رفع سعرها يزيد الطلب على سندات الخزانة الأميركية
«الاحتياطي الفيدرالي» يستخدم «الفائدة» لتضييق الخناق على التضخم
التضخم مرتفع، وأسعار الفائدة آخذة أيضاً في الارتفاع، كما أن أسعار الأسهم والعملات المشفرة تراجعت، في وقت تتزايد فيه التوقعات بشأن حدوث ركود محتمل. وتعد هذه الأوقات هي الأصعب لأي شخص سواء ادخر أو استثمر الأموال، أو يعتزم القيام بذلك، ما قد يصعب خيارات الاستثمار والادخار أمام الأشخاص، ويحددها في شراء السندات بعيداً عن سوق الأسهم.
أسئلة مهمة
لكن الأسئلة التي يطرحها الوضع الحالي، خصوصاً بعد اتخاذ مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي قراراً برفع الفائدة على الدولار، هي: كيف تؤثر أسعار الفائدة على التضخم؟. ولماذا يرفع الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة؟. وكيف يمكن أن يؤدي زيادتها إلى مواجهة هذا التضخم؟. وكيف سينتهي الأمر بإجراءات «الاحتياطي الفيدرالي» إلى التأثير على التضخم في العالم؟. تلك الأسئلة تبدو بسيطة لكن إجاباتها قد تكون عميقة، خصوصاً أن حالة التضخم في الولايات المتحدة تبدو قاتمة إلى حد ما.
مؤشر الأسعار
في أبريل 2022، وللمرة الأولى منذ أشهر، تراجع معدل التضخم السنوي بعد زيادة سعر الفائدة على الدولار. ورغم أن المشكلات الناجمة عن جائحة فيروس كورونا بدأت في الانحسار، فإن مؤشر أسعار المستهلك الذي صدر منذ أيام، يظهر ارتفاعاً في معدل سنوي قدره 8.3%، وهو قريب من أسرع وتيرة بلغها منذ عام 1981، أي أنه مرتفع للغاية. وإضافة إلى ذلك، فقد ارتفع معدل التضخم الأساسي - الذي يستثني البقالة والغاز - بنسبة 0.6% في أبريل مقارنة بالشهر السابق، وهو أسرع من ارتفاعه بنسبة 0.3% في مارس، وتلك ليست علامة جيدة.
وفي إطار ذلك، يشدد مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، السياسة النقدية لمحاربة التضخم. وبتعبير أدق، فهو يرفع سعر الفائدة قصير الأجل الذي يتحكم فيه بشكل مباشر.
التضخم والسلع
لكن كيف يحدث التضخم؟.
تقول «نيويورك تايمز»: «يحدث التضخم عندما يلاحق الكثير من المال القليل من البضائع». أي عندما يكون لدى الناس الكثير من النقود، لكن ليس هناك الكثير من السلع والخدمات لينفقوا عليها، وبالتالي ترتفع الأسعار.
وعندما ترتفع معدلات الرهن العقاري تصبح عملية شراء منزل أكثر كلفة، فزيادة سعر الفائدة قد لا يؤدي إلى خفض التضخم في أسعار المساكن على الفور، لأن المعروض من المنازل ومواد البناء والعمال محدود للغاية مع ارتفاع الطلب، وهو ما لا يستطيع «الاحتياطي الفيدرالي» فعل شيء حيال هذا النقص في العرض. لكن مع حلها ربما في غضون عام أو نحو ذلك، فإن من المرجح أن تؤدي أسعار الفائدة المرتفعة إلى تغيير العلاقة بين العرض والطلب، ما يؤدي إلى خفض معدل التضخم.
العرض والطلب
ويرى الاقتصادي في جامعة كولومبيا الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد، إدموند س. فيلبس، أن الوضع الحالي هو طلب يتجاوز العرض المتاح، وهذا يتسبب في ارتفاع الأسعار، لافتاً إلى أن «الاحتياطي الفيدرالي» يحتاج إلى «تضييق الخناق على الطلب» عن طريق رفع أسعار الفائدة.
وحذر فيلبس من أنه إذا ارتفعت أسعار الفائدة بما يكفي، فإن النمو الاقتصادي سيتباطأ وسيفقد بعض الناس وظائفهم.
وأضاف: «عندما يتبين أن معدل البطالة منخفض للغاية، وعندما يكون التضخم مرتفعاً، فإن (الاحتياطي الفيدرالي) يحتاج إلى رفع أسعار الفائدة، لكن لذلك عواقب».
هبوط ناعم
وأشار إلى أن التباطؤ الاقتصادي المرتبط بانخفاض معدل التضخم قد يتدهور إلى ركود تام، موضحاً أن «الاحتياطي الفيدرالي» يحاول تجنب ذلك بإيجاد «هبوط ناعم»، حيث النمو ليس سريعاً جداً ولا بطيئاً للغاية، والأسعار تعتبر صحيحة تماماً، مشيراً إلى أن الأسواق المالية تتفاعل مع ما يفعله «الاحتياطي الفيدرالي»، وتتفاعل أيضاً مع ما يعتزم فعله.
بدوره، يبلغ «الاحتياطي الفيدرالي» أسواق المال بالإجراءات المستقبلية، كما يستخدم البيانات الرسمية والتوقعات الاقتصادية المنشورة علناً، والمقابلات والمؤتمرات الصحفية، لإخبار الأسواق إلى أين يريد أن يتجه؟.
وقال البروفيسور فيلبس: «في هذه اللحظة، قد يخيف (الاحتياطي الفيدرالي)، الناس في الأسواق المالية»، لافتاً إلى أن الأسواق تتوقع بالفعل أن «الاحتياطي الفيدرالي» سينجح في خفض توقعات التضخم، وهذا سيخفض التضخم نفسه.
إبطاء الإنفاق
من جانبها، تقول كبيرة استراتيجي الدخل الثابت في «مركز شواب للأبحاث المالية»، كاثي جونز: «من خلال رفع أسعار الفائدة، يحاول (الاحتياطي الفيدرالي) إبطاء الإنفاق».
وتابعت: «يحدث ذلك عندما ترتفع كلفة المال للحصول على قرض لشراء سيارة أو رهن عقاري أو أي شيء آخر تريد إنفاق المال عليه، ففي مرحلة ما، سيتراجع المستهلك عن الشراء، فالكلفة المرتفعة للمال، تقلل من قدرات المستهلكين الشرائية، فيتراجع الطلب، وهذا من شأنه أن يخفض التضخم».
ورأت جونز أن «سندات الخزانة» هي إحدى الاحتمالات لتحقيق وفورات للمدخرين، كما تعتبر، (لأجل عامين)، خياراً معقولاً، إذ أنها تحقق حالياً 2.6%، أي أكثر بكثير من حساب مصرفي، أو شهادة إيداع، أو صندوق سوق المال. كما أن بعض سندات الشركات ذات الدرجة الاستثمارية، والتي تقل آجال استحقاقها عن خمس سنوات تدفع أكثر من 3.5%. ورأت أن سندات الخزانة حالياً خيارات آمنة ومحافظة، بينما تمثل أسواق المال رهانات أكثر خطورة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news