مختارات من قصص «صنّاع الأمل» في العالم العربي

بحريني ينقذ آلاف المهاجرين.. وصومالي يكافح التمييز ضد ذوي الإعاقة

صورة

نجحت مبادرة «صنّاع الأمل» في اجتذاب عدد كبير من المشاركات من شباب وشابات من مختلف أنحاء العالم العربي، يتطلعون إلى الإسهام في نشر الأمل، وصنع تغيير إيجابي.

وتلقت مبادرة «صنّاع الأمل»، التي تندرج ضمن «مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية»، أكثر من 50 ألف قصة من أفراد ومجموعات، لديهم مشروعات ومبادرات، يسعون من خلالها إلى مساعدة الناس وتحسين نوعية الحياة أو الإسهام في حل بعض التحديات التي تواجهها مجتمعاتهم. سعياً لمشاركة الناس هذه القصص كي تكون مصدر إلهام للآخرين الذين يتطلعون إلى تغيير مجتمعاتهم نحو الأفضل.. نستعرض بعضها، فقد تفتح نافذة أمل وتفاؤل وإيجابية في عالمنا العربي من المحيط إلى الخليج.


«علي» يُطلق مبادرة للاستفادة منها في أعمال التطوع

«أبناء قطر» تدعم المجتمع في أوقات الفراغ

يرى الشاب القطري، إبراهيم علي، الذي لم يكمل بعد عقده الثالث، نفسه وهو يسهم في كل مرة مع مجموعة من الشباب في خدمة مجتمعه، فقد أطلق مع مجموعة من المتطوعين مبادرة «أبناء قطر» الشبابية، التي بدأت باسم «مؤسسة سواعد شباب»، في نهاية العام الماضي، كمبادرة شبابية تُعنى بشؤون الشباب وبقية فئات المجتمع.

مبادرة (أبناء قطر) نفذت مجموعة من الفعاليات المتميزة، من أجل التوعية بقضايا محورية.

ومن الأهداف الرئيسة للمبادرة، استغلال أوقات الفراغ لدى الشباب، والاستفادة منها بتقديم الخدمات التطوعية لتنمية المجتمع القطري، إلى جانب تنمية المهارات والقدرات لدى المتطوعين الشباب، وتفعيل دورهم في مسيرة التنمية التي تشهدها دولة قطر.

ومنذ إطلاقها، نفذت مبادرة «أبناء قطر» مجموعة من الفعاليات المتميزة، منها التوعية بمجموعة من القضايا المحورية عبر عدد من الأفلام القصيرة التوعوية، إلى جانب الاهتمام بالجيل الصاعد من الأطفال من خلال تنفيذ مسرح الطفل، كما نفذت المبادرة عدداً من الورش المتخصصة في مجالات محورية تهم الشباب، ونفذت حملات بيئية لتعزيز مفهوم الاستدامة.

يعتبر العمل التطوعي إحدى السمات التي تميز الشباب الواعي، الذي يضع مصلحة وطنه ومجتمعه في مقدمة أولوياته واهتماماته، فالوقت الذي يبذله في خدمة المجتمع من دون مقابل مالي أو عيني يهذب الأخلاق، ويسمو بالعقول، ويضع أصحابها في مقام مرموق يستحق الثناء والتقدير.

وعلى الرغم من عُمر مبادرة «أبناء قطر» الشبابية القصير، التي انطلقت تحت شعار «قطر تستحق الأفضل من أبنائها» فقد وجدت أصداء واسعة من العديد من الشباب الطامح إلى رؤية بلاده ترتقي، وأن يكون له دور فاعل في تنمية المجتمع من خلال أعمال تطوعية نوعية أكسبت المبادرة سمعة متميزة، وصعدت بها إلى منصات التكريم.

إن بلداً يؤمن شبابه بصناعة أمجاده هو بلد يتزين بالأمل في كل أرجائه.

مبادرة «أبناء قطر» وجدت أصداء واسعة بين العديد من الشباب. من المصدر



تطوّع لتدريب 6000 مُسعف

«فرحان» يتخذ الإسعاف أسلوب حياة وينقذ اللاجئين والمهاجرين

فهد فرحان مسعف بحريني، بدأ مزاولة مهنته منذ عام 2008، وزاد على نبلها نبلاً بأن عمل في مناسبات كثيرة مسعفاً متطوعاً، لا يسأل أجراً، بل يسهم في إنقاذ حياة الناس، مكتفياً بابتسامتهم وشكرهم له على صنيع لا يكفي معه الثناء لمعادلة الكفة، فمهما وضعنا على كفة الميزان من عبارات الشكر سترجح دائماً كفة الحياة.

الشاب البحريني أسهم لاحقاً في بناء فريق تطوعي من المسعفين عام 2012، حيث عملوا على تقديم دورات تدريبية في أصول الإسعافات الأولية، ومنح المعرفة في مهنة شاقة لأكثر من 6000 متطوع، أراد كل منهم أن يترك بصمة ناصعة في جبين الإنسانية.

ولم يكتفِ فرحان بذلك، بل شد رحال الأمل إلى شمال الأردن، وتحديداً مخيم الزعتري للاجئين السوريين، وعمل فيه لفترة مدرب إسعاف لعدد من المسعفين لمساعدة اللاجئين من الأشقاء السوريين، في لفتة إنسانية تحسب في رصيده الكبير.

الأردن لم يكن المحطة الوحيدة، بل ارتحل إلى بعض دول البحر الأبيض المتوسط ليعمل على مدار شهرين في إنقاذ المهاجرين الذين هربوا من محن الحياة في بلادهم ليجابهوا بحار المجهول، فكان سنداً لهم، ينفخ في صدورهم إكسير الحياة بعد كابوس عاصف كادت فيه الأمواج المتلاطمة تفتك بحياتهم.

فهد فرحان لم يكتفِ بالبُعد الإنساني في مسيرته المهنية، القصيرة في عُمرها، العظيمة في منجزاتها، فأضاف إلى سيرته الذاتية مهمة إسعاف المشاركين في سباق «الرجل الحديدي»، الذي أقيم بدبي، فالرياضيون في مثل هذه السباقات الصعبة يتعرضون في كثير من الأحيان إلى إصابات تستوجب التدخل السريع من أصحاب الاختصاص، تجنباً لحدوث مضاعفات قد تُنهي مسيرة تلك السباقات بفاجعة.
ويؤمن فهد بأن مساعدة الناس تسهم في نشر البهجة في نفوس من يمتهنون الإسعاف، وهو يمارسه كأسلوب حياة، كيف لا وهم ممن ينطبق عليهم قوله تعالى: «ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً».. لهؤلاء تُرفع القبعات، فهم من يعرفون قيمة الحياة أكثر من سواهم، وهم من يحترفون زراعة الأمل في قلوب وعقول البشر.

«فرحان» أضاف إلى سيرته الذاتية مهمة إسعاف المشاركين في سباق «الرجل الحديدي». من المصدر



كرّمته الحكومة الأميركية بزمالة مبادرة «مانديلا واشنطن»

شاب من ذوي الإعاقة يدعم أقرانه بالتعليم ومحاربة التمييز

هامزي إسماعيل عبدالله، شاب صومالي صاحب رؤية تستهدف دمج ذوي الإعاقة بالمجتمع، وتمكينهم من تأدية دور أكثر فاعلية في بناء أوطانهم، من خلال تمكينهم وتقديم الدعم اللازم لهم ليتجاوزوا محنة الإعاقة إلى آفاق النجاح والتميز. وجاء اهتمام هامزي بالعمل لمصلحة ذوي الإعاقة بعد حادث سيارة أصيب فيه إصابة بليغة بالنخاع الشوكي، ما جعله من مستخدمي الكرسي المتحرك. العمل الإنساني دائماً ما يترك بصمة واضحة، ليس فقط في المجتمع أو الأشخاص المستفيدين منه، بل يترك بصمة أخلاقية إيجابية في نفوس القائمين عليه، ويرتقي بهم إلى مستويات رفيعة في عيون الناس، خصوصاً في الدول التي تعاني نقص الموارد أو ضعف الإمكانات.

اليوم يقضي هامزي جلّ وقته في تنفيذ مشروعات التنمية المجتمعية التي تستهدف تحديداً المعوقين في بلده الصومال، حيث انطلق في عام 2011 من هرجيسة، عاصمة أرض الصومال، ليؤسس منظمة رعاية ذوي الإعاقة (ديو)، وهي منظمة محلية غير ربحية تعمل على تعزيز وتطوير التعليم والرعاية الصحية، وتوفير فرص العمل للأشخاص ذوي الإعاقة في الصومال، إلى جانب الدعوة لتمكينهم من المشاركة السياسية، وتحارب المنظمة أيضاً كل أشكال التمييز ضد المعوقين.

ومنذ تفرغه لخدمة هذه الفئة من المجتمع، نجح هامزي من خلال منظمته في توفير العديد من الكراسي المتحركة المجانية للأشخاص المعوقين، واليوم تدير المنظمة، التي يتولى فيها منصب المدير التنفيذي، مركزاً للتدريب المهني لمساعدة المعوقين على اكتساب المهارات اللازمة لتمكينهم من أداء أعمال مختلفة وكسب رزقهم.

كما تدير المنظمة مدرسة لتعليم الأطفال ذوي الإعاقة، كما تنظم بشكل دوري فعاليات رياضية، كسباقات الكراسي المتحركة، والأنشطة المتنوعة للأطفال المستخدمين للكراسي المتحركة.
في عام 2015، ونتيجة لجهوده المجتمعية المتميزة، اختارته الحكومة الأميركية لزمالة «مبادرة مانديلا واشنطن للقادة الأفارقة الشباب» في جامعة ديلاوير بالولايات المتحدة الأميركية، وفي عام 2016، كرمته وزارة الخارجية البريطانية وشؤون الكومنولث بمنحة لدراسة الماجستير في جامعة بريستول بالمملكة المتحدة.

لعل البعض ينظر إلى المصيبة عندما تقع وكأنها حدث أشبه بنهاية العالم، ولكن البعض الآخر ينظر إلى الجانب المشرق دائماً فيحول الأزمات إلى نجاحات، ويترجم التحديات إلى حلول، ويجعل الأمل خارطة لحياة ملهمة ترتقي بالناس والمجتمعات.. ولكم في قصة هامزي مثال وعبرة.

منظمة «ديو» التي أطلقها «هامزي» زوّدت الكثيرين من المعاقين بالكراسي المتحركة. من المصدر

تويتر