مليون و200 ألف فرد عاجزون عن توفير متطلبات أسرهم

75 ألف غزّي محرومون من «رمضان»

صورة

يستقبل سكان قطاع غزة شهر رمضان للعام العاشر على التوالي بأوضاع اقتصادية هي الأشد سوءاً، في ظل استمرار حالة الانقسام السياسي الداخلي، وتشديد الحصار المفروض على القطاع منذ صيف عام 2006، حيث التحكم في دخول جميع احتياجات المواطنين من السلع والبضائع المختلفة، وأهمها مواد البناء، التي تعد العصب والمحرك الرئيس للعجلة الاقتصادية.

ومع منع إدخال مواد البناء وما خلّفته من تعثر عملية إعمار مخلفات الحرب والدمار، تغيب ملامح شهر الصيام عن آلاف المنازل التي طالها القصف خلال الحرب الأخيرة عام 2014، فقد أصبح المأوى، الذي كان يجمعهم قبل عامين على مائدتي السحور والإفطار تحت سقف واحد، رماداً.

ولم يكتفِ الوجع الذي يقهر النازحين عند هذا الحد، فشهر رمضان يحمل بين طياته ذكريات أليمة فجعت قلوبهم في أيام كانوا فيها صائمون، لتكن أيامه قاسية عليهم في ظل غياب الأحبة وفلذات الأكباد.

ووفقاً لإحصائية صدرت حديثاً عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، يبلغ عدد الغزيين المشردين الذين لم يجدوا مكاناً يؤويهم نحو 75 ألف مواطن، حيث يقطنون في كرفانات حديدية، وخيام أقاموها على أنقاض بيوتهم.

ومازال العديد منهم ينزح داخل مدارس «الأونروا» في ظل فقدهم القدرة على توفير مكان يؤويه بفعل أوضاعه المعيشية المتردية التي تحول دون تمكنهم من الحصول على لقمة عيش تسد رمق أطفالهم الذين قهرهم الفقر داخل فصول كانت معدة لتلقي العلم.

انعدام القدرة الشرائية

أما بقية سكان قطاع غزة فلم يكن حال غالبيتهم العظمى أفضل من العائلات التي مازالت مشردة دون مأوى، فمعدلات البطالة تزداد بشكل هستيري، أما الفقر فقد نال منهم، بعد أن نهش أجسادهم النحيلة، ليحرم أكثر من مليون و200 ألف فرد من مصدر دخل وإن كان يومياً أو مؤقتاً، والذين يشكلون 65% من عدد سكان القطاع الذي يقدر بـمليوني غزي.

ونظراً لانعدام القدرة الشرائية لأولئك المواطنين، وغيرهم من الغزيين، وحرمانهم من توفير متطلبات رمضان وإدخال أجوائه داخل منازلهم وإلى قلوب أطفالهم، فإن ضعفاً عالياً أصاب حركة المبيعات في الأسواق المحلية التي تعاني أساساً حالة كساد وركود اقتصادي في كل الأنشطة، وتحديداً في القطاع التجاري، وذلك بفعل ندرة السلع والبضائع، وانعدام الجزء الأكبر منها لعدم السماح بدخولها عبر المعابر التي تخضع لإدارة إسرائيل.

«الإمارات اليوم» رصدت الحركة الشرائية داخل سوق فراس وسط مدينة غزة، الذي يعد من أكبر أسواق القطاع المحلية، حيث انخفض إقبال المواطنين على المحال والبضائع بشكل لافت، فغالبيتهم ينظرون إلى البضائع الموجودة، ويمرون سريعاً دون شراء أدنى متطلباتهم رغم تعددها، وكثرة احتياجات أطفالهم وعائلاتهم لها.

وفي هذا الصدد، التقت «الإمارات اليوم» مدير العلاقات الدولية في الغرفة التجارية، ماهر الطباع، الذي أكد أن الأسواق المحلية في القطاع تعاني حالة كساد وركود اقتصادي غير مسبوقة في كل الأنشطة الاقتصادية، لافتاً إلى أنها باتت خالية من حركة الزبائن.

ويقول الطباع: «إن الأفراد البالغ عددهم مليوناً و200 ألف، والذين لا يملكون دخلاً يومياً في غزة، نظراً لفقدانهم أماكن عملهم التي أغلقت بفعل إغلاق المعابر، أو تعرضها للقصف والخراب، فإنهم يعيشون ظروفاً مأساوية قاسية منذ أن كانوا على رأس عملهم، حيث جميعهم مقيدون كحالات إنسانية في كشوفات الفقراء والمحتاجين التابعة لوكالة الغوث والمؤسسات الإغاثية».

ويضيف، «الأزمات التي ترافق الغزيين في شهر الصيام تشكل عبئاً اقتصادياً إضافياً يثقل كاهل محدودي ومعدومي الدخل، حيث تكثر الاحتياجات، وتزداد التكاليف المالية، بفعل إقامة الولائم الرمضانية المختلفة، إضافة إلى التزاماتهم من النواحي الاجتماعية والعائلية، في ظل تفاقم أزمتي البطالة والفقر».

وبحسب الطباع، بلغت نسبة البطالة في قطاع غزة 55%، وبلغ عدد العاطلين عن العمل ما يزيد على 200 ألف شخص في قطاع غزة خلال الربع الأول من عام 2016.

ويلفت الطباع إلى أن مؤشرات الفقر في القطاع تعد الأعلى عالمياً، فقد وصلت نسبة الفقر المدقع إلى أكثر من 65%، كما ارتفعت مستويات انعدام الأمن الغذائي في غزة إلى 72%.

ويقول مدير العلاقات الدولية في غرفة غزة التجارية: «إن المؤشرات السابقة تؤكد أن قطاع غزة حالياً ليس على حافة الانهيار، بل دخل مرحلة ما بعد الموت السريري، فقد أصبح نموذجاً لأكبر سجن بالعالم، حيث انعدام أسس وأولويات الحياة الكريمة من كهرباء ودواء وعمل وماء، بالإضافة إلى إغلاق المعابر، وانعدام مظاهر التنمية».

ويشير الطباع إلى أن الحصار المفروض على قطاع غزة منذ 10 أعوام أدى إلى تدمير البنية الاقتصادية، وكل القطاعات الخدماتية الضرورية.

تويتر