خططه في ما يخص المنطقة تبدو متناقضة
ترامب أمام خيارات صعبة في الشرق الأوسط
العبور من لبنان إلى سورية يُظهر مدى الانقسام حول انتخاب الرئيس الأميركي الجديد، ففي نقطة الدخول قال لي الضابط السوري وهو يختم جوازي الأميركي وهو مبتهج «مبروك رئيسكم الجديد»، مضيفاً وهو يعبر عن تفاؤله «سيكون جيداً بالنسبة لسورية»، لقد عبّر الضابط عن آراء المؤيدين لنظام بشار الأسد، ويقول هؤلاء إنهم شعروا بالسعادة لانتخاب الرئيس الأميركي الجديد. وهم يأملون أن يتخلى عن دعم المعارضة السورية في الحرب الأهلية، ويتبنى موقف دمشق وحليفتها موسكو.
•تبدو بعض خطط الرئيس المنتخب، في ما يخص منطقة الشرق الأوسط، متناقضة مع بعضها، مثل التعهد بإنشاء منطقة آمنة في سورية وفي الوقت نفسه التعهد بالعمل مع روسيا التي تستخدم الأجواء السورية لقصف المدنيين السوريين. |
في الشرق الأوسط، وكما هي الحال في أماكن أخرى حول العالم، كان فوز دونالد ترامب مفاجأة وصدمة لملايين الأشخاص. لكن ما يشغل البيت الأبيض حالياً يكمن في إعادة ترتيب الكثير من الأمور المتعلقة بانخراط أميركا في هذه المنطقة المعقدة. وتأمل المملكة العربية السعودية، على سبيل المثال، أن يتخذ الرئيس المنتخب موقفاً أكثر تشدداً في مواجهة إيران. ويتعين على ترامب، بصفته قائداً عاماً للقوات الأميركية، أن يخوض في العديد من المشكلات نفسها التي صارع الرئيس، باراك أوباما، من أجلها، ابتداء من انهيار مؤسسات الدولة إلى الحروب الأهلية إلى الجماعات المسلحة التي تتسبب في حالة من العنف الهائل. هذه الفوضى لعبت لمصلحة عدد من الرجال الأقوياء في المنطقة، ويأمل الكثير من قادة الشرق الأوسط أن يغير ترامب، رئيس للولايات المتحدة الجديد، مجريات الأمور لمصلحتهم.
تبدو بعض خطط الرئيس المنتخب، في ما يخص منطقة الشرق الأوسط، متناقضة مع بعضها، مثل التعهد بإنشاء منطقة آمنة في سورية، وفي الوقت نفسه التعهد بالعمل مع روسيا التي تستخدم الأجواء السورية لقصف المدنيين السوريين. ومهما يكن فهو ملتزم بإحداث تغييرين رئيسين في سياسة الولايات المتحدة، وهما العمل مع روسيا ضد مسلحي تنظيم «داعش»، والتراجع عن الاتفاق النووي مع طهران. وسيكون كلا التحركين بمثابة تراجع عن سياسة أوباما في المنطقة، فقد شهدت فترة رئاسته تصاعداً للتوتر بين الولايات المتحدة وعدد من حلفائها التقليديين في الشرق الأوسط، مثل السعودية ومصر وإسرائيل، لكن من غير الواضح ما إذا كانت المبادرات الجديدة ستؤدي إلى إصلاح الضرر.
لاتزال المنطقة تحت تأثير الغزو الأميركي للعراق في 2003، ويخشى الكثيرون من أن لغة ترامب الحربية يمكن أن تمهد الطريق للمزيد من التدخل أو الاحتلال العسكري. كما أن إشادته بآليات التعذيب، مثل «محاكاة الغرق» بحق المعتقلين، أعاد تذكير الكثيرين بانتهاكات معتقل غوانتانامو. لكن ترامب، خلال حديثه عن خطته لهزيمة تنظيم «داعش»، أمام مناصريه خلال تجمع انتخابي، استخدم كلمة نابية، تعهد فيها بقصف التنظيم، وبعدها قال إنه سيتفق مع شركات نفط دولية لإعادة بناء البنية التحتية للنفط، التي استخدمها المسلحون ولم يتردد في القول «سأطوق الآبار وأستولي عليها».
من جانبه، قال السفير العراقي لدى الأمم المتحدة، محمد علي الحكيم، إنه يأمل أن تكون مكافحة الإرهاب أولوية بالنسبة للرئيس المنتخب، على الرغم من أنه لم يعلم بعد خطة ترامب في هذا الشأن «ليس هناك سياسة واضحة بعد»، ورفض تصريحات ترامب بأنه ينوي الاستيلاء على نفط العراق، وقال السفير إن الولايات المتحدة تمتلك كمية من النفط أكبر مما يمتلكه العراق.
لقد خرج ترامب من حلبة الصراع الانتخابي منتصراً، لكن السؤال الذي يخيم على أميركا، التي لاتزال تعيش صدمةَ فوزه، ما إذا كان الملياردير الجمهوري قادراً على رئاسة أقوى دولة في العالم، ويتمثل التحدي الرئيس أمام دونالد ترامب في تشكيله لفريقه الحكومي.
بين هوبيرد كاتب ومحلل سياسي
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news