انخفاض أسعار النفط أبرزَ الحاجة لوضع إطار دولي أكثر فاعلية للتعامل في مجال الطاقة. أ. ف. ب

توفير السيولة وضمان القروض الحل الأمثل للأزمة المالية

قال المدير العام السابق لمؤسسة «ماكينزي» العالمية، راجات غوبته «إن على الحكومات والبنوك المركزية في المنطقة أن تلعب الدور الرئيس في عـملية إعــادة الثــقة للأسواق المالية، وإعادة الإقراض بين البنوك»، وأوضح «الحل الأمثل في الوقت الحالي للتغلب على الصعوبات التي نجمت عن الأزمة المالية العالميــة هو توفير السيولة وضمان القروض القصيرة الأجل».

وعن الإجراءات التي اتخذتها الحكومات حول العالم، قال غوبته «كانت جيدة وضرورية، إلا أنها ليست كافية لإعــادة الثقة، فالأزمة تحتاج إلى المزيد من الوقت وتحتاج إلى قرارات مهمة من مجموعة العشرين تعيد بموجبها تشكيل النظام المالي العالمي الجديد»، إلا أنه أكد أن «الحالة الاقتصادية لبعض دول العالم ستكون حرجة».

وأوضح غوبته في خطاب له أمام مئات قادة الأعمال وصناع القرار من المنطقة خلال منتدى «قادة الأعمال في دبي» أن «ما يميز الاجتماع الحالي في واشنطن هو حضور السعودية ممثلة عن منطقة الشرق الأوسط، وهذا دليل على أن هناك نظاما جديدا لتدفق رأس المال في العالم، وأن دور المنطقة يتنامى في رسم الاقتصاد العالمي».

وعن العوامل التي تجنب تأثر معدلات النمو في المنطقة بالمعدلات السيئة في أوروبا والولايات المتحدة، قال «إن العامل الأهم في معدلات النمو في دول مثل الصين، والهند، ومنطقة الخليج، وجود نمو سكاني وارتفاع أعداد الأيدي العاملة، لذا فإنه إذا انخفضت معدلات النمو فستظل جيدة، وهي في وضع أفضل من دول أوروبا والولايات المتحدة»، معرباً عن اعتقاده أن «توفير فرص عمل جديدة يعد جزءاً من الحل».

وعن تأثر دول ومدن المنطقة التي تشهد نمواً كبيراً مثل أبوظبي ودبي وقطر، قال غوبته «إن أهم قضية يجب أن يعيها قادة الأعمال في المنطقة هي التركيز على مجال نشاطاتهم، والتطلع إلى الأزمة كفرصة للاستفادة من ضعف الآخرين، ودخول أسواق جديدة وشراء أصول بأسعار منخفضة».

وأشار إلى أن «سرعة ما حصل شكلت صدمة للجميع، وأدخلت السوق في حالة جمود، واعتقد أن قادة الأعمال سيبدؤون استثمار الفرص المتاحة في مجالاتهم، وتأسيس حضور جيد مع رخص التكاليف في الفترة الحالية».

ولفت غوبته إلى أن «العديد من الشركات الكبرى لم تستطع استشعار الأزمة، وذلك بسبب حدوث مجموعة من الأزمات بشكل متزامن، حيث بدأت بأزمة الرهن العقاري في السوق الأميركية، وتحولت إلى أزمة ائتمان عالمية، ومن ثم أزمة سيولة، ثم أزمة ثقة بين المستهلكين في جميع أرجاء العالم، حيث أثرت الأخيرة في حجم إنفاقهم وسببت تراجعه»، وأكد أن «توقع حجم الأزمة كان صعباً، حتى على أفضل الإداريين».

وقال «إننا مازلنا في المراحل الأولى للأزمة»، مؤكداً أن «انخفاض أسعار النفط كان ردة فعل طبيعية على ما حصل في العالم من كساد وركود، وأتوقع أن يكون الانخفاض مؤقتاً، حيث إنه أبرز الحاجة لوضع إطار دولي أكثر فاعلية للتعامل في مجال الطاقة».

وعن أولويات الاستـثمار في دول المنطقة، قال «إن القطاعــين اللذين يجب ألا يتأثرا بالأزمة هما قــطاعا الصـحة والتعليم، ويجب أن تلتزم الحكومات بتنـمية هذين القطــاعين، وقـد رأيت أن حــكومات المنطقة تستثمر في هذا السياق وتبني معاهد وكليات، وهذه خطوات جيدة».

وعن كيفية تصرف الرؤساء التنفيذيين والمسؤولين الماليين، قال «إن تأثر الشركات في أوروبا وأميركا لم يكن بسبب تقصير من الإداريين، إذ إن لكل مؤسسة نظاما ماليا محددا، كما تعتمد المؤسسات أسلوباً محدداً في جلب السيولة، وهذا ما جعلها تتأثر بالأزمة وتعيد النظر في مجمل النظام».

وأضاف أن «العديد من الشركات استطاعت التصرف بحكـمة خـلال فـترة ارتفاع أسعار المواد الأولية، وأعــادت النــظر في تركيبة منتجاتها وأســلوب تصنيعها لتوفير المال، كما أن التباطؤ العالمي يؤثر في المنافسين الأضعف، ويمنح الفرص لدخول أسواق جديدة في صلب مجالاتها».

وأشار غوبته إلى أن «الاستثمار في مشروعات الطاقة والطاقة البديلة في المنطقة أمر حيوي ومهم جداً للحفاظ على معدل نمو مرتفع».

وعن تأثير الأزمة في الصين والهند، قال «إن الاقتصاد الصيني معتمد بشكل كبير على التصدير، لذلك فإن الأزمة ستؤثر فيه، ويجب أن تحقق الصين نمواً بمعدل ٨٪ لتحافظ على الاستقرار الاجتماعي، أما في الهند فسيكون التأثير أقل، كون الهند تعتمد استراتيجية داخلية في اقتصادها أكثر من التصدير».

ورأى أن «التحدي أمام دول الخليج يكمن في تنويع قاعدة الاقتصاد، وتأسيس قطاعات جديدة والاستثمار في الصحة والتعليم».

الأكثر مشاركة