«فايننشيال تايمز»: دول الخليج ليست بمنأى عن أزمة اليونان
قالت صحيفة «فايننشيال تايمز» الأميركية، إن دول الخليج العربي تتطلع إلى تدعيم انتعاشها الاقتصادي، بتعزيز الإنفاق الحكومي المدعوم بارتفاع أسعار النفط، مشيرة إلى أنها ليست بمنأى عن الاضطرابات السياسية والاقتصادية في أوروبا.
وأكدت أن منطقة الخليج هي الوحيدة في العالم التي تبدي مؤشرات تعاف من الأزمة المالية التي بدأت عام ،2008 مع انهيار بنك ليمان براذرز، وبنك أميركا.
ونقلت الصحيفة عن مصرفيين وخبراء اقتصاديين قولهم، إنه وعلى الرغم من الأرباح التي حققتها شركات خليجية خلال العام الجاري، والتي أظهرت دلائل على بوادر انتعاش في اقتصادات دول الخليج بعد تراجعها خلال العام الماضي، فإن البورصات الخليجية بدت متأثرة بالمخاوف الدولية من تفاقم أزمة مديونية دول أوروبية، خصوصا اليونان.
وذكرت نقلاً عن شركة شعاع كابيتال، أن مؤشر معنويات المستثمرين في منطقة الخليج تراجع جزئياً خلال أبريل الماضي، بسبب مخاوف أثيرت حول أزمة الديون السيادية في اليونان، مشيرة إلى أنه «وفيما تراجعت مؤشرات نمو الأسواق في البلدان المتقدمة والناشئة، فإن خبراء الاقتصاد يحذرون من أن تذبذب أزمة الاتحاد الاوروبي المالية قد يصبح أكثر وضوحاً».
وقال رئيس قسم البحوث في ستاندرد تشارترد بنك في دبي، ماريوس ماراثيفتيس، للصحيفة إن التأثير المباشر لأزمة اليونان حتى الآن محدود، لكنه يجب ألا يولد شعوراً بالرضا لدى الاقتصادات الخليجية.
وأضاف أن «أسواق العالم مرتبطة ببعضها إلى حد كبير، وهناك قنوات عدة يمكن من خلالها أن يمتد انعكاس تأثيرات الديون الأوروبية على بعض دول منطقة الخليج»، موضحاً أن «إحدى تلك القنوات هي البنوك الأوروبية والمستثمرون في السندات، والتي تعد أحد أهم مصادر الإقراض للشركات الخليجية وبعض الحكومات».
ونقلت «فايننشيال تايمز» عن وكالة موديز للتصنيف الائتماني، قولها في تقرير للوكالة صدر الأسبوع الجاري، إن «القلق حول مشكلات الديون السيادية في أوروبا، يمكن أن يكبح جماح الإصدارات المالية للشركات، خصوصاً مع ارتفاع درجة تجنب المخاطر لدى المستثمرين».
وأضافت أن «أزمة الديون في اليونان يمكنها أن تتسبب في تراجع هوامش الائتمان، وبالتالي زيادة تكاليف الاقتراض، ما قد يدفع الشركات للتوقف عن الإصدارات الجديدة حتى تتحسن ظروف السوق».
وأكدت أن «أسواق الائتمان الخليجية تشهد الآن هدوءاً نسبياً»، لافتة إلى أن «المستويات التي بلغتها أسعار النفط حتى الآن، مريحة لدول الخليج». ورأت كبيرة الاقتصاديين في شركة شعاع كابيتال، سلوى لبيب، وفقاً للصحيفة، أن أي احتمال لتشديد السياسة النقدية في الصين لتهدئة اقتصادها، يمكن أن يمثل ضغطاً على أسعار النفط».
وقالت «فايننشيال تايمز»، إن خطة إنقاذ أوروبية بقيمة 750 مليار يورو لمساعدة دول منطقة اليورو على احتواء أزمة مالية تهدد بالانتشار في العالم بأسره، أحبطت سابقاً وبشكل مؤقت، مشيرة إلى أن تلك المساعدات غير المسبوقة في التاريخ بالنسبة لبرنامج دعم مالي، تضمنت قروضاً وضمانات من دول منطقة اليورو، إضافة إلى قروض من صندوق النقد الدولي.
ونقلت الصحيفة عن مصدر مصرفي قوله إن «حزمة الإنقاذ التي أقرتها دول أوروبية، هي مجرد وسيلة لسد الثغرة التي حدثت في الاقتصاد الأوروبي، لكنها ليست حلاً نهائياً، فالحكومات بدأت متأخرة في اتخاذ إجراءات لتشديد تمويلها».
وأضاف أن «على منطقة الخليج أن تستخلص بعض الدروس من الأزمة الاقتصادية في أوروبا، خصوصاً أن أربع دول خليجية تحث الخطى نحو إطلاق عملتها الموحدة، من خلال التنسيق بين سياساتها المالية».
من جانبه، قال كبير الاقتصاديين في شركة الأهلي كابيتال، جارمو كوتيلياني، للصحيفة إن «الأزمة الاقتصادية العميقة التي اجتاحت أوروبا تحمل دروسا مهمة للمنطقة».
وأضاف أن «المأزق الأوروبي يعود إلى عوامل عدة، لكن أهمها هو عدم الالتزام بقواعد واضحة تضمن الاستدامة المالية»، مشيراً إلى أن «هناك عملة واحدة لأربع دول خليجية، إلا أنه ومع وجود مخاطر عدم وضوح ومصداقية الإطار التنظيمي لها، فإن ذلك قد يؤدي إلى تحول تلك المخاطر إلى قيود اقتصادية على تلك الدول».