الولايات المتحدة على حافة «الهاوية المالية»
التقى الرئيس الأميركي، جو بايدن، رئيس مجلس النواب، كيفن مكارثي بعد ظهر يوم الثلاثاء الماضي لمناقشة أولويات الميزانية الفيدرالية، ورفع سقف الدين في لحظة محفوفة بالمخاطر. فأموال الولايات المتحدة تنفد بسرعة وقد تعجز عن دفع فواتير الحكومة الفيدرالية. وبعد الاجتماع، صرح الرئيس الأميركي، بأن التخلّف عن سداد الدين العام «ليس خياراً وارداً»، وأن الاجتماع الذي عقده مع المعارضة الجمهورية انتهى دون التوصّل إلى أيّ حلّ للخلاف الدائر بشأن رفع سقف الدين العام، لكنّهم اتّفقوا على عقد لقاء جديد، في وقت لم يستبعد فيه بايدن إلغاء زيارته لليابان، إذا استمرت أزمة سقف الدين العام الأميركي.
الآن، أمام الكونغرس أقل من شهر لتمرير قانون يسمح بزيادة أو تعليق سقف الديون الأميركية، ويحدد للحكومة مقدار الأموال التي يمكن اقتراضها، بعد أن وصلت الولايات المتحدة إلى حد سقف ديونها القانوني البالغ 31.4 تريليون دولار في 19 يناير الماضي.
وإذا لم يتم رفع سقف الدين قبل الأول من يونيو المقبل، وقبل نفاد النقدية، فقد لا تتمكن الحكومة من دفع جميع التزاماتها المالية في الوقت المحدد، بما في ذلك رواتب العسكريين ومدفوعات السندات ومخصصات الضمان الاجتماعي. وفي حال لم يتم التوصل إلى حل، فإن ملايين الأميركيين سيتوقفون عن تلقي المساعدات الحكومية، ويمكن أن تنهار أسواق الأسهم، أو قد تنشأ أزمة دستورية.
وبعد مرور 12 عاماً على أزمة الديون الأميركية السابقة، خلال عهد الرئيس باراك أوباما، تتعرض الحكومة مجدداً لخطر التخلف عن سداد ديونها للمرة الأولى، ويطالب الجمهوريون في مجلس النواب مجدداً بخفض الإنفاق مقابل الموافقة على رفع حد الدين، مشيرين إلى تاريخ بايدن، الذي انتقد عجز الميزانية عندما كان عضواً في مجلس الشيوخ، خلال رئاسة رونالد ريغان.
وفي عام 1984، قدم اقتراحاً بتجميد الإنفاق الفيدرالي لمدة عام. الآن، في وقت تظل فيه مجموعة كبيرة من أعضاء مجلس النواب الجمهوريين موالين للرئيس السابق دونالد ترامب وترغب في إلحاق الأذى بالرئيس بايدن، كمسألة مبدأ سياسي، لا يوجد حل وسط يمكن العثور عليه في الأمور الجوهرية، بما في ذلك الميزانية.
وحذر مركز «بايبارتيسون للسياسات»، وهو مركز أبحاث يرصد الاحتياطيات النقدية للبلاد، من نفاد الأموال بين أوائل يونيو وأوائل أغسطس. وقال إن المخاطر الاقتصادية ستتزايد قبل نفاد الأموال، وأن الوفاء بالالتزامات المالية للدولة، سيصبح قريباً أكثر صعوبة.
ورأى مدير السياسة الاقتصادية في المركز، شاي أكاباس، أن «الأسابيع المقبلة حاسمة لتقييم قوة التدفقات النقدية الحكومية». وأضاف: «إذا لم يتم التوصل إلى حل قبل يونيو، فقد يخاطر صانعو السياسة في الولايات المتحدة بكارثة مالية».
وقالت صحيفة «نيويورك تايمز»، إن «التخلف عن السداد قد يأتي في وقت أقرب مما هو متوقع، مع تراجع عائدات الضرائب جزئياً، بسبب قرار هيئة الضرائب الأميركية الاتحادية، بمنح دافعي الضرائب في الولايات التي تأثرت بالطقس القاسي، مزيداً من الوقت لتقديم إقراراتهم الضريبية لعام 2022».
وقالت وزيرة الخزانة، جانيت يلين، إنه «إذا لم يتم رفع حد الدين، فسيتعين على الرئيس بايدن، أن يقرر كيفية المضي قدماً». وأضافت: «إذا لم يرفع الكونغرس سقف الديون، فسيتعين على الرئيس اتخاذ قرارات بشأن ما يجب فعله بالموارد التي لدينا، وهناك مجموعة خيارات مختلفة، لكنها ليست جيدة»، مؤكدة أن «عدم رفع أو تعليق حد الدين سيكون كارثة اقتصادية».
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي، جوشوا بولتن، إن «التخلف عن السداد سيوجه ضربة قاسية للاقتصاد، ما يؤدي إلى فقدان الوظائف على نطاق واسع، ومدخرات التقاعد المرتفعة، وتكاليف الاقتراض الأعلى للعائلات والشركات والحكومة».