أصبحوا في صعود والأتراك باتوا غاضبين

الأكراد يشكلون واقعاً جديداً في شمال سورية

مقاتلون من وحدات حماية الشعب الكردي شمال سورية. أرشيفية

وسط الصراع المزمن في سورية، بدأ واقع جديد يتشكل في شمال البلاد، خلال الأشهر الأخيرة. ومن أهم ملامح هذا الواقع، تجنب الطائرات الروسية وجيش النظام السوري ضرب مقاتلي تنظيم «داعش» الارهابي خلال العمليات العسكرية الأخيرة. أما التطور الثاني، وربما الأهم، هو أن واحداً من اللاعبين الأقل ظهوراً في الحرب الأهلية - الأكراد - تمكنوا من فرض وجودهم، ومن ثم تشكيل واقع جديد.

وكما فعل حزب الله اللبناني والميليشيات القادمة من العراق والقوات النظامية السورية، وكلها تحت قيادة إيرانية، شقت الوحدات الكردية طريقها حول الجزء العلوي من حلب، بدعم من الغطاء الجوي الروسي، وتوجه الأكراد إلى مناطق تجنبوها طوال فترة الصراع.

خلال نهاية الأسبوع، تحركت وحدات حماية الشعب الكردية نحو بلدتين بين الحدود التركية وحلب المحاصرة، بعد أن استولوا في وقت سابق على قاعدة جوية كانت بحوزة المعارضة. وطوال فترة الحرب، كانت هذه الوحدات تعامل بحذر من قبل المعارضة، في حين تنازل النظام لها عن مساحة شاسعة.

والآن، وضعت تحركات المقاتلين الأكراد بصمة واضحة في شمال سورية، الأمر الذي ينذر المعارضة المسلحة بخطر جديد، بعد أن كانت منشغلة بخصوم آخرين. كما أن التحرك الكردي الأخير أثار مخاوف تركيا التي تعهدت بعدم السماح للأكراد بالسيطرة على حدودها مع سورية.

الأكراد في صعود والأتراك باتوا غاضبين، وأنقرة ترى مسلحي الوحدات الكردية الذين يتبعون حزب العمال الكردستاني، يتنافسون للاستيلاء على مناطق لم يسيطروا عليها من قبل، لتأسيس نفوذ من «إرفين» في شمال غرب سورية الى الحدود العراقية، وهي جبهة يسيطر عليها العرب منذ عقود. مساعدة وحدات حماية الشعب على القيام بذلك، بدعم من الطائرات الروسية يعني فقدان مكاسب ثلاث سنوات من الجهد المتواصل للإطاحة بنظام الأسد. وتصر أنقرة على أن جرأة الأكراد في سورية سوف تعزز أيضاً قدرات حزب العمال الكردستاني، الذي تقاتله لأكثر من 40 عاماً. وترفض تركيا مزاعم الفصيلين الكرديين بأنهما يطمحان الى المزيد من الحكم الذاتي، وليس الاستقلال. وتعتبر أنقرة التطلعات الكردية تهديداً أخطر من تنظيم «داعش».

ما يزيد من تعقيد الأمور هو أن الولايات المتحدة، التي اقتصر دورها في سورية إلى حد كبير على محاربة «داعش»، استخدمت الوحدات الكردية في حرب بالوكالة؛ كقوة على الأرض لطرد المجموعة الإرهابية من الشمال الغربي والتراجع نحو معقلها في الرقة. وكانت الطائرات الأميركية في أواخر 2014، قد دافعت عن مدينة كوباني الكردية ضد هجوم واسع النطاق من قبل مسلحي «داعش». ومنذ ذلك الحين، توطدت العلاقة بين الجانبين، ما أثار استياء تركيا، وهي حليف للولايات المتحدة وعضو في حلف شمال الأطلسي.

ويحتمل أن تتحول سلسلة الحروب بالوكالة، في سورية، إلى حرب مدمرة وعلى نطاق واسع. وما يعزز ذلك هو موقف تركيا تجاه الأكراد والدعم الروسي لهؤلاء. وقد أظهرت موسكو أنها تعلم جيداً كيف تزعج أنقرة؛ فهي تعرف أن الأكراد هم نقطة ضعفها.

 

تويتر