يهدّدهم أصحاب المزارع بالقتل

عمال برازيليون يعملون في ظروف أشبه بالعبودية

معظم العمال يجدون أنفسهم يعملون كالعبيد محاصرين بالديون. أرشيفية

يتعرض كثير من عمال المزارع في البرازيل لنوع من العبودية وأعمال السخرة، حيث يظلون في العمل من دون أجر لفترات طويلة بسبب ما يدينون به من أموال لمخدوميهم. وخلال الـ20 عاماً الماضية، تم إطلاق سراح ما يقرب من 50 ألف عامل ظلوا يعملون في غابات الأمازون بالبرازيل في ظروف أشبه بالعبودية، وفقاً لقاضي محكمة العمل في ولاية بارا، لجوناتاس اندرادي.

وجاء تحريرهم بعد جهود متضافرة من قبل الشرطة والمدعين العامين والمسؤولين عن العمل، إلا أن العديد من مثل هؤلاء العمال لايزال يعاني هذه الظروف. ويساعد هؤلاء العمال على تنظيف مساحات كبيرة من الغابات من أجل إقامة مزارع أبقار، وتبدأ محنتهم بعد أول يوم، عندما لا يكون لديهم أي خيار سوى شراء موادهم الغذائية من صاحب المزرعة، لعدم وجود مدينة قريبة، ويستدينون منه للحد الذي يتراكم عليهم الدين ولا يستطيعون تسديده. ولهذا السبب يعملون لدى مخدومهم من دون أجر من أجل تسديد ما عليهم من دين.

ويقول أحد الذين تعرضوا لهذه المحنة في السابق، باولو فيريرا، «تراكمت عليّ الديون بشكل كبير، وأصبح من الصعب أن أغادر البلدة قبل تسديدها، وعندما يجيء يوم دفع الأجور، لا أحصل على اي شيء، ويقول لي رئيسي، إن ما عملته خلال الشهر يكاد بالكاد يغطي الدين الذي عليك»، ويضيف أن العامل اذا حاول ان يشتكي صاحب المزرعة للسلطات فإنه يتعرض للقتل.

وتمس مثل هذه المعاملات الاسترقاقية عصباً حساساً لدى البرازيليين، الذين جلبوا أربعة ملايين افريقي كعبيد خلال الـ400 سنة الأولى من عصر الاسترقاق، ما يعادل 40% من مجموع ما جلبته الأميركتان من رقيق. وكانت البرازيل آخر أمة في نصف الكرة الأرضية الجنوبي التي تحرّم العبودية، حيث جاء إلغاؤها فقط في عام 1888.

ويقول المدعي العام في ولاية بارا، إبراتان كازيتا «لايزال هذا البلد يكافح للخروج مع ماضيه العبودي، إنه ماضٍ لايزال موجوداً في مجتمعنا». ويجادل هو وآخرون بقولهم، إن المعركة ضد مثل هذه الممارسات تحتاج الى نوعية عالية من الصحافة التي تتطلب استثماراً.

وترتبط العبودية الحديثة في منطقة الأمازون ارتباطاً وثيقاً بالإزالة غير المشروعة للغابات (المساهم سيّئ السمعة في تغير المناخ)، وعادة ما يجند أحد الوسطاء عمالاً من ولايتي بياوي ومارانهاو، وهما اثنتان من أفقر ولايات البلاد، ويقنعهم بالسفر مئات الكيلومترات على طرق سيئة لبارا، مع وعد بأجور مرتفعة.

ومثل ما حدث لفيريرا، سرعان ما يجد العديد من العمال أنفسهم مشلولين ومثقلين بالديون، لأنهم لا يملكون رأس المال الخاص بهم، وغالباً ما يلجأون إلى الاقتراض من أجل الرحلة الطويلة إلى المزرعة، وأيضاً لشراء الطعام.

ولا يجرؤ معظم العمال على مغادرة المزرعة، أو محاولة الهرب بسبب الديون المتزايدة. وبما أنه من الصعب استئجار حراس مسلحين على مدار الساعة في تلك المزارع، فإن اصحاب تلك المزارع يستأجرون قتلة محترفين، للتعامل مع العمال الهاربين. وعندما تنظم السلطات حملات لوقف قطع الأشجار غير المشروع، يختفي مربو الماشية ويتركون العمال يواجهون السلطات وحدهم.

بدأت حملة القمع ضد هذه الممارسات بعد هروب زي بيريرا، وهو عامل تم استدراجه في عام 1989 إلى مزرعة في ولاية بارا، حيث تم سجنه وإجباره على العمل دون أجر. ونصب له صاحب المزرعة كميناً لقتله، لكنه نجا بطريقة ما، وتمكن من تقديم شكوى رسمية للسلطات. وبعد احتجاجات شعبية تلت ذلك، بدأت الحكومة في نشر قائمة سوداء بأسماء المزارع التي تستخدم عمالاً كعبيد، وأي مزرعة على القائمة تصبح محرومة تلقائياً خدمات الحكومة، أو قطاع الأعمال في الولاية.

الا أن كازيتا يشكو أن المشكلة تفاقمت مرة أخرى على مدى السنوات الـ 10 الماضية، حيث دافع مربو الماشية عن أساليبهم، ما جعل المحكمة العليا البرازيلية ترفع عن القائمة السوداء أسماء المزارع والشركات التي تسخر العمال، بحجة أن نشر اللائحة ينتهك حق الدفاع عن الذين وردت أسماؤهم.

تويتر