التجنيس الرياضي العربي.. «معدن رمادي»!

صورة

يعتقد رياضيون أن التجنيس حل لمشكلة «ضعف الحصاد الأولمبي»، وخيبات الأمل التي تلاحق الرياضيين العرب، خلال مشاركتهم في دورات الألعاب الأولمبية، لكنْ آخرون يحذرون من التجنيس بشدة، لدواعٍ وطنية كون «الرياضي المجنس يمتهن الرياضة لكسب المال، وقد لا يمتلك الولاء والانتماء ذاته كما ابن البلد، ولا يكون الشعور بالفخر والإنجاز حاضراً حينما يكسب ميدالية»، معتبرين أن «الفرحة الشعبية تقتضي أن يكون الإنجاز كاملاً بطاقات أبناء البلد، الذين لا ينقصهم سوى طرق تدريبية علمية ودعم مالي وتفريغ كامل لممارسة الرياضة»، كما يرون في «التجنيس اعترافاً حقيقياً بفشل الرياضيين المحليين، ووسيلة لحصد إنجازات هي بالأصل حق لدول أخرى فقيرة، لم تتمكن من الحفاظ على رياضييها، لسوء الإمكانات المالية، فضلاً عن وصفهم التجنيس الرياضي بأنه تحايل على القانون بمنح الجنسية لأشخاص لا يرتبطون بأي رابط مع دولهم الجديدة».

ووسط هذا الاختلاف، يبرز طرف ثالث يؤيد التجنيس لكن بحذر وبشروط مدروسة، منها أن «يكون الرياضي المجنس صغير السن وموهوباً ويتم انتقاؤه من جهات فنية تمتلك الخبرة وتستشرف الآفاق البعيدة المرجوة منه، بما يخدم الرياضيين المواطنين حوله، وعدم التخلي عنهم في ظل وجود المجنس».

وأكد أبطال أولمبيون سابقون وحاليون، لـ«الإمارات اليوم»، أن «المواهب العربية بحاجة إلى منظومة عمل إدارية وفنية متكاملة، توفر للرياضيين خطط إعداد احترافية في مختلف الألعاب لمنافسة الأبطال العالميين»، إلا أنهم اختلفوا عندما تطرق الحل لعملية تجنيس رياضيين يتولون مهمة حصد الإنجازات، وذلك لأسباب عدة، يتصدرها: «المعدن الرمادي» للميدالية التي قد يحصل عليها الرياضي المجنّس وضبابية النتائج المترتبة على الأجيال اللاحقة، ومصانع إنتاج الرياضيين المحليين، فضلاً عن نوعية المؤسسات الرياضية أو المسؤولين الذين يتمتعون بصلاحية اختيار الرياضيين لاقتراح تجنيسهم، وكذلك اختلاف الأطر القانونية واللوائح بين الاتحادات الدولية وعدم وجود صيغة رياضية موحدة لكل الألعاب من قبل اللجنة الأولمبية الدولية».

ولم تقوَ الرياضة العربية على جمع سوى 108 ميداليات متنوعة طوال مشاركاتها بدورات الألعاب الأولمبية، منذ نسخة مدينة استوكهولم السويدية عام 1912، ليعد ذلك حصيلة هزيلة، بالمقارنة - على سبيل المثال - مع عدد ميداليات الولايات المتحدة في دورة واحدة، حيث حققت 121 ميدالية في ريو دي جانيرو بالبرازيل 2016، مقابل إجمالي إنجازات بلغ 2522 ميدالية في تاريخ مشاركاتها الأولمبية منذ دورة أثينا 1896.

ويؤكد الرياضيون أن التجنيس حل، لأسباب عدة، أبرزها «ندرة المواهب في دول عربية كثيرة، وحاجة الرياضيين المحليين لخامات مميزة للاحتكاك والاستفادة من خبرات اللاعبين المجنسين على مدار العام، وإيجاد مناخ محترف في ممارسة الرياضة، بدلاً من اقتصارها على فكر واحد إدارياً وفنياً، وتحقيق إنجازات في ألعاب غير معروفة في الدولة».

«الإمارات اليوم» التقت مع أبطال أولمبيين ورؤساء اتحادات رياضية ومستشارين قانونيين، أبدوا وجهة نظرهم الفنية والإدارية في قضية «التجنيس الرياضي» على الصعيد العربي، بصفته إحدى الإجابات عن سؤال يتكرر كل أربع سنوات: إلى متى ستبقى الرياضة العربية متأخرة عن الركب العالمي؟


أحمد بن حشر: مع التجنيس 100%.. لكن بشروط

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2016/11/565282.jpg

أكد البطل الأولمبي الإماراتي الشيخ أحمد بن حشر آل مكتوم، بطل ذهبية أولمبياد أثينا 2004، في رماية الدبل تراب، أن الدول العظمى والرائدة في الرياضة مثل أميركا وبريطانيا تلجأ إلى التجنيس، وهذا معناه أن التجنيس أمر إيجابي وليس سلبياً، وأصبح أمراً مفروغاً منه، وتبقى نظرة الدولة الأم للبطل المجنس أمراً نسبياً، يختلف من دولة إلى أخرى، ومن شعب لآخر، على حد تعبيره.

وقال الشيخ أحمد بن حشر: «في أميركا، على سبيل المثال، يكون هناك بطل أميركي وآخر مجنس، وكلاهما بطل أولمبي، أي أن اللاعب المجنس لم يحل بديلاً للأميركي، ونظرتهم هنا مختلفة بحيث لا يريدون الاعتماد على التجنيس فقط من أجل الميداليات الأولمبية، وإنما تطوير المنظومة ككل والاستفادة من كليهما في بناء جيل جديد للعبة، وأنا كرياضي إماراتي فقد فزت بالميدالية الذهبية الأولمبية، وهذا معناه أن هناك من هو قادر أيضاً على تحقيق نتيجة مشابهة، وأرى أن التجنيس من أجل حصد الميداليات فقط خطأ كبير».

وأضاف أن «لعبة مثل الرماية في الإمارات قد تتبنى رامياً مجنساً، وتصرف عليه وتدربه وينضم إلى المنتخب الوطني ويحقق الميدالية الأولمبية، لكن الأهم هو الاستفادة المرجوة منه تجاه لاعبي المنتخب، أي أنني سأستغل اللاعب المجنس لخدمة منتخب بأكمله، وأرى أن الفرق كبير بين تنظيم معسكر خارجي للمنتخب يستمر أسبوعاً أو اثنين، وبين أن أضم لاعباً مجنساً يظل موجوداً مع المنتخب 12 شهراً يستفيدون منه».

وحدد الشيخ أحمد بن حشر شروطاً للتجنيس، أبرزها امتلاك اللاعب المجنس الموهبة التي تستطيع أن تصنع منه بطلاً مفيداً لمن حوله، وقال إن «التجنيس منظومة، وأنا شخصياً مع التجنيس 100%، مع ضمان توافر ثلاثة شروط أساسية، الأول: انتقاء المجنس الذي يضمن للدولة الفوز بالأولمبياد، الثاني أن يكون المجنس مثلاً أعلى خلقياً وفنياً لكي يستفيد منه أفراد المنتخب، وإذا طبق هذان الشرطان فسنكون في الطريق الصحيح، والكلام هذا ينطبق على كل الألعاب فالشروط واحدة وواضحة، لكن يجب أن نرى مجنسين مواهب صغاراً في السن، يتم اختيارهم بعيون خبيرة للاستفادة منهم».

وتابع: «لا توجد أي أضرار لمنظومة التجنيس، إلا إذا كانت غير مدروسة أو تخبطية، لذا فإن الشرط الثالث يكمن في أن يكون المجنس صغيرالسن ليستفاد منه لسنوات، وأن تكون كل مستنداته الثبوتية صحيحة، وأن يبني مستقبلاً لنفسه وحظوظاً للدولة للفوز بالأولمبياد، والاختيار يجب أن يكون عن طريق اختبارات عديدة، وخبراء مسؤولين عن الاختيارات».

وعن ولاء المجنس لبلده الثاني، قال: «بالتأكيد سيملك الولاء، لأنه سيبني مستقبله الجديد في دولة توفر له عوامل النجاح وتحترم موهبته، لكم مثالاً في المغتربين خارج بلدانهم من أجل العمل، إذ يحترمون حياة البلد وقوانينها، ويحافظون عليها كأنها دولتهم».

وأضاف: «التجنيس يجب أن يكون بمعيار ثابت ومحدد هدفه وغرضه، ويجب ألا أتركه يضرني، بأن يحل المجنس بديلاً للمواطن، لكن يجب أن أخلق موازنة بين الأثنين، وأن أتجه إليه من أجل فائدة منتخبي».


10 أسئلة جدلية

1- هل تعاني الدول العربية في إيجاد الخامات البدنية الصالحة لتمثيلها في المحافل العالمية؟

2- هل التجنيس لغة عالمية فرضتها العولمة «رياضياً»؟

3- أليس التجنيس الرياضي حقاً قانونياً لكل دولة، ما دام يتم بتراضي الطرفين؟

4- ما ذنب الرياضي المجنس في عدم تعاطي الشارع مع إنجازه عاطفياً؟

5- لماذا ينظر المعارضون للتجنيس نظرة هجوم إلى الاتحاد الذي يسعى وراء التجنيس؟

6- هل التجنيس ضرورة ملحة، لتحقيق إنجازات لأبطال من خارج الوطن العربي يبحثون عن المال؟

7- هل التجنيس في الدول العربية وسيلة نموذجية لحصد الميداليات؟

8- هل الرياضيون المجنسون يتمتعون بالحقوق والواجبات كافة في دولهم الجديدة، من تعليم ورعاية صحية وعمل؟

9- ماذا عن سحب الجوازات، لمجرد الانتهاء من الاستفادة من الرياضيين المجنسين؟

10- هل أثر التجنيس في الرياضات الجماعية أفضل من الفردية؟


هداية ملاك: فضلت تمثيل مصر عن أميركا

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2016/11/564811.jpg

كشفت البطلة الأولمبية المصرية في لعبة التايكواندو هداية ملاك، الحاصلة على برونزية أولمبياد ريو دي جانيرو، أنها «تلقت عرضاً لتمثيل الولايات المتحدة في الأولمبياد الأخيرة، كونها تمتلك الجنسية الأميركية، لكنها رفضت ذلك مفضلة تمثيل بلدها الأم مصر، وتمكنت من رفع علم بلدها على منصة التتويج».

وقالت هداية إنها «ضد التجنيس، لأن ما يصرف على اللاعب المجنس من الممكن أن يصرف على اللاعبين المصريين، وبإمكانهم تحقيق البطولات».

وأضافت أن «سبب عدم حصول مصر على ميداليات بمستوى الطموح، لا يتعلق بالرياضيين المصريين أنفسهم، وإنما بطريقة الإعداد والتدريب قبل البطولات»، متسائلة: «هل سيأتي اللاعب المجنس مباشرة إلى مصر ويفوز فوراً بالميداليات، أم سيحتاج إلى طرق محترفة للتدريب؟ شخصياً، بدأت الإعداد للأولمبياد عام 2012، وكنت أتدرب مع المنتخب المصري دون تحقيق أي إنجازات، وبعد ذلك تعاقد الاتحاد مع مدرب إسباني وزوجته، وهما مدربان عالميان، ونجحا خلال عامين فقط في تحويل تفكيرنا وطرق تدريبنا ومشاركتنا الخارجية، لنبدأ حصد الألقاب والميداليات على مستوى العالم، ما أسفر عن فوزي بميدالية أولمبية».

وأوضحت أن «هناك تقصيراً من جهات مسؤولة عن الرياضة، لعدم توفير تدريب محترف للرياضيين، فقد كنت أقيم معسكرات خارجية لمدة شهر، وعندما أتحدث مع زملاء لي في ألعاب أخرى، كانوا يتعجبون من عدم قدرتهم على السفر والتدريب، ما يعني أن هناك قصوراً في طرق التدريب بكل الرياضات وعدم مساواة في ما بينهم».

وأكدت أن مصر مليئة بالخامات، التي تستطيع أن تحصد العديد من الميداليات، وأشارت إلى «أنها لو كانت مسؤولة في أي اتحاد مصري، فكانت سترفض فكرة التجنيس في الألعاب والاهتمام بطرق تدريبهم فقط».


أبوغوش: لن أتنازل عن بلدي والذهب مهما كانت الإغراءات

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2016/11/564810.jpg

قال بطل التايكواندو الأردني أحمد أبوغوش، المتوّج بذهبية تاريخية لبلاده والعرب في أولمبياد ريو دي جانيرو 2016، إنه «ضد فكرة التجنيس تماماً، لآثارها السلبية في الرياضة وحرمان شباب الوطن من أحقيتهم في تمثيل دولهم، ورفع الأعلام العربية في المحافل العالمية والدورات الأولمبية، بصورة تحاكي الشعوب وتقنعها بمعدن حقيقي لا تشوبه شائبة».

وأوضح: «أنا شخصياً ومهما كانت الإغراءات المالية والفنية لن أتخلى عن جنسيتي لتمثيل بلد آخر، وأعيش على مبدأ إسعاد شعب بلادي والعرب لأني منهم ومن دمائهم، فخير لي كرياضي أن أدخل البهجة إلى قلوبهم من الوقوف أمام رصيد شخصي لا يعود لبلدي الحقيقي».

وأضاف: «الميدالية التي حققتها أدخلت الأردن على الخارطة الأولمبية، كونها الأولى لبلادي، وكانت سعادتي أكبر عندما لمست أثرها في الأردنيين والعرب، ولا أعتقد أنني سأكون سعيداً لو حققتها باسم أي دولة أخرى».

وأكمل: «ليست هناك أي إيجابية فنية للمنتخبات الوطنية حال تجنيس رياضيين، فكيف تستقطب لاعباً وتجنسه في لعبة ما، ولن يكون ولاؤه إلا للمال؟ لذا أعتقد أنه رضي باللعب لغير بلده من أجل جني مكاسب شخصية ومالية فقط».

وأضاف: «التجنيس فكرة منفّرة للرياضيين المواطنين، ويضر بسمعة الدول الساعية لذلك، إذ إن ابن البلد سيترك اللعبة نتيجة التركيز على المجنس، ومنحه أماكن في المنتخبات التي يفترض أن يكون إنجازها ذا أهمية شعبية إذا حققه رياضيو البلد الحقيقيون، ويجب على الرياضة ألا تخرج عن هذا القالب، لأن الرياضة العربية قادرة على استغلال المواهب الكامنة فيها، وكل ما تحتاجه هو الإعداد الصحيح والتخطيط السليم الذي يجني المكاسب».

وختم: «أعدكم ببذل مجهود مضاعف، للحفاظ على الميدالية التي حققتها، وأستعد منذ الآن لأولمبياد طوكيو 2020».

تويتر