كرة قلم

«40 دقيقة»

حسن الجسمي

قد تسمع كثيراً جملة «دورينا ضعيف»، وقد يقول أحدهم إن هذا مجرد رأي، لكنني سأحملكم إلى عالم الأرقام والإحصاءات، العالم الذي يتحول فيه الرأي إلى حقيقة.. العالم الذي كما يقولون «لا يكذب»!

• إن لم نزد نسبة اللعب الفعلي، فلن يتطور الدوري.

تخيلوا أن في مباراة الشباب والجزيرة، والتي من الأساس كان يجب أن تكون قمة الجولة، نظراً لترتيبهما الموسم الماضي، والجزيرة أحد فرقنا في آسيا، حضرها 883 مشجعاً! أي 440 مشجعاً لكل فريق تقريباً.

فريق الشباب لعب بالكرة ما يقارب 17 دقيقة من أصل 90 متاحة، أي نحو 10% من إجمالي وقت المباراة، بينما الجزيرة الذي فاز في المباراة كانت الكرة بين أقدامه لـ22 دقيقة فقط لا غير.. حسابياً وعقلانياً الفريقان لعبا تقريباً ما يقارب 40 دقيقة فعلياً من عمر المباراة، ولا أخفيكم سراً أن هناك من اللاعبين من مرور 20 تمريرة فقط، وأخطأ في نصفها.

توقفت المباراة بسبب الأخطاء 35 مرة، أي بنسبة خطأ كل دقيقتين ونصف، ناهيك عن رميات التماس والركنيات وضربات المرمى، وحديث الحكام مع اللاعبين، الذين تسببوا في سبعة إنذارات، والتي كانت نسبتها إنذاراً لكل 12 دقيقة، بالإضافة إلى خمسة تغييرات.

تخيلوا كل ذلك يحدث في الجولة الـ18، التي تعتبر قمة النضج اللياقي لأي فريق في العالم، لأن الفريقين قد لعبا ما يقارب 1600 دقيقة في الدوري.

هل تعلم عزيزي القارئ أن مدة اللعب الفعلي في مباراة لكرة القدم في نهائيات آسيا تحت 22 عاماً في يناير 2014، بين اليابان وأستراليا انتهت بنسبة لعب 64 دقيقة وعشرين ثانية، بحسب موقع الاتحاد الآسيوي، ولك أن تقارن وتتعجب وتعرف الفرق!

معالجة اللعب الفعلي تكمن أولاً في عقلية اللاعبين وطبيعة نشأتهم عليها، فاللاعب الذي يتظاهر بالاصابة لأن فريقه متقدم، يعتبرونه في أوروبا غشاً ومخالفة لأعراف اللعبة، كالموظف الذي لديه معاملة، ويضعها في الدرج لينجز عمله الظاهر بنجاح وفي الوقت المحدد!

والتحكيم له دور في ذلك أيضاً بحيث إن إيقاف المباراة على الأخطاء التي تستوجب التوقف فقط وليس على أبسط الأشياء، لهذا السبب تشاهد أن الدوري الايطالي من أكثر الدوريات لعباً في العالم، ونحن كنا نعتقد أنه دوري قوي في الالتحام الجسدي، وأن كرة القدم هناك للرجال الأقوياء فقط، لكننا جهلنا أن الاتحاد الايطالي بعد عام 90، قرر أن الاخطاء الساذجة لا تحتسب، حتى تحولت إلى عادة وأصبح الدوري قوياً بدنياً وللرجال فقط لأن الغشاشين والمتحايلين لا مكان لهم في هذا الدوري.

عموماً، إن لم نزد نسبة اللعب الفعلي في دورينا، وإن لم نفكر فيها ونضعها على رأس أولوياتنا، فلن يتطور الدوري، ونسمع كلمة دورينا ضعيف حتى ينتهي هذا العام ويبدأ العام المقبل بالطريقة نفسها، ويتوقف الدوري لأن مدرب المنتخب يريد زيادة لياقة اللاعبين، وتدور الدائرة، وتدور الاسطوانة، ونقول: دورينا ضعيف!

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر