جنوب السودان يحتاج إلى إجراءات دولية جــــادة لوقف العنف

اللاجئون في مخيّم بجوبا جنوب السودان. أرشيفية

منذ تأسيس دولة جنوب السودان قبل خمس سنوات، انتقل سكانها من فترة قصيرة من الراحة إلى الواقع القاسي للعنف القبلي، والنهب واليأس، إذ إن قادتهم خدعوهم، كما أن مجلس الأمن الدولي تخلى عنهم أيضاً، وبات يعمل للمرة الثانية على إيجاد حل لوضع حد لأعمال القتل والمعاملة الوحشية التي يتعرض لها المدنيون. وثمة خطوة واحدة يمكن لمجلس الأمن الدولي أن يقوم بها في الحال، تتمثل في فرض حظر على شراء السلاح بعيد الأمد، خصوصاً على قوات حكومة جنوب السودان التي تعتبر مسؤولة عن سفك الدماء.

وبدأت الأزمة الحالية، التي قتل فيها 73 مدنياً على الأقل، الشهر الماضي، عندما اندلع القتال في جوبا عاصمة جنوب السودان، الأمر الذي ألغى آخر اتفاق لوقف إطلاق النار، ضمن سلسلة من هذه الاتفاقات بين الجنود الموالين للرئيس، سلفا كير، والجنود المؤيدين لنائبه، ريك مشار. واندلعت الحرب للمرة الأولى في ديسمبر عام 2013.

وفي الأسبوع الماضي، أشارت نتيجة التحقيق الذي أجراه رئيس المفوضية العليا للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، الأمير زيد رعد الحسين، إلى اعتبار الرئيس سلفا كير وجماعته مسؤولين عن هذا العنف الذي قيل إنه تضمن حالات اغتصاب جماعية. وقال الحسين إنه في الوقت الذي قتل فيه العديد من المدنيين خلال تبادل إطلاق النار، تم إعدام آخرين من قبل القوات الحكومية التي اتضح أنها قتلت أفراداً من قبيلة النوير، وهي مجموعة إثنية موالية للنائب مشار. وكشف التحقيق أيضاً عن أن القوات الحكومية ارتكبت معظم حالات العنف الجنسي، التي وقعت خلال العنف الأخير، البالغ تعدادها 217 حالة، والتي وقع بعضها على القُصّر.

ويبدو أن قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، إضافة إلى قوات الشرطة في جنوب السودان، البالغ تعدادها نحو 13 ألف شخص، ليس لها تأثير يذكر، كما أنها عاجزة حتى عن حماية المدنيين في مناطق اللاجئين التي تشرف عليها الأمم المتحدة، ويطلق عليها مواقع حماية المدنيين. وخلال إحدى الهجمات على واحدة من مثل هذه المناطق في شهر فبراير الماضي، شمال مدينة ملكال، ارتكبت قوات حفظ السلام أخطاء تكتيكية كبيرة أدت إلى وقوع مجزرة نجم عنها مقتل 30 شخصاً، وتم التخطيط لها، أو على الأقل قدم لها الدعم، القوات الحكومية. وكشفت التحقيقات عن أن بعض قوات حفظ السلام في مدينة ملكال انسحبت من مواقعها أو ربما انتظرت حصولها على تعليمات مكتوبة من قيادتها قبل أن تتصرف لحماية المدنيين.

وكانت حادثة ملكال هي الدليل الأحدث على أن عمليات حفظ السلام، التي تلاحقها سمعة الفشل منذ مذابح رواندا عام 1994 وسربرنيتسا عام 1995 خلال حرب البوسنة والهرسك، غير فعالة، وبحاجة إلى تعديل جذري، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بحماية المدنيين. وحتى خلال يوم عادي في جنوب السودان فإن النساء اللواتي يردن مغادرة المخيمات التي يعشن فيها من أجل جلب الطعام لأسرهن، لا يستطعن القيام بذلك من دون مواجهة مخاطر تعرضهن للاغتصاب.

وفي يوم الأحد الماضي، اقترحت الولايات المتحدة ضمن مسودة قرار أممي، أن يمنح مجلس الأمن جنوب السودان 4000 جندي أممي لحفظ السلام، بهدف تأمين مدينة جوبا، والمطار والمنشآت الأساسية في الدولة. ويدعو القرار أيضاً إلى فرض حظر على شحن السلاح إلى جنوب السودان، في حال عدم قيام الحكومة بالتعاون مع قوات حفظ السلام. وهدد مجلس الأمن الدولي على نحو متكرر، خلال الأشهر الـ18 الماضية، بمنع شحن الأسلحة إلى الحكومة إذا لم تعطِ هذه التهديدات أكلها.

تويتر