176 ألف مقيم غربي يحوّلون 2.6 مليار درهم سنوياً

تحذيرات من تبعات انفتاح سوق العمل بشكل مبالغ فيه أمام العمالة الغربية التي أثبتت فشلها في إدارة اقتصاداتها. فوتو دوت كوم

كشف تقرير رسمي حديث لغرفة تجارة وصناعة أبوظبي، أن عدد الوافدين من الدول الأوروبية واستراليا وأميركا الشمالية بلغ حتى نهاية عام 2007 نحو 176 ألف شخص، بعدما كان نحو 23 ألفاً فقط خلال عام 2005 ما يعني زيادة عددهم بنسبة تتجاوز سبعة أضعاف.

ويحول المقيمون من هذه الدول سنوياً ما يعادل  10% من إجمالي تحويلات العمالة الأجنبية للخارج، أي نحو 2.6 مليار درهم تقريباً.

وقال خبراء ومتخصصون في سوق العمل داخل الدولة، إن عدد العمالة الغربية داخل البلاد آخذ في الارتفاع، متوقعين بلوغه مستويات قياسية في الفترة المقبلة. مؤكدين لـ«الإمارات اليوم» أن العمالة القادمة من بلدان أوروبا الغربية والولايات المتحدة، آخذة في التزايد، وعزوا ذلك الى الأوضاع المالية والاقتصادية السيئة التي طرأت على هذه البلدان، والمتوقع استمرارها نحو أربعة أعوام.

وأضافوا أن السنوات القليلة الماضية شهدت طفرة كبيرة في أعداد العمالة الأجنبية الوافدة من هذه الدول، نتيجة توجه الدولة نحو مشروعات اقتصادية عملاقة في مجالات عدة، وفتح أبواب تعاون جديدة وشراكات متعددة مع هذه الدول.

وتوقّع أستاذ الموارد البشرية المساعد بكلية الإدارة والاقتصاد في جامعة الإمارات محمد راشد الوقفي، زيادة العمالة الغربية في الإمارات إلى مستويات جديدة نتيجة الأزمة الاقتصادية العالمية، وحالة الركود التي بدأت تعانيها دول الغرب، وفي المقابل نمو الاقتصاد الخليجي بشكل عام، وتزايد فرص العمل مع المشروعات الجديدة، وعدم ظهور علامات تشير إلى التأثير السلبي بهذه الأزمة في سوق العمل في الدولة، إضافة إلى المميزات والحوافز التي تتمتع بها العمالة الأجنبية عامة والغربية بشكل خاص، حيث لا يشعرون بفارق كبير حين ينتقلون إلى عمل داخل الدولة من نظام وأمن وخدمات جيدة وحوافز متنوعة.

وفسّر الوقفي هذه الزيادة أيضا بتغير طبيعة الأعمال داخل الدولة والتحوّل إلى اقتصاد المعرفة ودخول مجالات جديدة مثل الخدمات السياحية والتكنولوجية وصناعة الاستشارات والتدريب، وتوجّه المؤسسات الحكومية إلى الاستعانة بالخبرات الغربية التي تمتلك الخبرة في هذه المجالات.

عمالة متقاعدة

وحذّر الرئيس التنفيذي لمجموعة «آفاق الخليج» ياسر حسن الرواشدة، من تبعات انفتاح سوق العمل بشكل مبالغ فيه أمام العمالة الأوروبية والأميركية التي أثبتت فشلها في إدارة اقتصاداتها، خصوصاً في القطاعات المالية، وقال إن  90% من القادمين للعمل في أسواق الخليج في فترة ما بعد بداية الأزمة هم إمّا عمالة متقاعدة أو تم الاستغناء عنها بسبب الركود الاقتصادي وتخفيض حجم العمالة في الشركات الكبرى، وهذه الشركات تستغني عن العمالة الأقل كفاءة وبالتالي لا يجب أن يكون سوق العمل لدينا هو البديل لهذه العمالة، وأشار الرواشدة إلى جانب آخر من خطورة الاستعانة بهذه العمالة نظراً لما قد تشكله دولها مستقبلاً من ضغوط سياسية كبيرة على الدولة مع أقل مشكلة قد يتعرض لها أحد رعاياها، ونوه بصعوبة السيطرة على العمالة الأجنبية من دول غرب أوروبا والولايات المتحدة التي تعمل بالمفاهيم والسلوكيات السائدة في بلدانها، فلا يستطيع أي صاحب عمل أن يحتجز جواز سفر عامل غربي لمنعه من السفر بشكل فجائي على سبيل المثال.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة «أساس للاستثمار» عصام بركة، كندي الجنسية من أصل عربي، إن وفود أعداد كبيرة من العمالة الغربية صاحَبَ الطفرة العقارية في كل من دبي وأبوظبي، وأغلبهم موظفون مؤهلون بالكفاءة والخبرة، وقال إن الأزمة الحالية ربما ستدفع أعداداً أخرى من هذه العمالة باتجاه سوق العمل الخليجي، خصوصاً أنها لم تتأثر بالدرجة نفسها التي تأثرت بها الاقتصادات الخارجية، وحذّر بركة من الانجراف وراء تشغيل الموظفين طبقاً لجنسياتهم، اعتقاداً أنهم ذوو كفاءة معينة وهو ما وقع فيه شركات ومؤسسات محلية كثيرة استخدمت موظفين غربيين اتضح أنهم يعملون في غير تخصصاتهم، ما يتسبب في خسائر مالية لهذه الشركات.

وأكّد بركة أن هناك نظرة غير موضوعية منتشرة تربط بين الكفاءة المهنية والخبرة وبين جنسية الموظف، مضيفاً أنه قضى أكثر من سبع سنوات في الولايات المتحدة يعمل في مجال تدريب الكوادر البشرية في أكبر شركات النفط العالمية على أنظمة محاسبة جديدة، رغم أنه من أصل عربي، وكان يتلقى ما يسمى بدل لغة عربية، باعتباره يجيد لغات أخرى غير الإنجليزية، بخلاف ما يدور هنا، حيث يتم اللجوء إلى الغربي خصوصاً البريطاني والأميركي الأقل كفاءة والأكثر تكلفة، ويمنح راتباً أضعاف مرتب نظيره من الجنسيات الأخرى إضافة إلى «البونص» الذي يصل إلى ملايين الدراهم.

أسعار التذاكر

وأوضح الاستشاري الهندسي باتريك ألونسو إلى أن أحد أسباب زيادة نسبة الغربيين العاملين داخل الدولة هو سهولة دخول الدولة طبقاً لمبدأ المعاملة بالمثل الذي أقره مجلس الوزراء في شهر مارس عام  2001 حيث أصدر قراراً بالسماح لرعايا 34 دولة، منها الولايات المتحدة وكندا واستراليا وبريطانيا وأغلب دول غرب أوروبا، بالدخول إلى الدولة من دون الحصول على تأشيرات مسبقة، والحصول على هذه التأشيرات من منافذ الدولة، وأضاف كذلك أن انخفاض أسعار تذاكر السفر من هذه البلدان إلى الإمارات وتعدد الشركات والرحلات الجوية، أسهما في سهولة انتقال العمالة من وإلى الدولة.

مجالات متخصصة

رأى مدير عام شركة «نوكري للتوظيف» الدكتور عماد الدين عمر، أن انتشار العمالة الغربية يعد مؤشراً إيجابياً إلى مدى نجاح الاقتصاد الوطني وسوق العمل وعدم تأثره بالتداعيات الاقتصادية والمالية التي ضربت دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وأدخلتها في طور الركود لأجل غير معلوم، ولفت إلى تميز بعض الجنسيات الغربية في مجالات محددة دون الأخرى، منها على سبيل المثال تميز الاستراليين في مجالات التعليم والصحة، والبريطانيين في مجالات الصناعات الاستخراجية من نفط ومحاجر، وقال إن هناك بعض المجالات التي كان لابد من الاستعانة بالخبرات الغربية فيها، مثل صناعة الفندقة التي تعتبر جديدة على المجتمع الخليجي نوعاً ما، بينما حققت فيها الدول الغربية تقدماً كبيراً، ودعا عمر في الوقت نفسه إلى حسن انتقاء السمين من الغث، موضحاً أنه في حالة الركود الاقتصادي وزيادة نسبة البطالة قد تتسرع الشركات في تعيين موظفين غربيين في ظل كثرة الطلبات التي تتلقاها.

وأكّد مصدر في وزارة العمل - رفض الكشف عن اسمه- وجود زيادة كبيرة في أعداد طلبات تصاريح العمل للجنسيات الغربية، خصوصاً دول الاتحاد الأوروبي وأميركا الشمالية،

وأضاف أن أبوظبي تأتي في المرتبة الأولى استحواذاً على هذه التصاريح، تليها دبي، ثم بقية الإمارات، ورفضت الوزارة الكشف عن عدد التصاريح التي أصدرتها حتى الآن.

فيما أشارت إحصاءات لوزارة الاقتصاد إلى أن الوكالات الإنجليزية والأميركية والألمانية والإيطالية والفرنسية تشكل أكثر من 50% من إجمالي عدد الوكالات المسجلة داخل الدولة والبالغ عددها نحو 5000 وكالة.

تويتر