المرصد

صورة الطفل والرأي العام الغربي

انضمت صورة الطفل السوري الغريق إيلان كردي، ابن السنوات الثلاث، إلى صور خالدة لمآسي البشرية، والتي صدمت العالم، وكان أشهرها الفتاة الفيتنامية التي تعرضت لقصف الطائرات بقنابل النابالم، وهي تجري عارية محترقة في الشارع وجلدها يذوب، خلال حرب أميركا في فيتنام، قبل 40 عاماً.

لكن صورة الطفل السوري إيلان وهو يرقد ميتاً على شاطئ تركي، الذي كان واحداً من 2500 طفل غرقوا في مياه البحر المتوسط، وهم يحاولون العبور إلى أوروبا، في قوارب غير آمنة، قد تكون غير مسبوقة من حيث الأثر في الرأي العام، والتبعات السياسية. ومن الواضح أن وسائل التواصل الاجتماعي لعبت دوراً مهماً في تفاعل العالم مع مأساة اللاجئين السوريين والتعاطف معهم.

وانتشرت صورة إيلان كالنار في الهشيم عبر موقع «تويتر»، قبل أن تتصدر الصفحات الأولى للصحف في أنحاء العالم في اليوم التالي، لتطلق سيلاً من المشاعر لدى العامة، وتزيد الضغط على الحكومات الأوروبية لتتحرك.

وكشفت صورة الطفل إيلان على الملأ المعاناة التي يعيشها كثير من السوريين الذين يخاطرون بحياتهم، من أجل القيام برحلة العذاب عبر المتوسط، إلى الأمان المنشود في القارة الأوروبية. وبعد ساعات قليلة من انتشار الصورة عبر الصحف والمواقع الإخبارية العالمية، بدأ كثير في الدول الأوروبية يظهرون تذمراً من قياداتهم السياسية، قائلين إن الوقت قد حان كي نقبل المزيد من اللاجئين.

وعلى الرغم من الصدمة الكبيرة التي شكلتها صورة الطفل السوري، وتأثيرها الوجداني في كل من رآها من البشر، إلا أن التساؤل المطروح هنا: لماذا كان تأثير صورة الطفل السوري قوياً من خلال تغيير العديد من أصحاب القرار لمواقفهم، في حين أن صوراً أخرى تظهر مدى المأساة الإنسانية التي عاشها آخرون، مثل صورة الفتاة الغزية هدى غالية، التي قتل صاروخ إسرائيلي سبعة من أفراد عائلتها بينما كانوا يتنزهون على الشاطئ، فما كان منها إلا أن أخذت تركض بين أشلاء عائلتها بصورة هستيرية. ومع ذلك فإن تلك الصورة لم تدغدغ مشاعر الغربيين، وتجعلهم يغضبون مطالبين بفك الحصار عن غزة، ووقف تقتيله بدم بارد. وثمة صورة أخرى لا تقل أثراً في من يشاهدها، وهي مقتل الطفل محمد الدرة، الذي كان يحاول الاحتماء في حضن والده.

وبناء عليه نجد أنه من المشروع التساؤل: هل التعاطف مع آلام الآخرين هو حالة إنسانية ترتبط بالمشاعر، أم أنها مسألة انتقائية تخضع لمدى اهتمام الإعلام بها، إضافة إلى عوامل أخرى؟

 

تويتر