735 مليون درهم عائدات المحتوى المزعج في «فيس بوك»
قدّر فريق من الباحثين الإيطاليين في أمن المعلومات عائدات العاملين في إرسال المنشورات المزعجة في موقع «فيس بوك»، بهدف توجيه الزوار إلى مواقع أخرى، بما يزيد عن 200 مليون دولار في كل عام.
وحلل الباحثون 700 ألف منشور في «فيس بوك»، ورصدوا وجود 37 ألفاً من المواد المزعجة، ومن بين الأنماط الشائعة فيها عبارات مثل «اضغط هنا لتحصل على آي فون مجاني»، و«انضم إلينا»، و«هيا»، متبوعة بروابط تقود إلى مواقع خارجية بعضها لمواقع التجارة الإلكترونية والاحتيال، والمواد الإباحية، والأخبار المزيفة.
وغالباً ما يعتمد ناشرو هذه المواد على تمويه الروابط أو إخفاء وجهتها، لخداع المستخدمين بالاعتماد على خدمات تقصير الروابط مثل «بيتلي» و«تيني يو آر إل» وغيرهما. إلا أن هذا ساعد الباحثين على معرفة وجهة الروابط وعدد زوارها.
كما رصد فريق البحث 20 موقعاً على الإنترنت، تتيح التعاقد ودفع المال مقابل نشر روابط مزعجة في صفحات «فيس بوك»، وتضمنت هذه المواقع والمنتديات 30 ألف صفحة «فيس بوك» يمكن النشر فيها. وعادةً ما يبدأ المخترقون بإنشاء صفحات لجذب المعجبين، وما إن ينجحوا في جذب عدد كبير من الأعضاء، حتى يبيعوا حق نشر الروابط إلى أطراف ثالثة.
واعتمد تقدير الأرباح السنوية بحساب المقابل المادي لكل لإرسال مقابل كل منشور، والذي يبدأ من 13 دولاراً، وقد يصل في بعض الأحيان إلى 200 دولار عند النشر في الصفحات التي يصل عدد معجبيها إلى ملايين.
وقال الباحث، كارلو دي ميشيلي، لصحيفة الـ«غارديان» البريطانية، إن ناشر هذه الروابط يتلقى 13 دولاراً لكل منشور في الصفحات التي يصل عدد معجبيها إلى 30 ألفاً، ويرتفع المتوسط إلى 58 دولاراً للصفحات التي تحوز 100 ألف معجب.
وأضاف أنه باعتبار هذين الرقمين هما الحد الأقصى، ومع وصول عدد منشورات الصفحات التي شملها البحث إلى 18 ألف منشور، فإن هذا يعني أن الأرباح تراوح بين 87 مليوناً و390 مليون دولار، ومع حساب تفاوت أعداد أعضاء الصفحات، فقد يصل متوسط الأرباح السنوية إلى 200 مليون دولار.
وأشار فريق البحث إلى تحقيق شركة «غوغل» دون قصد منها، بعض الأرباح من الأموال التي يجنيها ناشرو المواد المزعجة؛ إذ إن نحو 9% من المواقع التي تعود لها الروابط المزعجة في «فيس بوك» تستخدم «إعلانات غوغل».
وعلى الجانب الآخر، يدافع ناشرو المحتوى المزعج في «فيس بوك» عن عملهم بدعوى فائدته للموقع، وأشار أحدهم في حديثه إلى الباحثين، إلى أن عملهم يُسهِم في تنمية محتوى الشبكة الاجتماعية من خلال نشر محتوى ممتع ومثير للاهتمام يجني «اعجابات» المستخدمين، ويقبلون على مشاركته آلاف المرات، وأنه من دون هذه الصفحات سيكون «فيس بوك» مكاناً خالياً.
وقُدرت نسبة المنشورات المزعجة في «فيس بوك» العام الماضي بـ4% فقط، بينما أشار تقرير حديث لشركة «كاسبرسكي» المتخصصة في أمن المعلومات، إلى وصول نسبة البريد المزعج إلى 70% من البريد الإلكتروني عموماً خلال الربع الثاني من العام الجاري.
ويشكل انتشار المنشورات المزعجة ضرراً على نظام العمل في موقع «فيس بوك» الذي تجاوز عدد مستخدميه مليار شخص، وكذلك على عائداته من الإعلانات؛ فمن ناحية يتجاوز ناشرو هذا المحتوى نظام الموقع بالإعلان عن روابط ومواقع دون دفع مقابل للشركة، ومن ناحية أخرى قد يؤدي انتشار الروابط المزعجة إلى ضيق مستخدمي الموقع، ما يدفعهم إلى مغادرته.
وأشار الباحث الأمني في «كاسبرسكي»، رويل سشونبرج، إلى توافر أسباب مادية تدفع «فيس بوك» إلى محاربة هذه المشكلة، منها احتمال توقف الجمهور عن استخدام الشبكة الاجتماعية، إذا ما تزايد انتشار المنشورات المزعجة، وكذلك احتمال أن يربط مستخدمو الموقع بين الإعلانات القانونية والمزعجة، ما يُقلل من جدوى وعائدات الإعلان في الموقع، الأمر الذي يضر «فيس بوك».
ولا تعد «فيس بوك» الشبكة الاجتماعية الوحيدة التي تعاني مشكلة المحتوى المزعج؛ فقد كشف فريق الباحثين الإيطاليين في أبريل الماضي عن دراسة لسوق بيع الحسابات المزيفة في موقع «تويتر»، وقدروا عددها بنحو 20 مليون حساب وهمي يحقق بيعها أرباحاً تراوح بين 40 و360 مليون دولار.
وبحسب الباحث أندريا ستروبا، لا يتخذ «فيس بوك» الإجراءات الكافية لمواجهة هذه المشكلة، ورأى أن الموقع ربما يغض الطرف عنها لعدم تضرره منها بشكل كبير. وقال إن الموقع يمتلك إمكانات كبيرة تمكنه من الرصد والمراقبة في الوقت الحقيقي، ويمكنه محاربة هذه المشكلة إذا رغب في ذلك.
من جانبها، لم تُعلق شبكة «فيس بوك» على البحث بشكل مباشر، وأفادت في بيانٍ لها بأنها تعتبر حماية المستخدمين من الرسائل المزعجة أهمية قصوى لها، قائلة: «طورنا أنظمة متعددة للتعرف إلى المنشورات المزعجة وإيقاف انتشارها، ولدينا آليات لإغلاق الصفحات والحسابات والتطبيقات التي تنتهك شروط الخدمة. كما وفرنا لمستخدمي الموقع أدوات للإبلاغ عن الصفحات والمنشورات التي قد تكون غير مرغوب فيها».
وأشار البيان إلى مواصلة العمل على تحسين نظام محاربة المواد غير المرغوب فيها والتقليل منها.