نظراً لاستيائهم من أحزابهم

الأكراد المتدينون والمحافظون يقفون مرة أخرى خلف الحزب الحاكم

صورة

عندما نظمت تركيا الانتخابات، قبل خمسة أشهر فقط، اهتز جنوب شرق البلاد بالاحتفالات، عندما تمكن حزب الشعب الديمقراطي المنتمي للأكراد من القفز فوق عتبة الـ10% المطلوبة لدخول أعضائه البرلمان، إضافة إلى أن هذا التقدم حرم حزب العدالة والتنمية الحاكم، بزعامة الرئيس رجب طيب أردوغان، من إحراز الأغلبية للمرة الأولى منذ 13 عاماً.

وبعد إعادة التصويت، يوم الأحد الماضي، كان الأمر مختلفاً جداً، فعلى الرغم من أن حزب الشعب الديمقراطي لايزال مؤهلاً ليشغل مقاعد في البرلمان، إلا أنه خسر أكثر من مليون صوت مقابل حزب العدالة والتنمية، الذي استطاع أن يصنع واحداً من التحولات الأكثر إثارة للإعجاب في التاريخ السياسي التركي، ويمكنه أن يتطلع الآن إلى أربعة أعوام أخرى من حكم الحزب الواحد. وفي هذه المرة ساد العنف في الجنوب الشرقي من البلاد وليس الاحتفالات، بعد إعلان نتيجة الانتخابات.

• إحدى أكبر القضايا التي تواجه تركيا حالياً هي ما إذا كان أردوغان وحزب العدالة والتنمية، الذي يتزعمه، سيكونان قادرين على كبح جماح العنف.

وفي مدينة ديار بكر، التي تقطنها أغلبية كردية وضع الشبان الغاضبون الحواجز في الطرقات، وأطلقوا الأعيرة النارية في الهواء، وردت الشرطة بالغاز المسيل للدموع، وخراطيم المياه. وتشير نتائج ليلة الأحد ببساطة إلى أن العديد من الأكراد المحافظين دينياً، والذين أيدوا من قَبْلُ حزب الشعب للمرة الأولى في يونيو الماضي، ناصروا هذه المرة الحزب الحاكم ذا الجذور الإسلامية، ربما بسبب استيائهم من تجدد أعمال العنف بين السلطات التركية والمقاتلين الأكراد.

ويتهم العديد من الناشطين في حزب الشعب الحكومة بالتلاعب في الانتخابات، من خلال إثارة الفوضى خلال الصيف، ومن ثم مطالبة الشعب التركي بتأييدهم من أجل وقف إراقة الدماء. إحدى أكبر القضايا التي تواجه تركيا حالياً هي ما إذا كان أردوغان وحزب العدالة والتنمية، الذي يتزعمه، سيكونا قادرين على كبح جماح العنف.

تقول عضو البرلمان عن حزب الشعب، ليلى بيرليك: «ما نشهده هو نتيجة انتخابات، تم تنظيمها في جو من الحرب، والتهديدات، والترهيب».

وقضى 135 شخصاً في هجومين انتحاريين، نفذهما «داعش» في تركيا: الأول في يوليو والثاني في أكتوبر. واستهدفت كل هذه الهجمات الأكراد، خصوصاً أنصار حزب الشعب. وفي الوقت نفسه أودى تجدد الصراع بين الدولة وحزب العمال الكردستاني بحياة 159 شخصاً على الأقل من مسؤولي الأمن التركي، ومئات المسلحين، و81 مدنياً، وفقاً لمجموعة الأزمات الدولية.

وتضيف بيرليك: «لقد شهدنا الجنون بذاته في الأشهر الأربعة الأخيرة، إذ رأينا الألم الذي لا يوصف، وكنا نشهد الجنازات كل يوم تقريباً»، وكان واحداً من أقربائها أحد ضحايا هذا العنف، وهزت جنازته، التي كانت تحملها سيارة تابعة للشرطة في شوارع سيرناك في أكتوبر، مشاعر الغضب في تركيا.

ويقول محللون إن موجة من الهجمات، التي يشنها مسلحون من حزب العمال الكردستاني خلال الانتخابات، والتي لم يستنكرها حزب الشعب، أضرت بموقف الحزب بقدر ما ساعدت أردوغان.

ويقول رئيس مركز سياسة إسطنبول، وهو مؤسسة فكرية، فؤاد كيمان: «في يونيو الماضي، ظهر حزب الشعب كلاعب رئيس في السياسة الكردية وكحزب تركي معارض»، ويضيف قائلاً «أما في هذه الانتخابات، وبسبب تصعيد أعمال العنف، وبسبب دعوة الحزب للحكم الذاتي، فقد القدرة على الحفاظ على هذا التوازن».

ويبدو أن البعض في سيرناك لم يطق انتصار حزب العدالة والتنمية، ويقولون: «نحن نريد أن نؤمن بالديمقراطية التركية، لكننا الآن لن نكون قادرين على التنفس في هذا البلد، إلا إذا استطعنا أن نؤسس حكومتنا الخاصة بنا»، ويقول ديكل، وهو طالب يبلغ من العمر 23 عاماً: «لا يمكننا أن نثق بهذه الحكومة التي جاءت إلى السلطة من خلال هذه الوسائل القذرة».

تويتر