركات من شباب وشابات من مختلف أنحاء العالم العربي يتطلعون إلى المساهمة في نشر الأمل وصنع تغيير إيجابي.

وتلقت مبادرة «صناع الأمل» حتى اليوم أكثر من 50 ألف قصة أمل من أفراد ومجموعات لديهم مشاريع ومبادرات، يسعون من خلالها إلى مساعدة الناس وتحسين نوعية الحياة أو المساهمة في حل بعض التحديات التي تواجهها مجتمعاتهم.

وكان صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، أطلق مبادرة «صنّاع الأمل»، مطلع الشهر الماضي، كأكبر مبادرة عربية من نوعها تسعى إلى تكريم المشروعات والبرامج ذات الطابع التطوعي والإنساني والخيري والخدمي، إلى جانب المبادرات الصحية والتربوية والتثقيفية التي تسعى إلى مساعدة فئات بعينها من الناس، وصناعة الأمل ونشر التفاؤل والإيجابية. وتهدف المبادرة إلى تسليط الضوء على مشروعات وبرامج إنسانية واجتماعية وثقافية وبيئية، تروم نشر الأمل وتحسين الحياة في المجتمعات المعنية.

وسعياً لمشاركة الناس هذه القصص كي تكون مصدر إلهام للآخرين الذين يتطلعون إلى تغيير مجتمعاتهم نحو الأفضل، نستعرض بعض قصص صناع الأمل، التي تفتح نافذة أمل وتفاؤل وإيجابية في عالمنا العربي من المحيط إلى الخليج.


 يساند النازحين في أكثر من 30 مخيماً

محمد آل ديلان.. من متطوع يساعد النازحين إلى نازح

كان العام 2015 مفصلياً في حياة الشاب العراقي محمد آل ديلان، فهو لم ينزح عن مدينته باتجاه أربيل فحسب، بل سطر أجمل صور المواطنة والعمل الخيري والإنساني من خلال التعالي على جراحه وتأسيس فريق «وصّل تصل» لمساندة المحتاجين خصوصاً اللاجئين والنازحين في 30 مخيماً موزعة على سبع محافظات وثلاث مدن رئيسة، ومساعدتهم على تخطي مأساتهم والأخذ بيدهم إلى مساحات الضوء والأمل بغد أفضل.

لم يحتمل محمد رؤية النساء والأطفال وكبار السن يتركون بيوتهم وعائلاتهم وحياتهم ويتجهون نحو المجهول، فحاول المساعدة بأي طريقة، وما كان منه إلا أن استخدم وسائل التواصل الاجتماعي ليعرض معاناة النازحين ويطلب المساعدة من المقتدرين، العشرات لبوا النداء وقدموا التبرعات والمعونات لتكون سنداً للنازحين، والعديد من الشباب المتطوعين وضعوا يدهم بيد محمد ليؤسسوا فريق «وصّل تصل» الخيري والإغاثي الذي يهدف إلى مساعدة المحتاجين والنازحين وتأمين المستلزمات اليومية التي تساعدهم على الاستمرار بحياتهم بعيداً عن التفكك والانحراف وحتى الموت.

لم يكن محمد يعرف أنه نفسه سيتحول إلى نازح، وأن دوره قد حان ليترك بيته وجامعته وأصحابه وينضم هو أيضاً إلى قوافل النازحين نحو المجهول، وذلك بعد شهر واحد فقط على انطلاق عمله التطوعي، إلا أن ذلك لم يمنعه من إعادة تعريف مفهوم النزوح وتحويله من الموت والانكسار إلى الانتصار للإنسانية والوطن. فراح يوسع نشاطه، ويضم المزيد من الشباب النازح مثله إلى صفوف فريقه التطوعي، ويجمع التبرعات والمعونات من المقتدرين من اللاجئين والنازحين وأهل الخير ليعطيها للمستحقين دون كلل أو ملل، فلا أحد يشعر بمعاناة النازح إلا النازح مثله.

يعتبر محمد أن النازح يمتلك خيارين لا ثالث لهما: إما العتب واللوم ومضيعة الوقت في المقاهي الشعبية، أو الصدق مع الذات والإيمان بوطن قادر على لملمة جراحه ولو بعد حين.

ولتفعيل عمل فريق «وصّل تصل»، أنشأ محمد لجنة تعنى بالإغاثة وهي تضم الشباب المتطوع من مختلف مدن العراق، ولجنة طبية قوامها أطباء متطوعون متخصصون، ولجنة إدارية تهدف إلى تنظيم العمل وحصره. وينظم الفريق معارض متنقلة لجمع التبرعات وتصميم حملات متخصصة بتوزيع المياه أو الغاز أو الأدوية أو الملابس بين الحين والآخر، للوصول إلى أكبر قدر من المحتاجين، وذلك بموازاة عملهم اليومي في المخيمات.

وتسهم «وصّل تصل» اليوم في تأمين الوجبات الغذائية والملابس وبدل الإيجار ودعم المشاريع الصغيرة، وتوفير العلاج للمحتاجين بشكل يومي في أكثر من 30 مخيماً موزعة على سبع محافظات. ويصل فريق «وصّل تصل» اليوم إلى العديد من مناطق القتال، حيث يوفر الغذاء والأدوية والملابس للعائلات النازحة. كما يكفل الفريق عمليات عشرات الجرحى في مستشفيات مدينة أربيل، ومئات الأيتام في المخيمات.

كان بإمكان محمد أن يكون رقماً في سجل المنظمات الدولية، لكنه اختار طريق الصدق مع نفسه وترك بصماته في حياة الكثيرين من المحتاجين، آملاً أن يزرع بسمة على وجوههم ونوراً في حياتهم.

محمد لم يكن يعرف أنه سيتحول إلى نازح ويترك بيته وجامعته وأصحابه. من المصدر


جورج غفري.. «شريك» المدمنين وصديق البيئة والإبداع

في إحدى الأمسيات، وبينما كان جورج غفري عائداً إلى بيته، التقى بأحد زملاء الدراسة الذي بدا يائساً بسبب عدم قدرة المجتمع على تقبل توبته من الإدمان على المخدرات بعدما قضى فترة عقوبته في السجن وأنهى مراحل علاجه من الإدمان.

لم يفارق كلام هذا الشاب مخيلة جورج أياماً وليالي، بل بات محفزاً له على ابتكار حلول تجمع بين شغفه بالبيئة والفن وقضايا المجتمع، فما كان منه إلا أن أسس مع أربعة من زملائه مشروع «شريك» في يونيو 2013، ليجمع الشباب من أصحاب السوابق العدلية بسبب المخدرات أو بعض الجنح الأخرى، بهدف تدريبهم على صناعة الحرف الفنية وقطع المفروشات العصرية بأسلوب مبتكر عن طريق استخدام الأدوات المنزلية القديمة التي غالباً ما تكون ملقاة في صناديق النفايات.

قليلة هي المشاريع التي تحاول إيجاد حلول إبداعية للتحديات البيئية والاجتماعية في آن معاً.. جورج غفري شاب لبناني، صاحب الاهتمام بالقضايا البيئية، تمكن من الاستثمار في الطاقة الإنتاجية لدى الشباب من أصحاب السوابق العدلية الذين يحاولون الاندماج في المجتمع بعدما أمضوا عقوبات في السجون، وذلك عبر جمع النفايات غير القابلة لإعادة التدوير أو التحلل بهدف إنتاج قطع فنية إبداعية.

بدأ جورج باختبار فكرته، إذ طلب من أحد الأشخاص تحويل حقيبة سفر قديمة كانت ملقاة عند مدخل منزله إلى كنبة عصرية، وكان له ما أراد، قطعة أثاث فنية لفتت نظر الكثيرين.

ويوماً بعد يوم باتت «شريك» تستقبل عشرات الاتصالات من باحثين عن عمل، وتمكنت من تدريب 200 شاب وشابة على الصناعة اليدوية الإبداعية، تم توظيف 50 منهم في مؤسسات مختلفة، وتمت معالجة 200 طن من النفايات غير القابلة للتدوير عن طريق تحويلها إلى قطع فنية مبتكرة.

جورج لم يجمع الشباب المهمش في المجتمع فحسب، ولم يحمِ البيئة فقط، وإنما نشر جمالاً في الكثير من المنازل وأملاً وحياة في الكثير من النفوس.

«شريك» يجمع أصحاب السوابق لتدريبهم على صناعة الحرف الفنية وقطع المفروشات العصرية. من المصدر


محمود أب.. يتحدى المجتمع وينشر الأمل من خلال الفنون

محمود ولد إدوم أب، شاب موريتاني من مواليد 1982، تحدى الموروثات الاجتماعية وقرر نشر الأمل والإبداع في التعبير والفن والثقافة في مجتمعه عن طريق السينما والأفلام، وهي التي كانت تعد «تابو» في المجتمع الموريتاني فترة طويلة، وفناً سيء السمعة يصعب تقبله بين الموريتانيين.

شغفه بالفن والثقافات المختلفة، وإيمانه برسالة الفن وتأثيرها الإيجابي على المجتمع والشباب خصوصاً، دفعا محمود عام 2002 إلى تأسيس دار السينمائيين مع مجموعة من السينمائيين الموريتانيين، ليبدأ مشواره الفني التطوعي الطويل، فأطلق برامج مجانية في التمثيل والإنتاج وتقنيات البث، وراح يجوب البلاد على الإبل أحياناً، للوصول إلى سكان الأرياف والبدو الرحل لعرض الأفلام وإقامة الورش التدريبية في محاولة لنشر الوعي بأهمية ثقافة السينما والفنون المختلفة.

أسهم محمود في إطلاق سبع دورات من مهرجان نواكشوط الدولي للسينما، ودرب 200 شاب حول «إدارة المشاريع والمؤسسات الثقافية»، و370 حول صناعة الأفلام، و70 حول ثقافة التطوع.

لم تمنعه المعارضة الشديدة من قبل المجتمع في بداياته من متابعة مسيرته بنشر ثقافة الفن والجمال والتسامح والحب، بل زادته إصراراً وشغفاً. ويعتبر محمود أنه كسب الرهان، حيث ارتفع عدد رواد مهرجان نواكشوط الدولي للسينما من 30 شخصاً في دورته الأولى إلى 3000 شخص في دورته السابعة.

ولأن الفن يدعو للعطاء والمحبة وهو جزء لا يتجزأ من ثقافة المجتمع وهويته، لم يتوان محمود عن نشر ثقافة التطوع في مجتمعه من خلال مشاركته وتنظيمه للعديد من حملات التوعية والتطوع حول البيئة والثقافة ومرض نقص المناعة وسرطان الثدي، وغيرها.

محمود يؤمن برسالة الفن وتأثيرها الإيجابي على المجتمع والشباب خصوصاً. من المصدر

تويتر