فنزويلا والولايات المتحدة.. أعداء تجمعهم المصالح
يدخل الحظر الذي فرضته الولايات المتحدة على واردات النفط الروسي حيز التنفيذ في 22 من أبريل الجاري.
قد تكون فنزويلا، عدوة أميركا، إحدى الدول التي يمكن أن تستفيد من ذلك، بحسب بيانات لبنك «كريديه سويس»، الذي يتوقع أن ينمو الاقتصاد الفنزويلي 20% خلال عام 2022، بسبب زخم صناعة النفط، وزيادة إنتاجه بمعدل أكثر من الخُمس.
حتى قبل غزو روسيا لأوكرانيا، فقد ضاعفت فنزويلا إنتاجها من النفط خلال العام الماضي إلى نحو 800 ألف برميل يومياً. وعلى الرغم من أن هذا الحجم يمثل جزءاً بسيطاً من إنتاجها خلال التسعينات، الذي بلغ نحو ثلاثة ملايين برميل يومياً، فإنه يمكن أن يحل محل الـ199 ألف برميل يومياً من النفط الخام الروسي الذي تستورده الولايات المتحدة.
لقاء الأعداء
في الوقت الراهن، تحظر الولايات المتحدة استيراد النفط الفنزويلي، ضمن مجموعة عقوبات تستهدف إضعاف سلطة الرئيس نيكولاس مادورو، كما تعرض مكافأة قيمتها 15 مليون دولار لمن يساعد في القبض عليه، وتعتبر السياسي المعارض، خوان غوايدو، هو الرئيس الشرعي لفنزويلا.
لكن الشهر الماضي، التقى ثلاثة مسؤولين أميركيين في العاصمة كاراكاس، مع الرئيس مادورو. ونقلت مجلة «إيكونوميست» عن الممثل الخاص للرئيس السابق دونالد ترامب في فنزويلا، إليوت أبرامز، قوله إن «توقيت الزيارة يشير إلى سعي الولايات المتحدة للحصول على النفط الفنزويلي». فبعد ثلاثة أيام من الزيارة، فرض الرئيس الأميركي، جو بايدن، حظراً على واردات النفط الروسية.
وقيعة مع روسيا
ويسعى بايدن إلى انفراجة في العلاقات مع فنزويلا، وليس ذلك لأسباب اقتصادية فقط، لكنه يأمل في الوقيعة بين فنزويلا وروسيا، التي تعد أحد حلفائها، خصوصاً أن رئيسها، فلاديمير بوتين، أصبح مهتماً بهذا البلد الذي يقع في أميركا الجنوبية، منذ اقتراح الولايات المتحدة في عام 2008 ضم أوكرانيا وجورجيا إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو).
وترى «إيكونوميست» أن «بوتين قرر التدخل في الفناء الخلفي للولايات المتحدة، ووجد في هوغو شافيز، سلف مادورو، شريكاً يحمل الرغبة نفسها، إذ إنه بين عامي 2009 و2019، باعت روسيا أسلحة إلى فنزويلا بنحو تسعة مليارات دولار».
وعندما طرح الرئيس السابق ترامب فكرة غزو فنزويلا في عام 2017، أرسلت الحكومة الروسية إلى كاراكاس قاذفات بعيدة المدى قادرة على إطلاق أسلحة نووية. وفي عام 2019، عندما اعترفت الولايات المتحدة وحكومات أخرى بخوان غوايدو رئيساً لفنزويلا، أرسل بوتين جنوداً للدفاع عن مادورو.
في غضون ذلك، أنشأت روسيا شبكة لخرق العقوبات على فنزويلا، وساعدتها في بيع الذهب والنفط، لكن بسعر أقل من السوق. كما نقلت شركة النفط الحكومية «بيتروليوس دي فنزويلا»، مكاتبها من لشبونة إلى موسكو. ونقلت روسيا النقد بالطائرة إلى كاراكاس، لدعمها بالعملة الصعبة لدرء الانهيار الاقتصادي.
رفع العقوبات
وعلى الرغم من زعم الكرملين بأن مادورو، أيد الغزو الروسي لأوكرانيا خلال مكالمة هاتفية مع بوتين، فإن هذا الغزو يضر العلاقات بين البلدين، فالعقوبات الغربية على البنوك الروسية تصعب على مادورو، إخراج الأموال من روسيا. وتقول مصادر إن الرئيس الفنزويلي طلب في الاجتماع مع الأميركيين رفع العقوبات المفروضة على البنوك الروسية مؤقتاً، للسماح له بسحب أمواله من روسيا، لكنهم رفضوا.
النفط الفنزويلي
قد يكون مادورو قلقاً من نبذ العالم لروسيا، التي باتت منافساً له في بيع النفط الرخيص. فمنذ عام 2020، كانت الصين المشتري الرئيس للخام الفنزويلي قليل السعر، لكن استيراده الآن يصبح بلا معنى إذا كان النفط الروسي على أعتاب الصين.
وتقول مصادر إن «شيفرون»، وهي آخر شركة نفط أميركية تعمل في فنزويلا، تستعد للاستفادة من تغيير نظام العقوبات، ويُسمح لها بصيانة بنيتها التحتية دون ضخ أي نفط، إذ تقدمت الشركة للحصول على ترخيص بتجارة النفط الفنزويلي.
ووفقاً لـ«رويترز»، فقد بدأت الشركة في تشكيل فريق تجاري لتسويق نفط فنزويلا.
حقوق الإنسان
لن تحتضن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، لأنها تشعر بالقلق إزاء قضايا حقوق الإنسان والديمقراطية في فنزويلا. لكن بعد اجتماع مادورو في مارس الماضي مع مسؤولين أميركيين، أطلق سراح سجينين أميركيين كانا محتجزين في كاراكاس، كما تعهد بالعودة إلى المحادثات مع المعارضة الفنزويلية في المكسيك.
وهناك خطط لنائب الرئيس الفنزويلي، للقاء الأميركيين قريباً، خصوصاً أن مجموعة من المعارضين لحكم مادورو أرسلوا طلباً إلى بايدن لتخفيف العقوبات والسماح لشركات النفط الغربية للعمل في البلاد مرة أخرى. ويشكك مراقبون في قدرة الولايات المتحدة على شراء النفط الفنزويلي. ويقولون إن شراء النفط وإبعاد مادورو عن روسيا، يعني التعامل مع نظامه كما هو، لافتين إلى أن فنزويلا ستكون قادرة على زيادة الإنتاج بعد سنوات.