الصين والهند تحجمان عن بيع القمح
دفعت المخاوف بشأن ارتفاع أسعار الغذاء ونقص المعروض العالمي الصين والهند، اللتين تستحوذان على نحو نصف احتياطات العالم من القمح، إلى الإحجام عن إرسال كميات كبيرة إلى السوق على الرغم من ارتفاع الأسعار.
وتقدر وزارة الزراعة الأميركية حجم محصول الصين والهند ـ أكبر دولتين من حيث تعداد السكان في العالم ـ في عام 2010 إلى 2011 بنحو 78 مليون طن، أو 44٪ من إجمالي الإنتاج العالمي الذي يبلغ 175 مليون طن.
لكن من المحتمل أن تدافع الدولتان عن مخزوناتهما في مواجهة ارتفاع الاستهلاك.
وقال رئيس فريق إدارة صندوق الملكية لدى «سوميتومو كورب» في طوكيو، جنيتشيرو هيجاكي: «لا أظن أن الصين ستكون مصدراً بسبب تزايد الطلب المحلي، ولا حتى لقمح العلف».
وأضاف «أما الهند فلن تبيع كثيراً، إذ إنها مثل الصين لديها عدد ضخم من السكان وطلب كبير للغاية».
وقفزت العقود الآجلة القياسية للقمح الأميركي إلى أعلى مستوى في عامين الأسبوع الماضي، لتتضاعف تقريباً إلى مثلي المستويات المنخفضة التي بلغتها في يونيو الماضي، إذ دمر الجفاف الحاد المحاصيل في أنحاء منطقة البحر الأسود، الأمر الذي دفع روسيا إلى حظر تصدير الحبوب.
ويتوقع مستوردون آسيويون للقمح ـ معرضون لإلغاء شحنات من البحر الاسود ـ أن تخفف الهند القيود على تصدير الحبوب وأن تبيع الصين قمح العلف.
وفي الهند امتلأت صوامع الحبوب نظراً لغزارة المحاصيل وارتفاع المشتريات الحكومية من المزارعين.
وقال مسؤولون إن المخازن الحكومية مملوءة عن آخرها بنحو 42.5 مليون طن، بينما يحفظ نحو 16 مليون طن من الحبوب معظمها من القمح والأرز في عبوات من القماش المشمع.
ويمكن للهند أن تبيع بسهولة نحو مليونين إلى ثلاثة ملايين طن من مخزونات القمح الحالية التي تبلغ 32 مليون طن تقريباً من دون تأثير يذكر في الأسعار المحلية، لكن صانعي السياسات سيتوخّون المزيد من الحذر قبل تسييل المخزونات من القمح عالي القيمة.
وقال مسؤول كبير في الحكومة الهندية يشارك في القرارات التجارية بشأن القمح: «في الحقيقة أصبحنا أكثر حذراً بعدما حدث في روسيا»، واستطرد «يجب أن يكون لدينا دليل دامغ على أن المحصول المقبل سيكون بالجودة نفسها».
وشحنت الهند تدريجياً كميات صغيرة من القمح إلى جارتيها بنغلاديش ونيبال في صفقات حكومية، وقال تجار إن الكميات صغيرة بصورة لا تؤثر في السوق، لكن الحكومة تعتبر هذه الصفقات وسيلة لتعزيز العلاقات.
والأسبوع الماضي سمحت الحكومة بتصدير 200 ألف طن من القمح إلى بنغلاديش، لكنها ليست في عجلة كي تسمح لتجار القطاع الخاص ببيع الحبوب حتى تتضح آفاق المحصول المقبل.
أما الصين التي تقبع فوق جبل من 60 مليون طن من القمح، فمن المنتظر أن تستخدم جزءاً من احتياطاتها كعلف للدواجن والخنازير، فيما تواجه نقصاً في ذرة العلف.
وقال محلل السلع الأولية لدى «كومنولث بنك أوف استراليا»، لوك ماثيوز: «تحتاج الصين الى كميات كبيرة من حبوب العلف هذا العام، ما يزيد احتمال أن تستخدم جزءاً من قمحها كعلف نظراً لقلة محصولها من الذرة».
|
ويمكن أن يستخدم بعض القمح في الصين، الذي لحقت به أضرار جراء سقوط أمطار في غير موسمها وقت الحصاد في أبريل ومايو من العام الماضي، كعلف حيواني بدلاً من الذرة.
وفاجأت الصين السوق في أبريل الماضي، بأول مشترياتها من الذرة من الولايات المتحدة في غضون أربع سنوات في خطوة دفعت بالعقود الآجلة للذرة الأميركية إلى الارتفاع أكثر من 6٪.
ويرى محللون أن المخاوف بشأن تضخم أسعار المواد الغذائية في الصين والهند قد يكون لها تأثير مثبط.
وحذر المكتب الوطني للإحصاءات في الصين من أن انخفاض الإنتاج العالمي من القمح قد يتحول إلى ضغوط تضخمية لأكبر منتح ومستهلك للقمح في العالم.
وقال المحلل لدى «بكين أورينت أجري بزنس للاستشارات»، ما وينفينج: «لن تصدر الصين، إذ يرتفع استهلاكها، وإذا ما صدرت سترتفع الأسعار المحلية على الفور، الأمر الذي سيزيد التضخم».
وبسبب الفيضانات تلاشت سريعاً الآمال في الحصول على صادرات من باكستان التي كانت تسعى الى بيع نحو مليوني طن من القمح بعد عامين من المحاصيل الوفيرة.
ويقول المسؤولون من قطاع الزراعة إن «الفيضانات دمرت نحو 500 ألف طن من القمح، ما يعني فائضاً أقل للدولة الواقعة في جنوب آسيا هذا العام، كما أضرت بمحاصيل السكر والقطن».