أسعار الغذاء أدخلت 100 مليون نسمة دائرة المجاعة

افريقيا وجنوب شرق اسيا أكثر المناطق تاثرا جراء ارتفاع أسعار الغذاء. ا.ف.ب 

قال رئيس الصندوق الدولي للتنمية الزراعية «إيفاد»، لينارت بوغه «إن ارتفاع أسعار الغذاء على مدى العامين الماضيين أدخل أكثر من 100 مليون نسمة إلى دائرة المجاعة»، وأضاف أنه «على الرغم من أن ارتفاع أسعار المحاصيل يزيد من دخل المزارعين، إلا أن المزيد من المستهلكين حول العالم سيعانون أكثر وسيدخل المزيد منهم إلى دائرة المجاعة».

وأشار بوغه إلى أن «أكثر المناطق تأثراً جراء ارتفاع أسعار الغذاء كانت افريقيا وأجزاء من جنوب شرق آسيا».

وعن الآثار المحتملة للأزمة المالية العالمية على أسعار الغذاء، قال «يشكل الاقتصاد والغذاء والوقود أهم عناصر الحياة، وقد تضرر الاقتصاد العالمي بشكل كبير جراء الأزمة، وسيؤثر بالتالي في العناصر الأخرى، وقد بدأنا بالفعل رصد بوادر تأثر الفقراء بالأزمة، وهي ارتفاع في معدلات البطالة، وانخفاض في حجم الحوالات من الأشخاص العاملين إلى عائلاتهم الفقيرة».

وقال «وصل حجم الأموال التي يحولها العمال لعائلاتهم إلى 300 مليار دولار عالمياً، أما الآن فقد بدأ هذا الرقم بالانخفاض، وخصوصاً في دول أميركا اللاتينية التي كانت أولى المناطق المتضررة جراء انخفاض حجم الحوالات».

وأشار إلى «انخفاض حجم الاستثمارات الخارجية بين دول العالم إلى 300 مليار دولار بعد أن وصلت إلى 500 مليار دولار، الأمر الذي يزيد من مستوى الدخل والبطالة عالمياً، وبالتالي دخول المزيد من سكان المناطق الأقل حظاً إلى دائرة المجاعة».

وعن انعكاسات الأزمة المالية العالمية على الأمن الغذائي في منطقة الشرق الأوسط، قال «إنه من المبكر تحديد حجم تأثر القطاع الزراعي أو الأمن الغذائي في المنطقة بالأزمة العالمية».

المزارعون الصغار

وعن المزارعين الصغار قال بوغه «يوجد في العالم حالياً نحو 4000 مليون من المزارعين الصغار، الذين يزرعون نحو ثلث الأراضي المنتجة في آسيا، ويصل العدد الإجمالي للعائلات التي يعيلها هؤلاء إلى ملياري نسمة، أي ثلث سكان العالم تقريباً، لذلك فنحن نواجه مشكلات كبيرة في تحسين وضع هؤلاء وتحسين إنتاجية أراضيهم».

وأعرب عن اعتقاده أن «المزارع الصغيرة تشكل جزءاً مهماً من الحل، لكنها ليست الحل الوحيد لأزمة الغذاء»، منوهاً بوجوب «حل مشكلات صغار المزارعين لحل الكثير من القضايا المرتبطة بهم، مثل الفقر والمجاعة والأمن الغذائي في العالم»، وأضاف «كلما زاد الإنتاج الزراعي في العالم تعزز الأمن الغذائي».

وعن جهود الجهات الدولية في زيادة الإنتاج الزراعي حول العالم قال «إن تطوير القطاع الزراعي العالمي يكمن في تحسين أنواع البذور واستخدام أساليب الري الحديثة وادخال التكنولوجيا وغيرها من الطرق، وذلك سيؤدي بشكل مباشر إلى رفع دخل الأسر الفقيرة التي تعيش على وارد هذه المزارع، كما سيؤدي إلى زيادة حجم المعروض من الغذاء في العالم بما يسهم في خفض أسعاره، وبالتالي تعزيز الأمن الغذائي العالمي».

وقال «إن أسعار الغذاء تعتمد على العرض والطلب، وكان سبب أزمة الغذاء العالمية وارتفاع أسعار السلع الرئيسة، هو انخفاض حجم المعروض وارتفاع حجم الطلب بشكل كبير، وأدى ذلك بالمجمل أيضاً إلى انخفاض قياسي في المخزون الاستراتيجي للغذاء في العالم».

وأعرب عن اعتقاده أن الحل «يكمن في زيادة مساحة الأراضي المزروعة وتحسين إنتاجية الأراضي الموجودة حالياً».

التغيرات المناخية

وعن أثر التغييرات المناخية في العالم، قال بوغه «إن التغييرات المناخية الحادة مثل ارتفاع الحرارة والفيضانات التي ضربت العالم، إضافة إلى صعوبة توقع الحالة الجوية في السنوات الـ15 الماضية، كان لها أثر مباشر في تدمير الأراضي الزراعية وصعوبة تخطيط المحاصيل، بينما تستمر معدلات الحرارة في الارتفاع، ما يؤدي إلى زيادة الأمراض الزراعية وانخفاض الانتاج بشكل كبير، ثم الجفاف والتصحر».

وعن الجهود الحكومية لحل أزمة الغذاء، قال «يتوقف الأمر على الإرادة السياسية، نحن نريد قيادات تدرك حاجة العالم إلى نظام غذائي فعّال ومدروس يوفر الأمن الغذائي حتى للأشخاص الأكثر فقراً في العالم»، منوهاً بأن «العالم حالياً يشهد صحوة في هذا المجال، إذ تناول العديد من قادة العالم موضوعات الاستثمار الزراعي لأول مرة منذ 30 عاماً»، مشدداً على «ضرورة تطبيق هذه الشعارات».

وعن الحلول الفورية لأزمة الغذاء العالمية، قال «تجب إزالة القيود عن تجارة المحاصيل، إذ إن هناك دولاً لديها أراضٍ زراعية واسعة وأمطار وفيرة، بينما هناك دول أخرى ثرية لكن لا تمتلك هذه المقومات، ويجب على الطرفين التعاون وإيجاد صيغة مشتركة تضمن الأمن الغذائي للطرفين»، وأكد أن «هناك فرصاً زراعية غير مستغلة في إفريقيا وآسيا وتريد هذه الدول مساعدات دولية لتنشيط هذا القطاع».

غياب التخطيط

ولفت بوغه إلى أن «أسعار الغذاء كانت رخيصة خلال العقدين الماضيين، وسبّب ذلك غياب الخطط الزراعية طويلة الأمد، وعلينا أن نعلم أننا بعد 20 عاماً من الآن يجب أن ننتج 50٪ أكثر من كمية الغذاء الحالية، وبعد 40 عاماً يجب أن ننتج أكثر بـ100٪ من كمية الغذاء الحالية، وذلك بسبب نمو عدد السكان وارتفاع مستوى الحياة، فالكثير من البشر باتوا يتقاضـون أجوراً أعلى ويتحـسن مستوى حيـاتهم وبالتـالي يستهلكون المزيـد من الطـعام».

وأضـاف «تشهد أسعـار الغذاء في جميع أرجاء العالم ارتـفاعاً كـبيراً وستستمر في الارتـفاع، عدا السلع الغذائية الأسـاسية، كالقمح والأرز، التي بـدأت أسـعارها تنخفـض، وذلك لأن أسـعارها شهـدت في السـابق ارتــفاعاً كبيراً وغـير واقعي، إضـافة إلى أن الإنتـاج الـزراعي الـعـام الماضـي كان جـيداً، لكـن الاحتـياط الغـذائي الاسـتراتيجي لايـزال يشـهد حـالة مـن الانخفاض، ويجـب أن يـتم الاستـثمار من أجل تعزيز الاحتـياط الاسـتراتيجي والأمن الغذائي تحضيراً للسنوات السيئة».

وعن مشروعات الصندوق، قال «إن «إيفاد» تستثمر حالياً 8.4 مليار دولار في مشروعات زراعية في الدول النامية، لكننا نحتاج المزيد ونهدف إلى إضافة الرقم نفسه خلال السنوات الثلاث المقبلة، على أن تقدم «إيفاد» ٣.٥ مليارات دولار منه، أما الباقي فسنحتاجه من الدول الأعضاء في الصندوق».

وأشار إلى أن «السعودية ودولاً أخرى رفعت حجم مشاركاتها في الصندوق»، منوهاً إلى أن «الإمارات شاركت بنحو200 مليون درهم منذ تأسيس الصندوق عام 1978».

وقال «إن الأزمة المالية العالمية لم تؤثـر في الصنـدوق حـتى الآن»، مؤكـداً «ضرورة عـدم تـرك الفـقراء لمصـيرهم وسـط هذه الأزمة ووجـوب دعمـهم».

تويتر