في محاولة للسيطرة على التضخم رغم قوة سوق العمل والأجور

توقعات بمواصلة «الاحتياطي الفيدرالي» رفع أسعار الفائدة

رئيس مجلس «الاحتياطي الفيدرالي»: الأجور ليست مسؤولة بشكل أساسي عن التضخم. أ.ف.ب

توقعت مصادر مصرفية في الولايات المتحدة أن يُبقي مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي على مساره في زيادة أسعار الفائدة، في إطار محاولاته المستمرة لتهدئة الاقتصاد وكبح التضخم، فيما عزز تقرير الوظائف لشهر يونيو الماضي صورة سوق العمل الذي لايزال قوياً رغم التحذيرات من حدوث ركود.

وعلى الرغم من أن بيانات العمل الإيجابية تدعم إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، فإن الزيادات السريعة في الأسعار تقلق واضعي السياسات الاقتصادية من زيادة معدل التضخم.

 

الأجور والتوظيف

وأظهر تقرير العمل الأميركي تراجعاً طفيفاً لزيادات الأجور، لكن التوظيف وأرباح الشركات ظلت قوية بما يكفي لتعزيز وجهة النظر بين مسؤولي «الاحتياطي الفيدرالي» بأن سوق العمل خارجة عن السيطرة، حيث يرتفع الطلب على التوظيف أكثر بكثير مما هو متاح من العمال. ومن المرجح أن يرفع «الاحتياطي الفيدرالي» أسعار الفائدة في اجتماعه المقبل لتقييد إنفاق المستهلكين والشركات، وإجبار الاقتصاد على العودة إلى التوازن.

 

بيانات مطمئنة

وقال رئيس «الاحتياطي الفيدرالي» في ولاية أتلانتا، رافائيل بوستيك، في مقابلة مع «سي إن بي سي»: «بدأنا نرى العلامات الأولى للتباطؤ، وهذا ما نحتاجه»، واصفاً بيانات الأجور بأنها مطمئنة. وأضاف: «نتحرك في الاتجاه الصحيح، لكن لايزال هناك الكثير الذي يتعين القيام به».

أسعار الفائدة

وبدأ مسؤولو «الاحتياطي الفيدرالي» في رفع أسعار الفائدة من الصفر تقريباً في مارس الماضي في محاولة لرفع كلفة الاقتراض. ففي الشهر الماضي، ارتفع سعر الفائدة بنسبة 0.75 نقطة مئوية، وهي أكبر زيادة فردية منذ عام 1994. وعادة، يتم رفع الفائدة بربع نقطة فقط، لكن الوتيرة ازدادت بسبب سرعة صعود معدل التضخم بشكل مقلق.

وفي حين قال «الاحتياطي الفيدرالي» إنه يناقش تحركاً يراوح بين 0.5 أو 0.75 نقطة مئوية في اجتماع بتاريخ 26 و27 يوليو الجاري، فقد رأى مسؤولون أنهم سيدعمون تحركاً ثانياً بنسبة 0.75 نقطة مئوية، نظراً لسرعة وقوة معدل التضخم.

ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية عن خبراء في «وول ستريت» تحذيراتهم من أن تؤدي سياسات «الاحتياطي الفيدرالي» إلى ركود، إذ أدى التراجع في بيانات النمو الاقتصادي، وسوق الإسكان وطلبيات المصانع إلى إثارة القلق من أن أميركا على شفا انكماش.

إدارة بايدن

واحتفل الرئيس بايدن بالتقرير، يوم الجمعة الماضي، منتقداً المعارضة التي زعمت أن الاقتصاد كان ضعيفاً للغاية، وقال: «لانزال نضيف المزيد من الوظائف أكثر من أي إدارة منذ ما يقرب من 40 عاماً».

واتفقت أصوات القطاع الخاص مع رأي بايدن بأن تقرير التوظيف أظهر اقتصاداً لا يبدو أنه يتدهور. وقال مدير الأبحاث الاقتصادية في موقع التوظيف «إنديد»، نيك بنكر: «لايزال نمو الأجور مرتفعاً، ومعدلات فقدان الوظائف منخفضة». وأضاف: «سنشهد ركوداً يوماً ما، لكنه ليس الآن».

وقد شكل ارتفاع الأسعار بسرعة وتقلص النمو الاقتصادي تحدياً للرئيس بايدن، الذي أظهر تعاطفه مع المستهلكين، لكن شعبية الرئيس تراجعت مع نمو الأسعار، خصوصاً في الأشهر الأخيرة مع ارتفاع أسعار الوقود، والتي جاوزت خمسة دولارات للغالون.

وقال بايدن إن محاربة التضخم كانت على رأس أولوياته الاقتصادية. وأضاف: «أعرف أن الأوقات عصيبة، والأسعار مرتفعة للغاية، والعائلات تواجه أزمة تكاليف المعيشة، لكن خطتي الاقتصادية تحرك البلاد في اتجاه أفضل».

البطالة والتوظيف

ونظراً لأن الأسعار تزيد معاناة المستهلكين أمام مضخة البنزين وفي محال البقالة، فإن «الاحتياطي الفيدرالي» يعتقد أنه بحاجة إلى السيطرة على التضخم بسرعة لوضع الاقتصاد على مسار نمو صحي ومستدام.

ويتوقع مسؤولون أن ترتفع معدلات البطالة في نهاية المطاف، مع زيادة معدلات الفائدة وضعف الاقتصاد، على الرغم من أنهم يأملون في أن ترتفع بشكل طفيف فقط، في وقت لايزال فيه صانعو السياسة في مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» يأملون أن يتباطأ التوظيف تدريجياً، ولكن دون إغراق الاقتصاد في ركود مؤلم.

ويراقب مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي عن كثب بيانات الأجور على وجه الخصوص. وقد ارتفع متوسط الدخل في الساعة بنسبة 5.1% حتى يونيو، بانخفاض طفيف عن 5.3% في الشهر السابق. كما ارتفعت أجور غير المديرين بنسبة 6.4% عن العام السابق. ورغم أن وتيرة الزيادة تتباطأ إلى حد ما، إلا أنها لاتزال أعلى بكثير من المعتاد، ويمكن أن تبقي التضخم مرتفعاً إذا استمرت.

وقال رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، في مؤتمره الصحافي بيونيو الماضي: «الأجور ليست مسؤولة بشكل أساسي عن التضخم الذي نشهده، ولكن في المستقبل، ستكون محورية، لاسيما في قطاع الخدمات».

وإذا رفعت أسعار الفائدة بمقدار 0.75 نقطة مئوية الشهر الجاري، فسيؤدي ذلك إلى رفع أسعار الفائدة إلى نطاق من 2.25 إلى 2.5%، كما أشار المسؤولون إلى احتمالية زيادة تكاليف الاقتراض بنقطة مئوية أخرى بحلول نهاية العام.

تويتر