اجتمع زعماء دول رابطة جنوب شرق آسيا «آسيان» أمس في قمتهم السنوية التي تستضيفها تايلاند وتسعى لتفعيل خطط لإقامة تجمع على غرار الاتحاد الأوروبي في السنوات المقبلة في الوقت الذي تتعامل فيه مع الأزمة الاقتصادية العالمية المتفاقمة.
وقال رئيس الوزراء التايلاندي، أبهيسيت فيجاجيفا، في كلمة الافتتاح إن «رابطة آسيان، التي تضم 10 دول، بدأت التحرك لكي تصبح اتحادا يضم 570 مليون نسمة يبلغ ناتجه المحلي الإجمالي تريليوني دولار في ست سنوات».
وأضاف «ستستمر آسيان في احتلال موقع مركزي بين أقطاب متزايدة للنمو والسلطة في منطقة آسيا والمحيط الهادي، حيث تقع بين شمال شرق آسيا في جانب وجنوب شرق آسيا في الجانب الآخر، والتحدي هو كيف يمكننا أن نحافظ على مركزية آسيان في بنيان إقليمي آخذ في التطور». لكن بينما يبحث زعماء آسيان خريطة طريق لإقامة اتحاد في المستقبل، فإنهم يبحثون أيضاً تبني رد منسق على الأزمة الاقتصادية العالمية التي تزيد مخاطر البطالة في منطقة ينتشر الفقر في معظم أرجائها وتعتمد اقتصاداتها بشدة على التصدير.
ويواجه بعض الزعماء انتخابات هذا العام أو العام المقبل، وتقدم تايلاند ـ التي تستضيف قمة هذا العام، والتي تعاقب عليها أربعة رؤساء للوزراء في العام الماضي ـ بعض الدروس الواقعية، بينما لم تبرأ بعد من الانشقاقات السياسية.
وكان من المقرر أن تعقد هذه القمة في العاصمة التايلاندية في ديسمبر الماضي، لكنها تأجلت وانتقلت إلى منتجع هوا هين الملكي الساحلي بسبب التظاهرات التي جرى في إطارها الاستيلاء على مطارات في بانكوك.
وقبل أيام من انعقاد القمة، أنشأ وزراء المالية تجمعاً موسعاً للعملات يمكن للدول أن تعتمد عليه لحماية عملاتها إذا تعرضت لهروب رؤوس الأموال.
وألقى مسؤولون كبار المواعظ ضد مؤشرات لسياسات حمائية تزحف في التجارة العالمية، على الرغم من دفاعهم عن حملات وطنية تدعو لشراء المنتجات المحلية، قائلين إنها تتسق مع أحكام التجارة العالمية.
وحقق وزراء الاقتصاد في دول آسيان نصراً للتجارة الحرة أول من أمس حين أبرموا اتفاقاً للتجارة الحرة مع نيوزيلندا واستراليا.
والتصور لتجمع اقتصادي سيكون على ما يبدو أسهل بكثير من الجهود الرامية لإقامة كيان سياسي متجانس.
وتعقد قمة هذا العام تحت عنوان «ميثاق آسيان من أجل شعوب آسيان»، الذي يستهدف بدء حوار بين الزعماء وجماعات من المجتمع المدني على هامش قمة هوا هين، لكن هذا الجهد واجه بداية متعثرة عندما رفضت كمبوديا وميانمار (بورما سابقا) الاعتراف بمثل هذه الجماعات التي تمثل الدولتين.
وأصبحت آسيان، بعد أن كانت تجمعاً فضفاضاً غير رسمي تأسس عام 1967 تحت شعار مناهضة الشيوعية في ذروة الحرب الفيتنامية، كياناً قانونياً بفضل ميثاقه التاريخي.
لكن التخلي عن مبدأ التوافق في الآراء والتحول إلى تجمع يستند إلى أحكام هو اختبار شديد لتراث سياسة عدم التدخل في الشؤون الداخلية للأعضاء.
وقال الأمين العام للرابطة، سورين بيتسوان «آسيان الجديدة تعني آسيان الخاضعة لحكم القانون في ما بيننا»، وتابع «سنذعن بدرجة كبيرة لما التزمنا به».
وعقدت اجتماعات مع منظمات مدنية تمثل دول آسيان الثماني الأخرى بخلاف ميانمار وكمبوديا على هامش القمة، ووافقت الجماعات التي تمثل ميانمار وكمبوديا على الانسحاب. وقال أبهيسيت «المهم هو أن العملية بدأت».
وأضاف «علينا أن نتخذ خطوات تدريجية من أجل مشاركة أوسع، هذا شيء جديد، هذه هي المرة الأولى وسنستمر لتحقيق مزيد من التقدم».
ولم يتمكن وزراء خارجية آسيان من إحراز تقدم كبير في مجال آلية جديدة لتعزيز وحماية حقوق الإنسان في منطقة متباينة تتفاوت الحكومات فيها ما بين حكومة ميانمار العسكرية وبروناي التي تطبق الملكية المطلقة إلى نظم ديمقراطية وليدة في أإندونيسيا والفلبين.
وتضم رابطة آسيان اندونيسيا وتايلاند وسنغافورة وماليزيا وميانمار وفيتنام وكمبوديا ولاوس وبروناي والفلبين.