نصف البالغين في المجتمع غير متزوجين

الأميركيون يعزفون عن الزواج

صورة

عندما كانت كارين دينيسون في بداية العشرينات، كان من الواضح أن جميع أقرانها كانوا يتزوجون ويخططون لتأسيس العائلة، والعيش بهناء. كانت تمضي فصل الصيف الذي يلي سنتها الدراسية في الانتقال إلى حفلات زفاف أصدقائها حسبما تذكر. وكان الناس في بلدة مينسوتا الصغيرة لديهم هاجس الزواج، حيث يشعر المرء بأن سكان القرية، لا يفعلون شيئاً سوى الزفاف.

والآن، بعد عقدين من الزمن، وبعد مئات من اللقاءات مع أصدقاء، تعيش الآنسة دينسون التي انتقلت إلى مدينة بوسطن، وهي في 26 من العمر، واقعاً مختلفاً. وتقول «ثمة أعداد كبيرة جداً من العازبين في بوسطن. ويستطيع المرء أن يكون عازباً هنا من دون أن يكترث أحد له، وأنا لم أشعر هنا بأنه يتوجب علي أن أتزوج».

وفي واقع الأمر فإن الوضع الطبيعي في عالم العلاقات الاجتماعية الأميركية المعقد، هو الوضع الذي تعيشه دينسون، وليس عالم صديقاتها اللواتي تزوجن في العشرينات من العمر. ويعيش واحداً من أصل سبعة أميركيين وحده، أي أن نحو 31 مليون أميركي يعيشون وحدهم الآن، مقارنة بأربعة ملايين أميركي كانوا يعيشون وحدهم في خمسينات القرن الماضي، وأغلب هؤلاء يتركزون في المناطق المدنية. ولكن حتى خارج المدن، ثمة ارتفاع مميز «للعازبين». إذ إن نصف المواليد تقريباً من أمهات عازبات، كما أن تعداد الآباء الذين يعيشون مع بعضهم بعضاً، لكن من دون رابط الزواج، تضاعف ثلاثة مرات. وارتفع تعداد الأميركيين البالغين الذين لم يتزوجوا مطلقاً، إلى مستوى غير مسبوق تاريخياً، إذ وصل إلى نحو 20%.

في هذه الأثناء، فإن 30% من جيل «ميلينيالز» الذين ولدوا في الفترة ما بين 1980 وعام 2000، يرون أن الحصول على زواج ناجح هو «أحد أهم الأولويات» في الحياة، حسب مركز «بيو» للأبحاث، وهي نسبة منخفضة مقارنة بأقران «اكس»، الذين ولدوا في الفترة ما بين 1960 و1980، حيث كانت هذه النسبة 47%، علماً أنه كانت لديهم الأولويات ذاتها في عام 1997. وباختصار فإن الأكاديميين يقولون إن المجتمع الأميركي يعيش وسط حالة مهمة من التغير الاجتماعي والسكاني، التي تعد الأكبر من نوعها خلال الـ60 عاماً الماضية، حسب عالم الاجتماع الأميركي، ايريك كلاينبيرغ، من جامعة نيويورك. وهذا التغير يطال ليس العلاقات الاجتماعية فقط، وإنما يؤثر في كل شيء من الإسكان والرعاية الصحية، وصولاً إلى رعاية الأطفال والكنائس.

وليس هناك كثير نقاش حول ارتفاع نسبة زواج البالغين الأميركيين قبل جيلين. ففي عام 1950 كان المتزوجون يشكلون 78% من السكان البالغين. وفي عام 2011 ذكر مكتب الإحصاء في الولايات المتحدة، أن هذه النسبة انخفضت إلى 48%. وفي عام 2014 ذكر مكتب إحصاءات العمل أن 124.6 مليون أميركي تزيد أعمارهم على 16 عاماً كانوا يعتبرون عزاباً، أو ما يعادل 50.2% من تعداد السكان، مقارنة بـ37% من السكان عام 1976.

وارتفع معدل العمر الذي يتزوج فيه النساء والرجال في الولايات المتحدة للمرة الأولى إلى سن 27 عاماً بالنسبة للمرأة، و29 عاماً بالنسبة للرجل، بعد أن كان 22 بالنسبة للنساء و 22 بالنسبة للرجال في عام 1960. وبعبارة أخرى، فإنه سيكون هناك في أي وقت العديد من العزاب الذين لم يتزوجوا مطلقاً، ولكن ذلك لا يعني أن هؤلاء العزاب سيبقون كذلك طيلة حياتهم.

ولكن هذه الشروحات السكانية البسيطة تنطوي على مغالطات بشأن التغيرات الكبيرة للثقافة، خصوصاً بالنسبة لخريجي الجامعات، إذ إن التأخر في الزواج هنا يؤذن بمرحلة من الحياة يسميها علماء الاقتصاد «البلوغ البارز» أو «المراهقة المتأخرة».

وعادة ما ينتقل العازبون خريجو الجامعات إلى المباني القديمة الواقعة في وسط المدن، وينفقون عليها المال من أجل تنشيط مراكز مدنية. وفي مدن أمثال دينفر وبوسطن وديترويت، فإنهم ينضمون إلى جميع الأندية والرياضات مثل كرة القدم وهيئات إدارة المتاحف وجمعيات الأحياء إلى المنظمات التطوعية.

تويتر