محللون: الأجانب يرسمون تحركات الأسهم الإماراتية وفقاً لأهوائهم

خروج الأجانب للشهر الخامس على التوالي وقلق المستثمرين المحليين أديا لاستمرار تراجع الأسواق. تصوير: زافير ويلسون

حمّل محللون ماليون المستثمرين الأجانب في أسواق الأسهم المحلية مسؤولية الانخفاضات الحادة في مؤشرات الأداء وأسعار الأسهم.

وقالوا إنه على الرغم من الانخفاض المستمر لحصة الأجانب من أسهم الشركات الإماراتية، إلا أنهم ما زالوا قادرين على التأثير في السوق ورسم اتجاهات تحركات الأسهم في ظل عمليات البيع المكثفة التي يقومون بها بين حين وآخر.

وأشاروا إلى ضرورة قيام محافظ الأسهم المحلية بلعب دور أكبر في مواجهة عمليات بيع الأجانب والتنسيق مع الجهات الرسمية لتوفير السيولة لها، إذا كانت قد أصبحت لا تملك السيولة الكافية في ظل استمرار انخفاضات الأسهم طوال الأشهر الأربعة الماضية.

تحكم الأجانب

وقال المستشار الاقتصادي وخبير الأوراق المالية، الدكتور همّام الشمّاع «على الرغم من التراجع المستمر لحصة ملكية الأجانب في أسواق الإمارات وهبوطها من نحو 9٪ إلى أقل من 7.5٪ خلال شهر أكتوبر والأيام الأولى من الشهر الجاري، إلا أن الملاحظ هو بقاء قدرتهم على التحكم بالسوق ورسم اتجاهاتها وفقاً لرغباتهم وبما يحول دون ارتدادها بشكل قوي».

وأضاف أن «حاجة المحافظ الأجنبية إلى السيولة لتغطية جزء من تدهور مراكزهم المالية في بلدانهم الأم يدفعهم للمناورة في البيع، وقد وجد الأجانب من أسلوب تخفيف وتكثيف عمليات البيع الأسلوب الأفضل لتحقيق الهدف في التحكم في السوق، وبما يمكنهم من تصريف ما يبتغونه من الأسهم بأعلى ما يمكن من الأسعار».

واستشهد الشماع على ذلك بما حدث يوم الأحد والثلاثاء الماضيين، إذ كثف الأجانب مبيعاتهم في سوقي أبوظبي ودبي فيما خففوا من هذه المبيعات في يومي الاثنين والأربعاء، وفي سوق دبي استمروا في بيع أسهم «إعمار» ليصل عدد الأسهم المباعة خلال الفترة نفسها إلى 8.5 ملايين سهم، يليها أسهم «سوق دبي المالي» بمبيعات بلغت 6.9 ملايين سهم، ثم «أملاك» 3.3 ملايين سهم، فيما قاموا بشراء 9.8 ملايين سهم من «العربية للطيران».

وتابع «أن مبيعات الأجانب المنتظمة واليومية هي التي أضفت على الأسواق حالة من الرتابة والملل ودفعت المستثمرين للابتعاد مؤقتا عن التداول بعد أن اقتنعوا بأن الانتظار هو الحل والخيار الأفضل، خصوصاً للمستثمرين طويلي الأجل وممن ليس عليهم ديون مصرفية، وهكذا لم يبق في السوق سوى الأجانب بائعين ومقتدين بتقلبات الأسواق العالمية ومحافظ محلية مشترية بحدود محسوبة بهدف الحيلولة دون المزيد من التراجعات السعرية».

استنفاذ السيولة

ورصد الشماع أسباباً عدة لشح السيولة في أسواق الأسهم المحلية أهمها «استنفاذ المحافظ المتوسطة الحجم والمستثمرين بكل شرائحهم للسيولة الاحتياطية المخصصة للمحفظة وللتداول بالنسبة للمستثمرين، فمنذ تاريخ صدور التحذير من أعمال إرهابية في الـ12 من يونيو الماضي، باع الأجانب ما يزيد على 13.3 مليار درهم من الأسهم في السوقين، ما يعني أن مستثمرين محليين ومحافظ محلية اشترت بهذا المبلغ نفسه».

وأوضح أن «ثاني أسباب تراجع مستويات السيولة هو أن الهبوط في أسعار الأسهم، والذي جاء نتيجة لعمليات التصريف التدريجي التي قام بها الأجانب، والتي امتصت السيولة المحلية تزامن مع سحب أجانب لودائع مصرفية بالدرهم قدرت بنحو 219 مليار درهم، ما أدى إلى شح في السيولة لدى الجهاز المصرفي الذي أخذ يضغط على عملائه من حملة الأسهم المقترضين، إضافة إلى أن المصارف أخذت تدريجياً بالتشدد في منح قروض تمويل الأسهم بعد أن شحت لديها السيولة بسبب سحب الأجانب لودائعهم».

وأشار إلى أن «ثالث أسباب الندرة النسبية للسيولة يعود إلى عوامل نفسية تتعلق بالاستثمارات العقارية في الدولة والتي تباطأ أو توقف ارتفاع أسعارها، أو حتى ساد شعور بتراجع أسعار البعض منها في بعض المناطق، ما أدى إلى حالة من القلق، خصوصاً لدى المضاربين الذين يعولون على ارتفاع الأسعار لبيع العقارات التي كانوا اشتروها على الخارطة».

لافتاً إلى أنه «مع زيادة تشدد المصارف في منح القروض العقارية، أحجم المستثمرون في العقارات، ومنهم نسبة كبيرة تستثمر في الأسهم، عن ضخ سيولة في أسواق الأسهم وفضلوا التريث والانتظار بغية استيضاح معالم الأسواق في المرحلة المقبلة». وبين الشماع أن «هذه العوامل تفسر حدة التراجعات التي مرت بها الأسواق المحلية بالمقارنة مع تراجع السوق الأميركية نفسها، فالأسواق العالمية كافة شهدت تراجعات أكثر حدة من التراجعات في السوق الأميركية، على الرغم من أن الانهيارات المالية نشأت في الولايات المتحدة، وذلك لأن المؤسسات الأميركية التي تعرضت للخسائر هي المالك الأكبر للاستثمارات المباشرة وغير المباشرة في مختلف أرجاء العالم، والتي أدى سحبها أو تسييلها إلى انزلاق أسواق المال في العالم إلى المستويات الأعمق انخفاضا مقارنة بالولايات المتحدة».

خروج الأجانب

وبدورها رصدت المحللة المالية، مها كنز، عدداً من سلبيات أسواق الأسهم المحلية، فقالت «إن عملية خروج الأجانب استمرت للشهر الخامس على التوالي، فقد بدأت في شهر يونيو الماضي بمحصلة تعاملات بيع بقيمة 69 مليون درهم، ثم استمر ارتفاع تلك المحصلة السلبية في الأشهر التالية حتى بلغت ذروتها خلال شهر سبتمبر الذي خرج الأجانب فيه من السوق الإماراتية بمحصلة بيع بقيمة 4.03 مليارات درهم».

وتابعت «وفي شهر أكتوبر خرج الأجانب في نهاية الشهر بحصيلة قدرها 2.573 مليار درهم، وهي نتيجة عمليات البيع التي نفذوها، والتي بلغت 13.91 مليار درهم، مقابل عمليات شراء بلغت قيمتها 11.34 مليار درهم».

وأكدت كنز «أن هذه الأرقام تشير إلى انحسار المحصلة السلبية لعمليات بيع الأجانب، فالتأثير مزدوج بين حركة أسعار الأسهم وكمية الأسهم التي يقوم الأجانب بتسييلها، فكلما اشتدت مبيعات الأجانب من الأسهم كلما كان التأثير السلبي في الأسعار أكثر حدة، وكلما انخفضت الأسعار بشكل حاد كلما اضطر الأجانب إلى بيع كميات أكبر من الأسهم للخروج بحصيلة محددة من عمليات البيع، للوفاء بالتزاماتهم العاجلة التي فرضتها عليهم تداعيات الأزمة العالمية».

وأشارت إلى أنه «على سبيل المثال خفض الأجانب نسبة ملكيتهم في سهم «إعمار» خلال شهر سبتمبر الماضي بمقدار 1.9٪ لتصل النسبة إلى 20.85٪ بنهاية الشهر، وكانت نسبة الانخفاض السعري لسهم «إعمار» خلال هذا الشهر 15.6٪ فقد انخفض السهم من 9.18 دراهم في أول الشهر إلى 7.75 دراهم كسعر الإغلاق للشهر». ولفتت إلى «أنه في شهر أكتوبر الماضي باع الأجانب نسبة أكبر من أسهم «إعمار» بلغت 2.4٪ من أسهم الشركة لتنخفض نسبة تملكهم إلى 18.4٪، فكان الانخفاض السعري أكثر حدة وبلغ 30.6٪ خلال هذا الشهر ووصل سعر السهم إلى 5.34 دراهم».

ضغوط مكثفة

من جانبه، قال مدير قسم الأبحاث والدراسات في شركة «الفجر للأوراق المالية»، الدكتور محمد عفيفي «إن أسواق الأسهم المحلية شهدت ضغوطاً مكثفة في غالبية جلسات التداول لهذا الأسبوع كانت تكبح جماح أي محاولة أو بادرة ارتداد قوي للأسواق المحلية يمكن أن تحدث من خلال زيادة أحجام طلبات الشراء، خصوصاً في بداية جلسات التداول».

وأكد أن «تلك الضغوط كانت تأتي من جانب فئة من مستثمرين لا تزال تسيطر عليهم العاطفة في اتخاذ القرارات الاستثمارية، وكذا تسيطر عليهم فكرة التبعية الكاملة لأسواقنا المحلية وتأثرها بما يحدث في الأسواق الدولية، خصوصاً أسواق المال الأميركية».

مضيفاً أنه «على الرغم من أن تلك الضغوط كانت فاعلة في كبح محاولات الارتداد القوية للأسواق المحلية في غالبية جلسات هذا الأسبوع، إلا إنها لم تستطع كبح جماح ضغوط البيع التي سادت الأسواق المحلية في آخر جلسات التداول من الأسبوع، وكان الاعتقاد السائد أن تلك الضغوط نتجت عن معاودة الأجانب للبيع المكثف كرد فعل من جانبهم للانخفاضات القوية في السوق الأميركية والأسواق الأوروبية والآسيوية التي حدثت الأربعاء الماضي».

ولفت عفيفي إلى أن «إحصاءات تداول الأجانب في آخر أيام الأسبوع كانت بمثابة المفاجأة، إذ أظهرت صافي استثمار موجب للأجانب في كل من سوقي دبي وأبوظبي، وإن كان بقيمة ضعيفة، ما يعني أن ضغوط البيع التي ظهرت في جلسة الخميس يمكن إرجاعها إلى عمليات بيع لمستثمرين محليين سيطر عليهم الإحباط والقلق بشأن إمكانية استعادة أسواق الأسهم لمسارها الطبيعي خلال فترة زمنية قريبة».

وأشار عفيفي إلى أن «تزايد ضغوط البيع، خصوصاً في آخر جلسة من جلسات التداول لهذا الأسبوع، وما صاحبها من ضعف جهود المحافظ والمؤسسات المحلية في انتشال الأسواق من كبوتها الحالية، أديا إلى عودة الأسواق إلى الأجواء السلبية مجدداً لتسجل قاعاً جديداً، لاسيما في سوق دبي المالي الذي تأثر كثيراً بالشائعات».

واختتم عفيفي بالقول «إن العبء يقع الآن على المحافظ والمؤسسات المالية المحلية في إعادة الأسواق المحلية مرة أخرى إلى الايجابية، إذ عليها أن تكبح جماح ضغوط البيع وأن تعيد الثقة والأمل مرة أخرى إلى المستثمرين بالأسواق المحلية، وعليها كذلك البحث عن وسيلة بالتعاون مع الأجهزة الحكومية المختلفة لتوفير السيولة اللازمة لانتشال أسواق الأسهم المحلية من الهاوية التي قد تذهب إليها إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه في آخر جلسات هذا الأسبوع».



تويتر