الشركات البريطانية محبطة من تراجع مبيعاتها بسبب "بريكست"
لأكثر من عقد من الزمان، تمكن صاحب مصنع نيثرتون، نيل كوري من بيع أدوات الطبخ الحديدية المصنوعة يدويًا في مدينة شروبشاير، مسقط رأس الثورة الصناعية البريطانية، للعملاء في ألمانيا بسهولة تحاكي قدرته على بيعها في برمنغهام البريطانية، على بعد أقل من 30 ميلاً إلى الشرق. لكن في العام 2021، ومنذ أن غادرت بريطانيا الاتحاد الأوروبي، تراجعت مبيعات مصنعه الى أوروبا، كما انخفضت الصادرات البريطانية وبدت الشركات محبطة.
لمدة 12 شهرًا، كانت الشركات البريطانية تواجه حقيقة الابتعاد عن أكبر شريك تجاري لها. فقد انهار النظام الجديد، وعلقت البضائع القابلة للتلف في الموانئ، واكتشف تجار التجزئة أن سلاسل التوريد الخاصة بهم قد عفا عنها الزمن وتوقفت شركات النقل بالشاحنات عن التوصيل، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز".
وقال نيل كوري للصحيفة إن مبيعات مصنعه إلى الاتحاد الأوروبي انخفضت بنسبة 40% العام الجاري، وأنها "آخذة في التلاشي". وأضاف: "قبل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، كان الاختلاف الوحيد الملحوظ بشأن المبيعات إلى القارة هو تكاليف التوصيل الإضافية، حيث يستغرق ترتيب الشحنة أقل من دقيقة، لكن الآن، فإن كل منتج يغادر بريطانيا يجب إكمال نموذج جمركي له من أربع صفحات، والذي يستغرق 20 دقيقة لكل شحنة". واستطرد كوري أن مبيعاته للولايات المتحدة ارتفعت، لكنها لم تعوض الخسائر في أوروبا.
في الأشهر السبعة الأولى، خفضت الاتفاقية التجارية الجديدة صادرات بريطانيا إلى الاتحاد بنسبة 14%، والواردات بنسبة 24%، وهو ما يقارب نحو 44 مليار جنيه استرليني من الخسارة التجارية، وفقًا لتقدير مرصد السياسة التجارية في المملكة المتحدة. الذي أشار إلى أن معظم الصادرات تراجعت في يناير مع توقف العديد من شركات الخدمات اللوجستية عن نقل البضائع.
لقد منحت "بريكست" البضائع المصنوعة في بريطانيا القدرة على الوصول إلى الاتحاد الأوروبي من دون رسوم جمركية. لكن الأوراق المطلوبة لعبور الحدود وإثبات استيفاء البضائع للمعايير التنظيمية لأوربا أصبحت مصدر إزعاج. ما دفع متجر كبير مثل "ماركس آند سبنسر"، إلى إغلاق 11 متجرًا للمواد الغذائية في فرنسا، بسبب "تعقيدات سلسلة التوريد" الناجمة عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
تلك مجرد بدايات للتأثيرات طويلة المدى لـــ "بريكست"، والتي من المتوقع أن تجعل الاقتصاد البريطاني أصغر بنسبة 4% مما كان يمكن أن يكون، وفقًا لمكتب الميزانية البريطانية، حيث تشير التقديرات إلى أن ذلك يمثل خسائر للاقتصاد تبلغ ضعف ما يتوقع أن يسببه الوباء.
وصلت التكاليف والتحديات الإضافية لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في الوقت الذي تحاول فيه الشركات بالفعل بشكل يائس التغلب على الاضطرابات المستمرة للوباء، ما أدى إلى نقص دولي في السلع، وتكاليف الشحن الباهظة وارتفاع أسعار السلع، لا سيما الطاقة.
وقال مايكل هارت، العضو المنتدب لشركة "بريدج تشيز"، التي تستورد بعض أجبانها من أوروبا وتبيع خلطات مخصصة لمصنعي المواد الغذائية وتجار الجملة، مثل شركات البيتزا، في بريطانيا، إن أسعار الزبدة والجبن ارتفعت مؤخرًا بنسبة 20٪ إلى 30٪، وهناك ارتفاع في أسعار الطاقة يجب مواجهته.
وفي محاولة لإبقاء التكاليف المتعلقة بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي تحت السيطرة، فإن شركة "بريدج تشيز" مستعدة لتصدير الطلبات الكبيرة فقط لأن البضائع التي تذهب إلى الاتحاد الأوروبي يجب أن تخضع جميعًا لفحوصات بيطرية للتحقق من استيفائها للوائح الصحية وللتحقق من الملصقات والتخزين.
وشهدت صادرات المواد الغذائية والمشروبات إلى الاتحاد الأوروبي تراجعا في الأشهر التسعة المنتهية في سبتمبر بنسبة 14% عن العام السابق، كما تراجعت صادرات الجبن بنسبة 13%. وقال هارت إن أحد إحباطاته هو أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يعني أن هناك "سوقًا ضخمة قريبة لكت لا يمكن الوصول إليها بشكل تنافسي.
هناك المزيد من تأثيرات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. فاعتبارًا من الأول من يناير 2022، ستفرض بريطانيا فحوصات جمركية على البضائع التي يتم استيرادها من الاتحاد، كما سيتعين على الشركات إثبات أن منتجاتها بريطانية الصنع بدرجة كافية للتأهل للتجارة المعفاة من الرسوم الجمركية. كما انه اعتبارًا من منتصف العام المقبل، ستبدأ عمليات فحص إضافية وتشمل عمليات التفتيش المادي للمنتجات النباتية والحيوانية.
كانت الحكومة البريطانية حريصة على تحويل تركيز الشركات إلى وعود التجارة مع دول أبعد. فالمبيعات زادت إلى الولايات المتحدة، لكنها لم تعوض المبيعات المفقودة في أوروبا.