لكشف مكامن الخلل في التصميم وتوجيهها إلى تعديلات تلائم المستخدمين الصغار
شركات تكنولوجيا تستعين بالأطفال لاختبار منتجاتها
يواكب تنامي عدد الأجهزة الذكية والتطبيقات الموجهة للأطفال إقبال شركات التكنولوجيا على الاستعانة بالأطفال أنفسهم لاختبار منتجاتها الجديدة، ما يكشف لهم عن مكامن الخلل في التصميم، ويوجههم إلى تعديلات تلائم المستخدمين الصغار.
وكان إقبال العديد من الأطفال وتعلقهم باستخدام الهواتف وأجهزة الكمبيوتر اللوحية الخاصة بآبائهم، قد دفع شركات التكنولوجيا للتفكير في إطلاق منتجات وتطبيقات تستهدف الأطفال في المقام الأول، وتالياً صار لزاماً عليها الاقتراب من عالمهم، وطريقة تفكيرهم، كوسيلة لتحسين منتجاتها.
ويشهد مجال عمل شركات التكنولوجيا الأميركية إقبالاً ملحوظاً على الاستفادة من ملاحظات أطفال لا تتجاوز أعمارهم السنوات الثلاث، ضمن جلسات منتظمة لاختبار أحدث المنتجات قبل إطلاقها في الأسواق، ما يمثل نشاطاً جديداً للأطفال على غرار دروس الرياضات والهوايات.
ويتركز ذلك بشكلٍ خاص في منطقة «وادي السيليكون» في مدينة سان فرانسيسكو الأميركية التي تحتضن الكثير من الشركات الناشئة في قطاع التكنولوجيا، ويصدر منها جزء غير قليل من المنتجات الجديدة، وبالنسبة للآباء والأمهات من المهتمين والعاملين بالتكنولوجيا، فإن هذا النشاط يمثل هواية جديدة لشغل أوقات فراغ أبنائهم.
وتقول كريستي ماست، وهي أم لطفلين في «سان لينادرو» بولاية كاليفورنيا، ويعمل زوجها في مجال التكنولوجيا الحيوية، إنه بدلاً من الذهاب إلى الملعب أو دروس الجمباز، فإنها تتوجه إلى المختبر التابع لشركة «ليب فروغ» للألعاب الإلكترونية التعليمية.
ومنذ فبراير الماضي، تذهب ابنتها ميريديث، البالغة من العمر أربع سنوات، إلى الشركة، وتشارك ضمن مجموعة من ثمانية أطفال في مساعدة الشركة على تحسين منتجها الج ديد، وهو سوار رقمي يحمل اسم «ليب باند»، من المقرر إطلاقه خلال أغسطس المقبل بسعر يبلغ نحو 40 دولاراً.
ويحث «ليب باند» الأطفال على القيام ببعض التمرينات البدنية باستخدام تعبيرات ملائمة مثل «تحرك مثل الفشار»، كما يقدم لهم مكافآت على نشاطهم، تؤهلهم لشراء حيوانات أليفة افتراضية.
وتقوم ميريديث وأقرانها في غرفة الاختبار بالضغط على أزرار السوار الذكي، ويحاولون تنفيذ التعليمات، مثل المشي الهادئ في مختلف أرجاء الغرفة، أو لمس الكوب ولعقه بطريقة تشبه الآيس كريم. ولاحظ فريق «ليب باند» أن بعض التعليمات لا تلائم الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة، لتضمنها كلمات لم يفهم الأطفال مقصدها، ما دفع الفريق إلى تغيير إحدى العبارات ليتمكن الأطفال من فهم ما تعنيه.
وبالمثل، وجهت آن سمنر أطفالها الثلاثة، وهم ابنتان توأم في السابعة، وولد في الخامسة، إلى شركة «بلاي آي» للمساعدة في اختبار لعبة الـ«روبوتات» التي تنتجها الشركة: «بو» و«يانا» التي ترمي إلى تعليم الأطفال مبادئ البرمجة.
وقارنت سمنر بين طفولتها وفرص أطفالها قائلة: «زرنا الكثير من المزارع حيث نشأت، لكني كطفلة في الصف الثالث سأكون سعيدة بمبادلة زيارة مكان ميلاد جيمس بولك (الرئيس الـ11 للولايات المتحدة) بفرصة لاختبار (بو) و(يانا)».
وفي بعض الأحيان، توجه ملاحظات الأطفال مصممي التطبيقات إلى عيوب بسيطة في التصميم، فحين استعانت شركة «كيوي كراتي» للأعمال اليدوية بالأطفال لاختبار تطبيقها الجديد الذي يتيح للمستخدمين رسم صورة لطائر أو أشكال أخرى وتلوينها بأصابعهم على شاشة كمبيوتر «آي باد» اللوحي، تساءل أحد الأطفال عن أيقونة سلة المهملات.
وقالت مصممة المنتج، ميجان تشيو: «لم نكن ندرك تماماً كم يحب الأطفال تلوين الصورة نفسها مراراً وتكراراً»، ودفعتها الملاحظة إلى العمل مع المبرمجين على إبراز أيقونة سلة المهملات في التطبيق.
ومن بين مجموعة الأطفال التي اختبرت تطبيق «كيوي كراتي»، الطفل أوين رادتكي، البالغ من العمر خمس سنوات والتلميذ في رياض الأطفال، الذي تدعوه العديد من الشركات إلى مقراتها لاكتشاف مكامن الخلل في ابتكارتها، نظراً لعنايته الكبيرة بالتفاصيل وتجربة المستخدم. وفي الآونة الأخيرة أجبرته بعض المشروعات على التفرغ ثلاثة أسابيع من دروسه في السباحة.
وتنحو الشركات الناشئة اتجاهات مختلفة في سعيها للعثور على أطفال لاختبار منتجاتها، فيزور بعضها مدارس في سان فرانسيسكو، إذ يدرس العديد من الأطفال الذي يعمل آباؤهم في قطاع التكنولوجيا، ويوزع بعضها منشورات في ملاعب الأطفال، وتسعى بعض الشركات للتقرب من تجمعات الآباء والأمهات.
وتتجه العديد من الشركات إلى «متحف إبداع الأطفال» في سان فرانسيسكو الذي يختار شركة أو اثنتين شهرياً للتفاعل مع زواره الصغار. ويشترط المتحف تنظيم الشركات لورش عمل مرحة وجذابة للأطفال، وفي المقابل تتيح الورش لمهندسي الشركات فرصة لدراسة جمهورهم من الأطفال.
وأشارت مديرة التجربة في المتحف، ماري جو برايس، إلى أن الكثير من المهندسين يعلمون كيفية تطوير التطبيقات، لكنهم يفتقدون أي خبرة مع الأطفال.
ونظير اختبار المنتجات، عادةً ما يتقبل الأطفال وآباؤهم أجهزة وألعاباً مجانية، لكن في بعض الأحيان يكلف حشد عدد من الأطفال الشركات بضع مئات من الدولارات.
وفي نموذج مختلف، أسس إليوت كوان، البالغ من العمر 11 عاماً، في عام 2011 شركة صغيرة باسم «آب لاب» لاختبار المنتجات الموجهة للصغار، ويحصل على مبلغ يراوح بين 300 و400 دولار مقابل الاختبار.
واستعانت شركة «سمولي» للتطبيقات المتعلقة بالموسيقى بخدمات الطفل كوان لاختبار منتجها خلال عام 2012، بعد أن قدمه والده ديفيد كوان، وهو شريك في شركة «بسمر فنتشرز بارترز» لرأس المال المغامر، التي تستثمر في «سمولي».
واستعانت «سمولي» مجدداً بخدمات إليوت و«آب لاب» في فبراير الماضي؛ لاختبار تصميمها الجديد لأحد التطبيقات. وذكر مدير تصميم المنتج في الشركة، بن هيرش، أنه التقى بإليوت وأربعة أطفال آخرين. وعرض «إليوت جلب» تلاميذ آخرين مقابل أجر إضافي. وقال هيرش: «أبلى إليوت بلاء حسناً في محاولة إقناعنا بشراء المزيد، لكني لا أعتقد أن بإمكاني إدارة غرفة تضم عدداً أكبر من الأطفال».
وسبق أن اختبر إليوت ورفاقه لعبة «وير إز ما بيري؟» من شركة «والت ديزني»، وتبرز اللعبة العميل «بي» الذي يمثله حيوان «خلد الماء» فيروزي اللون يرتدي قبعة.
وأشار إليوت إلى اقتراحهم إضافة شخصية الدكتور «دوفنشميتز» من مسلسل الكارتون «فيناس آند فيرب»، وأرجع السبب إلى شخصيته كعالم «مجنون»، وحاجة أي لعبة إلى ذلك.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news