روسيا قد تستخدم العملات المشفرة لتخفيف العقوبات
عندما منعت الولايات المتحدة الأمريكيين من التعامل مع البنوك الروسية وشركات النفط والغاز في عام 2014، بعد غزو روسيا لشبه جزيرة القرم، كانت الضربة التي لحقت بالاقتصاد الروسي سريعة وهائلة. وقدر الاقتصاديون أن العقوبات التي فرضتها الدول الغربية كلفت روسيا نحو 50 مليار دولار سنويًا.
منذ ذلك الحين، تضخم السوق العالمي للعملات المشفرة والأصول الرقمية الأخرى. وربما تكون تلك أخبار سيئة للدول الي فرضت العقوبات على روسيا، وأخبار جيدة لروسيا، إذ يقول خبراء إن الكيانات الروسية تستعد لتخفيف بعض آثار العقوبات من خلال استخدام العملات المشفرة لتجاوز نقاط التحكم المصرفية التي تعتمد عليها الحكومات عند تحويل الأموال عبر البنوك.
وتعتبر العقوبات من أقوى الأدوات التي تمتلكها الولايات المتحدة والدول الأوروبية للتأثير على سلوك الدول التي لا تعتبرها دولًا حليفة. فالولايات المتحدة على وجه الخصوص قادرة على استخدام العقوبات كأداة دبلوماسية لأن الدولار هو عملة الاحتياطي النقدي، ويستخدم في المدفوعات في جميع أنحاء العالم. لكن المسؤولين الأمريكيين يدركون بشكل متزايد احتمال أن تقلل العملات المشفرة من تأثير العقوبات ويصعدون من تدقيقهم للأصول الرقمية.
لتطبيق العقوبات، تضع الحكومة قائمة بالأشخاص والشركات التي يجب على مواطنيها تجنبها. لكن المفتاح الحقيقي لأي برنامج عقوبات فعال هو النظام المالي العالمي، حيث تلعب البنوك في جميع أنحاء العالم دورًا رئيسا في الإنفاذ: فلديها القدرة على معرفة من أين تأتي الأموال وأين يتم تحويلها. ولكن إذا كانت البنوك هي عيون وآذان الحكومات في هذا الفضاء، فإن انفجار العملات المشفرة يفقدها ميزة الرؤية والمعرفة.
وتقول صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية إن البنوك تلتزم بقواعد معرفة المتعاملين، والتي تشمل التحقق من هويتهم. لكن البورصات الرقمية وغيرها من المنصات التي تسهل شراء وبيع العملات المشفرة والأصول الرقمية نادرًا ما تكون قادرة على تتبع عملائها مثل البنوك رغم أنها نظريا تتبع نفس القواعد.
في أكتوبر الماضي، حذرت وزارة الخزانة الأمريكية من أن العملات المشفرة تشكل تهديدًا خطيرًا بشكل متزايد لبرنامج العقوبات الأمريكية، وقال خبراء إن التهرب من العقوبات، ممكن من خلال الأدوات المتعلقة بالعملات المشفرة، وكل ما تحتاجه الدول التي فرضت عليها عقوبات هو إيجاد طرق للتداول دون لمس الدولار.
تعمل الحكومة الروسية على تطوير عملتها الرقمية الخاصة بالبنك المركزي، وهو ما يسمى بالروبل الرقمي الذي تأمل في استخدامه للتجارة مباشرة مع الدول الأخرى التي ترغب في قبوله دون تحويله أولاً إلى دولارات. ويمكن أن تساعد تقنيات القرصنة مثل برامج الفدية الجهات الفاعلة الروسية على سرقة العملات الرقمية وتعويض الإيرادات المفقودة بسبب العقوبات.
إيران وكوريا الشمالية من بين الدول التي استخدمت العملات المشفرة للتخفيف من آثار العقوبات الغربية، وهو اتجاه لاحظه مسؤولو الولايات المتحدة والأمم المتحدة مؤخرًا. فقد استخدمت كوريا الشمالية، على سبيل المثال، برامج الفدية لسرقة العملة المشفرة من أجل تمويل برنامجها النووي، وفقًا لتقرير صادر عن الأمم المتحدة.
وفي أكتوبر 2020، قال ممثلو البنك المركزي الروسي لصحيفة موسكو إن "الروبل الرقمي" الجديد سيجعل البلاد أقل اعتمادًا على الولايات المتحدة وأكثر قدرة على مقاومة العقوبات، وسيسمح للكيانات الروسية بإجراء معاملات خارج النظام المصرفي الدولي مع أي دولة ترغب في التجارة في العملة المشفرة.
قال الزميل في مركز الأمن الأمريكي، يايا فانوسي، إنه درس آثار العملة المشفرة على العقوبات، وأن تطوير نظام البنوك المركزية التي تتبادل العملات المشفرة بشكل مباشر يخلق مخاطر جديدة. موضحا أن تخفيف قوة العقوبات الأمريكية يأتي من نظام تكون فيه هذه الدول قادرة على إجراء المعاملات دون المرور عبر النظام المصرفي العالمي.
يمكن للكيانات الروسية الخاضعة للعقوبات نشر استراتيجية التهرب الخاصة بها، باستخدام هجمات برامج الفدية. وتعتبر روسيا في قلب صناعة برامج الفدية المتنامية. ففي العام الماضي، توجهت 74% من عائدات برامج الفدية العالمية، والتي تبلغ أكثر من 400 مليون دولار من العملات المشفرة، إلى كيانات من المحتمل أن تكون تابعة لروسيا.