تعافي الاقتصاد العالمي يبدأ من «اللحوم»
يبدو أن التعافي البطيء من الأزمة الاقتصادية العالمية يتجلى في إحدى الاسواق الأقل سحراً وهي أسواق اللحوم العالمية، بفضل الطلب المتزايد على اللحوم وتقليص أعداد المواشي في العالم بسبب الجفاف وارتفاع أسعار الأعلاف.
وتقدر الزيادة في تصدير لحوم البقر في الولايات المتحدة هذا العام بنحو 13٪، في حين أن الزيادة في تصدير لحوم الخنزير 9.1٪. وكان الدافع الرئيس وراء هذا التحسن وزيادة التصدير هي دول الاقتصادات الصاعدة التي لم تتأثر بشكل مباشر من الأزمة.
وقلّص مربو المواشي في الولايات المتحدة التي تعد من أكبر مصدري اللحوم في العالم، قطعانهم إلى أقل حد ممكن بسبب الجفاف وارتفاع أسعار الأعلاف والكساد الاقتصادي، التي عانت منه أيضاً مزارع المواشي في أستراليا، إذ تناقصت أعداد قطعان الخراف الى أكثر من النصف خلال العقدين الماضيين هناك، تزامناً مع ذلك ارتفعت نسب استهلاك اللحوم في الدول الصاعدة اقتصادياً، نظراً إلى ارتفاع مستوى الدخل فيها، ما أدى إلى ارتفاع أسعار اللحوم عالمياً.
ويقول كريغ اودين، الذي يدير مزارع للماشية في ولاية نبراسكا الاميركية: «لدينا أعمال تصدير كبيرة جداً إلى دول لم يتعرض اقتصادها إلى أضرار كبيرة»، ويشير إلى أن «نسبة زيادة تصدير لحوم الأبقار في الولايات المتحدة تقدر هذا العام بنحو 13٪، إذ كان الدافع الرئيس وراء هذا التحسن في زيادة التصدير هي دول الاقتصادات الصاعدة». ويتوقع أن يزداد استهلاك لحوم الأبقار في البرازيل التي تعد ثاني أكبر منتج للحوم البقر في العالم بعد الولايات المتحدة، إلى مستوى قياسي هذا العام، الأمر الذي سيحد من تصديرها لهذه اللحوم.
كما من المتوقع أن يزداد استهلاك لحوم الخنزير في كل من روسيا والبرازيل وفيتنام والمكسيك وكوريا الجنوبية هذا العام، على الرغم من أنها ستظل في بعض الدول أقل مما كانت عليه قبل الأزمة الاقتصادية.
فيما توقع محلل اقتصادي في المكتب الأسترالي للاقتصاد الزراعي، غوينلدون ريز، أن تزيد نسبة الطلب على اللحوم، خصوصاً الغنم في منطقة الشرق الأوسط التي تعد من أكبر مستوردي اللحوم في العالم. ولكن في الوقت نفسه أكدأن «تناقص أعداد الماشية في أستراليا وتزايد الطلب على لحومها يعني أنه لن يكون هناك لحوم كافيه لبيعها في المستقبل».
وتشير كل التوجهات لدى الدول إلى أن الطلب المتواصل في الأسواق الصاعدة يؤثر في الأسعار العالمية. ويتوقع أن يزداد استهلاك الدول النامية من اللحوم بنحو 65٪ في بداية عام ،2050 في حين أن استهلاك الدول الغنية سيزداد بمعدل 16٪ في الفترة ذاتها، حسب تقديرات معهد سياسة أبحاث الطعام الدولي.
وقال رئيس شركة «جي.بي.أس» أكبر ويسلي مندونكا، وهي أكبر منتج للحوم البقر في العالم، إن «أسعار لحوم الماشية يمكن أن تنخفض خلال الأشهر المقبلة، ولكن سيلي ذلك قفزة في الأسعار خلال عام 2011». وأضاف «سنشهد مزيداً من الطلب، واعتقد أننا سنشهد ارتفاعاً في أسعار الدجاج والخنزير والبقر».
مع ذلك، لاتزال تجارة اللحوم تواجه عقبات على الرغم من ارتفاع الطلب عليها وزيادة الأسعار، الأمر الذي يجعل التوجهات العالمية في تجارة اللحوم غير واضحة في كل الأسواق المحلية. ففي الصين التي لديها تأثير مباشر في أسعار المواد الصناعية في العالم، فإنها لا تملك مثل هذا التأثيرفي سوق اللحوم العالمية، إذ تسد حاجتها من اللحوم عن طريق استهلاك لحم الخنزير، في حين أنها تمنع استيراد لحوم البقر الأميركية بسبب قلقها من مرض جنون البقر.
وبصورة مشابهة، فإن الولايات المتحدة تمنع قدوم لحم البقر الطازج من البرازيل بسبب مرض الحمى القلاعية المنتشر هناك. وفي هذا العام منعت روسيا استيراد الدجاج من الولايات المتحدة، نظراً إلى أن الشركات الأميركية تستخدم مادة «الكلورينا» في تنظيف الدجاج .